أسابيع “حرجة جدا” مقبلة على لبنان.. حرائق الغابات تتجاوز “الخطوط الحمراء”

تدخل معظم المناطق اللبنانية خلال الأيام والأسابيع المقبلة، في دائرة “الخطر الشديد” نتيجة الظروف المناخية المؤاتية في هذه المرحلة من العام، لاندلاع الحرائق وتمددها وتحولها إلى كوارث بيئية كالتي شهدتها البلاد خلال الأعوام الثلاث الماضية.

هذا الخطر استدعى بياناً من وزارة البيئة اللبنانية حذرت فيه من معاودة ارتفاع مؤشر خطر اندلاع الحرائق في الأيام المقبلة، اعتماداً على ما يظهره نظام “مختبر الحرائق” التابع لجامعة “البلمند” والذي يقيس الأحوال الجوية مع اتجاه الرياح ودرجات الحرارة فضلا عن نسب الجفاف، وعليه تم تصنيف مناطق واسعة في محافظات عكار والبقاع وجبل لبنان والجنوب والنبطية ضمن دائرة الخطر.

ونبهت الوزارة من حرق المخلفات الزراعية واستعمال أي مصدر للنار “يزيد من خطر حدوث حرائق كارثية لا يمكن السيطرة عليها بسهولة”، طالبة من السلطات المحلية وقوى الأمن تطبيق القوانين وخاصة قانون الغابات الذي يحظر إضرام وإشعال النيران في كافة المناطق اللبنانية التي فيها أحراج، أعشاب، نباتات، محميات طبيعية قابلة للاشتعال، خلال موسم الحرائق الممتد من 1 يوليو حتى 31 أكتوبر، “للحؤول دون اندلاع الحرائق وتشكيل خطر على سلامة وحياة المواطنين وممتلكاتهم ومنعا لأي خسائر بيئية في ثروة لبنان الطبيعية”.

مرحلة “حرجة جدا”

الوزارة حثت المواطنين على التنبه من خطر اندلاع النيران، والإبلاغ الفوري عن مخاطر حدوث أي حريق للدفاع المدني، وذلك ضمن الجهود المبذولة لمواجهة موسم حرائق الغابات وخاصة في الأسابيع المقبلة التي قد تكون “حرجة جدا” وفق وصف وزارة البيئة.

العام 2020 فقد سجل خسارة 7000 هكتار

هذه الجهود تأتي بعد 3 سنوات كارثية مرت على لبنان منذ العام 2019، حيث خسر نحو 12 ألف هكتار من ثروته الحرجية، وهي مساحة كبيرة قياساً إلى مساحة لبنان الصغيرة والمساحات الخضراء فيه الآخذة بالتقلص.

ويبلغ معدل مساحة الأراضي الخضراء التي يخسرها لبنان سنويا بنحو 1000 هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع)، لكن السنوات الماضية تجاوزت خسائر الحرائق المعدل السنوي، حيث سجل العام 2019 خسارة 3000 هكتار، أي 3 أضعاف المعدل السنوي، أما العام 2020 فقد سجل خسارة 7000 هكتار.

ويخشى المعنيون أن يتكرر هذا الموسم سيناريو العام الماضي، الذي سجل بدوره أرقاماً قياسية لناحية الخسائر في الغابات، حيث اندلع أكثر من 90 حريقاً خلال 48 ساعة في معظم المناطق والمحافظات اللبنانية، من بينها أكبر حريق في تاريخ لبنان سجل في غابات منطقة القبيات شمال البلاد، حيث استمر لأيام متتالية ووصل إلى الحدود السورية قاضياً على آلاف الهكتارات.

وأدت حرائق العام الماضي إلى خسائر فادحة قدرت بـ 360 مليون متر مربع، تشكل نحو 10 في المئة من المساحات الخضراء في لبنان البالغة نحو 3660 مليون متر مربع، وتمثل 35 في المئة من مساحة لبنان.

وفي هذا الإطار يشرح رئيس “الحركة البيئية اللبنانية” بول أبي راشد أن حريق القبيات وحده حمل خسائر تناهز خسائر العام الماضي كله، “وهذا يعطينا صورة عن مدى تفاقم المشكلة في لبنان”.

