جولة بين معظم الخرافات التي رافقت البشر منذ وجودهم

لا يأتي النزوع الإنساني نحو الخرافة إلا من كونها سبقت العلم في تفسير العالم المحيط بالإنسان، وكانت وسيلة اخترعها البشر للتخفيف من القلق والحد من خوفهم ووحشتهم تجاه الظواهر الطبيعية التي لازمتهم منذ وجودهم على الأرض.

والخرافة ليست سوى فكرة قائمة على تخيلات دون وجود دليل عقلاني أو منطقي مبني على العلم أو المعرفة، وتجذب مستويات مختلفة من الناس الجاهل منهم والمتعلم، في محاولة لفهم الظواهر المحيطة بهم والسيطرة عليها.

ومع أن الخرافة تنتشر في المجتمعات البدائية قليلة الحظ من التعليم والتقدم العلمي، إلا أن المجتمعات المتقدمة لا تخلو منها.

ويسهم انهيار التعليم وقلة الوعي في انتشار الخرافة، حيث لا بد أن هناك حاجة لدى الإنسان لتفسير ما يحيط به ويؤثر فيه.

ووفرت تلك التفسيرات البدائية غير العلمية للإنسان الأمان والاعتقاد بقدرته على فهم محيطة، لا بل التأثير فيه.

النفس البشرية

وحيث وجِد الإنسان صاحبته تلك الخرافات، وبقي متمسكاً بها حتى التوصل إلى أسباب علمية تدحض تلك الخرافات وتحل مكانها.

واعتبر الباحث عادل مصطفى أن “الخرافة تتمتع بجاذبية هائلة للنفس البشرية”، مشيراً إلى أنه “مهما تقدم العلم فستظل الخرافة تحتل أعز الأمكنة في قلوب البشر”.

وأوضح مصطفى أن “ذلك يعود إلى أن الخرافة كانت هي الأصل لأنها قدمت للإنسان الوعد والسلوى يوم كان مهملاً في عالم موحش ملغز خطير”. وأضاف أن “الوعد حتى وإن كان كاذباً ليس بالشيء الهين، فهو للنفوس المغلوبة على أمرها أنيس الأيام”.

وتختص كل جماعة بشرية حول العالم بخرافاتها الخاصة بها، التي ورثتها عن آبائها وأجدادها.

الجن والأنس

وعلى رغم شيوع ثقافة تلبس الجن للبشر والمنازل، إلا أن الطب النفسي حتى الآن لا يعترف بذلك، إذ إن الدراسات المتعددة لم تتوصل إلى أي نتيجة تثبت ذلك.

وبحسب أغلب الدراسات، لا يوجد دليل علمي قاطع على مسألة دخول الجن في جسد الإنسان، ووصفت هذه الحالات بأنها عبارة عن أعراض ناتجة من اضطرابات سيكولوجية أو تعاطي بعض المواد والأدوية.

القطط السوداء

كما تشيع حالة التشاؤم من القطط السوداء في كثير من الثقافات حول العالم والسبب في ذلك عائد إلى فرضيات عدة أبرزها الممارسات السحرية في أوروبا خلال العصور الوسطى، حيث رُبط الشر وتلك الأفعال بالقطط ذات اللون الأسود.

وإضافة إلى ذلك اعتبر بابا الفاتيكان “غريغوري التاسع في القرن الثالث عشر أن “القطط السوداء مرتبطة مباشرة بالشيطان” وطالب بقتلها.

حينها، كانت القطط السوداء توضع في أكياس وتعلق على أغصان الأشجار قبل إشعار النار أسفلها مباشرة، وكلما ارتفع صياح القطط زاد اعتقاد الناس أن الشيطان سيخاف ويبقى بعيداً.

وأسهمت صعوبة رؤية القطة السوداء خلال الليل ورؤية عينيها فقط في خوف الناس منها.

رمزية الغربان

كذلك مع أن الغراب مجرد نوع من أنواع الطيور، غير أنه يتمتع بصفات أثارت الغرابة لدى البشر، مما أدى إلى استنكاره واعتباره رمزاً للتشاؤم والنحس عند بعض الشعوب، ورمزاً للسلام والتفاؤل عند الشعوب الأخرى.

وارتبط الغراب بالتشاؤم لدى العرب والمسلمين، حينما تعرف قابيل ابن سيدنا آدم من غراب إلى طريقة للتخلص من جثمان شقيقه هابيل بعد قتله، حيث رأى الغراب يدفن غراباً آخر بحسب القرآن الكريم.

أما في إنجلترا فيعود التشاؤم من الغراب إلى عصور قديمة كان يعد فيها تجسيداً لآلهة الحرب، أما في السويد فكانوا يعتقدون بأن الغربان هي أرواح الناس الذين ماتوا.

الخرزة الزرقاء

وتعتبر عديد من الثقافات في العالم “الخرزة الزرقاء” أداةً لإبطال السحر ودرء الشر، وتحصين حاملها من المخاطر، وتنتشر في عديد من دول العالم العين المرسومة على خرزة كروية، حيث بدأت باستخدامها شعوب دول حوض البحر المتوسط بهدف ترهيب الرومان نظراً لأن عيونهم زرقاء. فكانت تلك الشعوب تحمل عصياً في أعلاها، ذلك الرمز المخيف الذي يهدد باقتلاع أعينهم، أو يكتفون بإلصاقه على أبواب منازلهم، لكن بعض الروايات تشير إلى أن أصل الخرزة يرجع إلى المصريين القدماء، الذين كانوا يخافون من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء ويرفضون وجودهم على الأراضي المصرية.

الرقم 13

إلى ذلك، يسود التشاؤم من الرقم 13 في الدول الغربية، حيث تتجنب شعوب تلك الدول أن يحمل رقم منزلهم أو غرفتهم في الفندق رقم 13، كما أنهم لا يقيمون الأفراح أو المناسبات في الـ13 من الشهر.