ويضيف في حديثه لموقع “الحرة” أن “مراقبة الخرائط المنشورة لأماكن خطر اندلاع الحرائق، تشير إلى واقع أخطر، حيث نلاحظ أن الحرائق التي اعتدنا ان تتركز في أماكن منخفضة الارتفاع عن سطح البحر، باتت تتجه نحو أعلى المناطق في لبنان عن سطح البحر، وهنا نتحدث عن أحراش وغابات الأرز والمحميات”.

تجاوز للخطوط الحمراء

مطلع الشهر الحالي، شهد لبنان حريقاً غير معتاد لناحية موقعه الجغرافي، حيث طال محمية أرز تنورين التي تمثل قيمة طبيعية وبيئية ومعنوية كبيرة للبنان الذي يتخذ من شجرة الأرز رمزاً وطنياً يتوسط علمه.

يقول أبي راشد “ولولا الجهود المبذولة والتكاتف بين شبان المنطقة والدفاع المدني والجيش اللبناني، لاحترقت المحمية بأكملها في لمح البصر”.

وخسرت المحمية نتيجة الحريق الذي استمر 3 أيام، نحو هكتارين من مساحتها البالغة نحو 150 هكتاراً، وذلك بسبب الصعوبات التي واجهت فرق الإطفاء والمتطوعين، لناحية امتداد النيران إلى أماكن وعرة يصعب الوصول إليها واخمادها، فضلاً عن الرياح التي ساهمت في تمدد النيران واندلاعها من جديد، إضافة إلى الضباب الذي عرقل وصول طوافات الجيش اللبناني للمساعدة.

هذا الأمر لم يكن يحصل في الماضي، بحسب أبي راشد، “لأن العوامل المناخية ما كانت تسمح باندلاع الحرائق في الأماكن المرتفعة”، ويضيف “من هنا نعلم اننا دخلنا في تغير مناخي جدي وحقيقي مخيف يمكن أن يطيح بكل شيء، حيث لم يعد هناك خطوط حمراء، فمحمية أرز الشوف على سبيل المثال تتعرض للمرة الثانية لتهديد النيران، بعدما وصلت الحرائق إلى حدودها في مناطق باتر ونيحا”.

ويرى الناشط البيئي أن هذا العامل المناخي المستجد، بالإضافة إلى كل العوامل السابقة “تجعلنا في حالة رعب من المستقبل المقبل على المساحات الخضراء في لبنان”.

وأدت الحرائق الكارثية في الأعوام الماضية، إلى خسارة لبنان مساحات كبيرة من الأشجار المعمرة كالصنوبر والزيتون واللزاب والسنديان والشوح التي يصعب إعادة انباتها وتعويض الخسائر فيها لكون نموها يتطلب عشرات السنوات من العناية الخاصة، لاسيما وان الحرائق لا تقتصر أضرارها على الشجر وحسب، بل أيضا تؤثر على نوعية التربة وتجعلها اكثر هشاشة نتيجة الحرارة، كما تفقدها التنوع البكتيري وتقتل الحشرات اللازمة للتربة، ما يجعلها أقرب إلى مرحلة التصحر، فضلاً عن خسارة أعداد كبيرة من الحيوانات والطيور التي تعيش في تلك الغابات.

300 حريق في الشهر

تظهر البيانات الدورية للمديرية العامة للدفاع المدني، حجم الحرائق التي يسجلها لبنان في مدى زمني قصير (24 – 48 ساعة)، وفي آخر بيان للدفاع المدني فقد سجل 35 حريق في 24 ساعة، فيما البيان السابق كان قد سجل 40 حريقاً.

هذه الأرقام كبيرة نسبة للمعدل اليومي المسجل للحرائق في لبنان، والذي يبلغ نحو 10 حرائق في اليوم ونحو 300 حريق في الشهر، وفق رئيس شعبة الخدمة والعمليات في الدفاع المدني منصور سرور.

سرور يشرح في حديثه لموقع “الحرة” أن ما يسجل ليس كله حرائق غابات وأحراش، بل تتوزع على حرائق سيارات، ومنازل ومصانع وكهرباء وغيرها. مضيفا أن عدد الحرائق المسجلة في لبنان لهذا العام حتى الان لا تزال ما دون المعدل السنوي.

ويستدرك سرور مشيراً إلى أن موسم الحرائق يبدأ من منتصف شهر سبتمبر وحتى منتصف شهر نوفمبر، حيث يبلغ الجفاف أقصى مراحله وتترافع مع مراحل الحصاد، وبالتالي لا يمكن التنبؤ بنتائج هذا العام قبل تخطي هذه المرحلة الدقيقة.

معظم الحرائق.. مفتعلة

وكان لبنان قد شهد حرائق كبيرة عدة منذ بداية موسم الصيف، إلا أنها جاءت في توقيتها من خارج موسم الحرائق، وهو ما يدفع باتجاه استبعاد الأسباب المناخية والطبيعية، حيث يرى رئيس شعبة الخدمة والعمليات في الدفاع المدني أن معظم الحرائق التي اندلعت في الآونة الأخيرة “هي حرائق مفتعلة وليست لأسباب طبيعية أو متعلقة بالمناخ”.

لافتا إلى أن المديرية العامة للدفاع المدني تصدر بيانات تحذيرية باستمرار في ظل موجات الحر استناداً إلى مدى ارتفاع مؤشر حرائق الغابات، وذلك وفقاً لنشرة احتمال اندلاع حرائق الغابات التي تستند على مراقبة المناطق عبر الأقمار الصناعية ودراسة الأرض والمناخ والرياح، “لذا ننصح الناس بعدم اشعال النار في تلك المناطق بسبب المخاطر، لكن ارتفاع الحرارة وحده ليس مسبباً أساسياً للحرائق، علماً أن بعض الحرائق في الغابات الكبيرة مثلا تكون بسبب تساقط أوراق الأشجار التي تتفاعل مع العوامل المناخية، ما يؤدي إلى افراز كميات كبيرة من غاز الميثان من شأنها ان تؤدي إلى اندلاع حرائق أيضاً”.

أدت حرائق العام الماضي إلى خسائر فادحة قدرت بـ 360 مليون متر مربع

وكانت جمعية “الأرض لبنان” التي يترأسها أبي راشد، قد أطلقت في الأيام الماضية حملة توعوية لناحية دور الإنسان في التسبب بالحرائق، وركزت الحملة في انطلاقتها على تأثير رمي السجائر في الطبيعة، بكونها تمثل شرارة أولى للحرائق.

وفي هذا السياق يؤكد أبي راشد أن هناك كثير من مسببات الحرائق الانسان مسؤول عنها وليس فقط السجائر، ويضيف “بدأنا بموضوع السجائر لأنه بات من الواضح أن معظم الحرائق التي تندلع على الأوتوسترادات وجوانب الطرقات وتتمدد إلى داخل المساحات الخضراء، معروفة الأسباب، وأغلبها بسبب رمي أعقاب السجائر.

رمي السيجارة يحمل رمزية لكل التصرفات العشوائية وغير المسؤولة التي يمارسها الناس وتؤدي في نهاية الأمر إلى كوارث بيئية وحرائق مدمرة، بحسب ابي راشد.

ويتابع “هناك مزارعون يعمدون إلى تعشيب أرضهم فيستسهلون إشعال الحشائش اليابسة دون الالتفات إلى خطورة الأمر، لاسيما في ظل وجود رياح، حيث سرعان ما تتمدد النيران من الأراضي الزراعية إلى الغابات والأحراش والبساتين.”

ويحمل أبي راشد مسؤولية كبيرة للبلديات التي ترمي النفايات في مناطق نائية ضمن نطاقها، “أحيانا تشتعل المكبات من تلقاء نفسها وأحيانا أخرى تحرق عن عمد للتخلص من الروائح، وفي هذه الأماكن النائية سرعان ما يتحول إلى حريق يمتد في المساحات الخضراء المجاورة.”

الخبير البيئي يشرح أن الظروف المؤاتية لاندلاع الحرائق لا تتوفر كل يوم، “ولكن حين تتوفر عناصر الحر والجفاف والرياح، تكفي شرارة واحدة في هذه الظروف ان تتحول إلى حرائق ضخمة. حتى كثرة الزجاج في الطبيعة يرفع احتمالات أن تتسبب بالحرائق، ولكن هذه الاحتمالات جدا ضئيلة وباتت شماعة ترمى عليها الحرائق المفتعلة من الانسان”.

سجل 35 حريق في 24 ساعة

تجار الفحم والحطب

وأدى الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات، الناجم عن الازمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ 3 أعوام، إلى لجوء نسبة كبيرة من المواطنين لخيار التدفئة على الحطب، الذي وإن لم يكن مبيعه اليوم أرخص من المحروقات، ولكن تجاره يجدون في غابات لبنان وأحراشه مصدراً مفتوحاً ومجانياً لجمع الحطب وقطعه، ما يحقق لهم أرباحاً كبيرة.