وتختلف الروايات حول أسباب التشاؤم من ذلك الرقم، فهناك من يعتقد بأن هذه الخرافة تعود للعشاء الأخير للسيد المسيح، عندما اجتمع ثلاثة عشر شخصاً إلى مائدة طعام قبل صلبه بحسب المعتقد المسيحي، بينما يعتقد آخرون أن هذا التشاؤم على علاقة بفرسان الهيكل، فقد ألقي القبض على هؤلاء بتهمة الهرطقة يوم الجمعة، الموافق 13 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1307.

كما يعتبر بعضهم أن اليوم الذي يصادف الجمعة 13 بأنه يجلب النحس في ثقافات عدة حول العالم، فيكون يوماً مصاحباً لسوء الحظ.

ويفضل معتقدي تلك الخرافة البقاء في منازلهم والابتعاد من كل عمل ترفيهي أو مهني من أي نوع في مثل ذلك اليوم.

النقر على الخشب

ومن منا لم يلاحظ بعض الأشخاص ينقرون على الخشب أو يقم بذلك اعتقاداً بأنه يجنبه الحسد؟

ويعود ذلك إلى زمن الرومان الذين كانوا يعتقدون أن آلهتهم تعيش في الشجر، مشيرين إلى أن مسك الخشب أو النقر عليه يقربهم من تلك الآلهة وتباركهم وتحميهم من الشر أو الحس، لكن هناك تفسيراً آخر بأن هناك من كان يعتقد بأن الأرواح تعيش في نبات اسمه حورية الغابة، وأن النقر على الخشب يمنع تلك الأرواح من سماع الجملة التي قيلت، فلا تتدخل لتعكس الخير إلى شر، لكن هناك من يربط بين النقر على الخشب بلمس خشب صليب السيد المسيح، حيث كان المسيحيون يلمسون الصليب للبركة والشفاعة.

عادات دول عربية

كما تسود في دول عربية عدة عادة توزيع الخبز في حال قيام أحدهم بقتل قطة، وذلك اعتذاراً عن قتلها لاعتقادهم أن الآلهة تسكن روحها.

كما يلجأ أهالي دول منطقة الشام إلى سقاية المريض بماء من كأس خاصة كان مكتوباً عليها أسماء الآلهة السبعة للكنعانيين، حيث توضع الكأس قبل ذلك تحت النجوم.

لكن في وقت لاحق وخلال الدولة الفاطمية استبدلت تلك الأسماء بأسماء سبع شخصيات إسلامية.

وحتى وقت قريب كانت العروس في بلاد الشام تقوم بلصق قطعة من الطين على مدخل بيت الزوجية، فإن التصقت كان فألاً حسناً، وإلا فهو سيئ.

وعند الانتقال إلى منزل جديد في سوريا، يحضر الساكن الجديد نبتة خضراء ومصحفاً، ويدخل بالرجل اليمنى أملاً في جلب الخير و البركة.

أما في العراق فيكسر الناس بيضة على كل شيء جديد اشتروه حمايةً من “العين” ودرءاً للحسد.

كما تنتشر في معظم دول المشرق العربي خرافة “الجاثوم”، وهو كائن من الجن يجثم على صدر الإنسان ويخنقه أثناء نومه على ظهره.

لكن الباحثين يعتبرون ذلك مجرد كابوس بسبب الإفراط في تناول الطعام قبل النوم.

وفي الأردن تنتشر خرافة أن على من يأكل طبق “المنسف” أن يضع قدمه اليسرى في مستوى المعدة بطريقة ضاغطة قليلاً حتى لا يتعرض للنبذ.

و في لبنان لدى الشعور بالحكة في اليد اليمنى فذلك يعني أن صاحبها سيتلقى مبلغاً مالياً، أما إن كانت الحكة في اليد اليسرى فذلك يعني أن الشخص المعني سيدفع مبلغاً مالياً.

و في فلسطين يرش الأرز بعد الانتهاء من مراسم الزواج، كما يقوم الضيوف برش الأرز على كل من العريس والعروس كرمز للسعادة والحياة الأبدية وتمني الذرية الصالحة لهما.

في مصر، تنتشر خرافة “شهقة الملوخية” بحيث يتوجب على ربة المنزل أن تشهق عند سكب الثوم على الملوخية حتى تكون طبختها لذيذة.

وفي دول المغرب العربي لا يمكن دخول سكن جديد أو تدشين محل تجاري دون سكب الحليب أو ماء الزهر عند الباب، أما الأغنياء فيعمدون إلى تقديم الذبائح فالحدث يحتم “إكرام” المكان وحيطانه حتى ترضى على ساكنه الجديد.

العلكة والمظلة

وتنتشر في تركيا خرافة أن مضغ العلكة في الليل يعد نذير شؤم في الثقافة السائدة، حيث يعتقد أنه إذا مضغت العلكة بعد حلول الظلام فستجعل الشخص الذي قام بذلك يمضغ اللحم البشري أو الأجساد الميتة.

كما يعتقد كثيرون بأن فتح المظلة داخل المنزل يدل على الحظ السيئ وذلك في خرافة قديمة تعود إلى 1200 قبل الميلاد.

عندها كان الكهنة وأفراد الطبقة الملكية في مصر القديمة يستخدمون المظلات المصنوعة من ريش الطاووس وورق البردي لحمايتهم من أشعة الشمس الحارقة.

وتشير تلك الخرافة إلى أن فتح المظلة في الداخل بعيداً من أشعة الشمس يسبب غضب إله الشمس، مما يؤدي إلى نتائج سلبية.

Follow Us: 

اندبندنت

Leave A Reply