العامل الأخير التي يتطرق إليه رئيس “الحركة البيئية اللبنانية” هو عامل الحرق عن قصد، الذي يختلف عن الأسباب المفتعلة عن غير قصد، حيث يمثل هذا السلوك الرعب الأكبر بالنسبة لأبي راشد، “خاصة في ظل الأوضاع الحالية، حيث بات هناك من يتعمد إحراق أحراش من أجل تبرير قطع الأشجار بعد احتراقها، لكون القانون يمنع قطع الشجر الأخضر، مع ان قانون الغابات واضح حيث يحظر قطع الأشجار في المناطق المحترقة، وذلك منعا لافتعال الحرائق بهدف القطع، وبالتالي حتى ما يجري اليوم هو مخالف للقانون بكل الأشكال”.

من جهته يؤكد سرور أن المسبب الأول للحرائق هم تجار الفحم والحطب، مضيفا أن المشكلة ازدادت في السنوات الماضية بسبب الأحوال المعيشية الصعبة التي دفعت بالناس إلى مختلف الأساليب لتوفير بعض الأموال.

وتعد السلطات اللبنانية المواطنين في كل عام يشهد حرائق بإجراء تحقيقات وملاحقة الفاعلين، إلا أن أي من تلك التحقيقات لم تصل إلى خاتمة توضح المسؤوليات وتحقق العدالة وتحمي الثروة الخضراء.

يذكر أن المادة 593 من قانون العقوبات اللبناني تنص على عقوبة السجن سنة واحدة لكل “من تسبب بإهماله أو بقلة احترازه أو عدم مراعاته للقوانين أو الأنظمة بحريق شيء يملكه الغير. وإذا كان الجرم تافهاً فلا تتجاوز العقوبة الثلاثة أشهر”.

تأثيرات الأزمة الاقتصادية

إلا أن تأثيرات الأزمة لا تقتصر فقط على الحرائق المفتعلة، بل تصل أيضاً إلى قدرة السلطات والمعنيين على مكافحة الحرائق بعد اندلاعها، والوقاية المسبقة منها.

وبحسب سرور، يتأثر الدفاع المدني اللبناني بالأزمة الاقتصادية في لبنان كما غيره، “حيث يواجه مشاكل كبيرة في التجهيزات اللوجستية وصيانة المركبات، فالمركبة التي تتعطل تصبح خارج الخدمة بسبب عدم القدرة على صيانتها، فيما الاعتمادات المخصصة لذلك لا تكفي لتسديد هذه التكاليف، حتى أنه بات من الصعب تحمل التكاليف التشغيلية كالمحروقات مثلاً اللازمة لتشغيل المركبات والتنقل”.

هذه الأرقام كبيرة نسبة للمعدل اليومي المسجل للحرائق في لبنان

هذه الأرقام كبيرة نسبة للمعدل اليومي المسجل للحرائق في لبنان

ويلفت إلى أن هناك بعض المتبرعين الذين لا يرضون بواقع الدفاع المدني في بعض المناطق فيبادرون للتبرع والمساعدة.

فضلا عن ذلك بالنسبة فإن الغالبية الساحقة من عناصر الدفاع المدني هم من المتطوعين (8589 متطوعاً)، يؤدون المهام الموكلة إليهم بالرغم من الظروف القاهرة التي ترخي بثقلها على البلاد، وفق سرور، والتي تحول دون تمكنهم من تحمل أعباء كلفة التنقلات للوصول إلى المراكز، ومع ذلك فإنهم يسارعون لتلبية نداء الواجب الوطني والانساني دون أي تأخير”.

يذكر أن هناك نسبة كبيرة من المتطوعين في الدفاع المدني، يطالبون بتثبيتهم كموظفين، وهو ما من شأنه أن يبدل في ذهنية العمل لدى الدفاع المدني، من الشكل التطوعي إلى الشكل الوظيفي الذي من شأنه أن يكون أكثر إنتاجية والتزاماً على صعيد المهمات المناطة بهم.

وفي هذا السياق يلفت سرور إلى أن ملف تثبيت المتطوعين قد بلغ مراحل متقدمة باتت معلومة لدى الجميع، وما أن يصل إلى خواتيمه المرجوة ستكون الجهوزية في كافة المراكز الإقليمية والعضوية.”

الدولة الغائبة

وكان قد شهد الأسبوع الماضي اجتماعاً للجنة البيئة النيابية بحضور عدد من النشطاء والمعنيين من أجل التحضير لموسم الحرائق المقبل، حيث دعا الاجتماع كل الوزارات المعنية: البيئة، الاشغال العامة والنقل، الزراعة، الداخلية والبلديات، والمال، الى اجتماع عام يخصص مع لجنة البيئة لإيجاد الاطر التنفيذية تحت طائلة المسؤولية.

وطلب رئيس اللجنة النائب غياث يزبك أن “لا يتحجج أحد ويقول إن لا امكانات مالية ومادية، يجب علينا كلنا أن نجترح القوة والوسائل الضرورية الناجحة لمكافحة الحرائق بأي ثمن وكيف ما اقتضت الظروف وبالإمكانات الموجودة، لأنه لن يبقى عندنا بساط أخضر أو غابات في حال استسلمنا كما هي مستسلمة السلطة التنفيذية وبائعة الشعب والغابات والاحراج للذئاب”.

شهد لبنان حريقاً غير معتاد لناحية موقعه الجغرافي

كلام يزبك يشير إلى واقع الأمور في لبنان لناحية غياب السلطات المعنية عن المشهد العام للحرائق في لبنان، ففي مقابل كل تلك الكوارث “هناك غياب كبير لدور السلطات اللبنانية في معالجة هذه المشاكل”، وفق ما يؤكد أبي راشد.

ويلفت الناشط البيئي الذي شارك بدوره في الاجتماع النيابي، أنه “منذ وصول رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون إلى سدة الرئاسة، وهو يعرقل توقيع مرسوم تعيين مأموري أحراش (حراس) لأسباب طائفية تتعلق بالتوازنات في التوظيفات، وبالتالي اليوم ليس لدينا حراس أحراش يسهرون على حمايتها لهذا السبب.”

ويتابع “الدولة أيضا لا تمول أي مبادرات او حاجات لوجستية لمكافحة الحرائق، أنا مثلاً اضطررت لأن اتسول 8000 دولار من أجل تجهيز آلية صغيرة لمكافحة الحرائق، كي نتمكن من التدخل عند مشاهدتنا لأي حريق، وكي لا نشعر أننا مكبلين، فيما الدولة اللبنانية تستطيع بطرق عدة أن توقف بعض الهدر، وان تخصص أموالاً لمكافحة الحرائق، وهذه المشكلة مزمنة في لبنان، فلا حافظوا على الدفاع المدني، ولا طوروا من قدراته بل باتت آليته اليوم خارج الخدمة.”

“وبالتالي لدينا عامل سلبي جديد يساهم في تعاظم الحرائق وارتفاع مخاطرها هو ان السلطات المعنية كالبلديات والوزارات والحكومة في غيبوبة تامة عن ملف الحرائق، وهو ما يهدد الثروة الحرجية في لبنان. إذ لا أحد يمكنه ان يحل مكان قدرات الدولة ولكن اذا ما بقيت الدولة متجهة لمزيد من الضعف، سنرى مزيداً من المبادرات الفردية، لملئ الفراغ والدفاع عن الغابات.”

وزارة البيئة تحاول

يذكر أن وزارة البيئة اللبنانية كانت قد أطلقت خطة عمل متواضعة للوقاية والحد من حرائق الغابات تقوم على رفع الوعي وإطلاق الحملات الإعلانية والندوات بالتعاون مع الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي لشرح أهمية حماية الغابات ومخاطر الحرائق.

وتسعى الوزارة للعمل مع باقي الوزارات والبلديات لرفع الاسباب التي تفاقم حرائق الغابات، من النفايات وغيرها من الأمور.

ويلفت وزير البيئة ناصر ياسين إلى أن نظام الإنذار المبكر والتحذيرات المسبقة التي تصدرها وزارة البيئة لاطلاع المواطنين على الأماكن الأكثر تهديدا بالحرائق، هي جزء من خطة العمل الموضوعة للوقاية.

ويسعى الوزير إلى تعميم فكرة “فريق استجابة أولي” يقوم على توزيع فرق محلية في كل منطقة، جاهز للوصول الى الحريق بسرعة كبيرة قبل تمدده، حيث تم تقسيم لبنان الى 15 منطقة وتحديد فرق للرصد والمراقبة والتدخل السريع، مجهزة بآليات صغيرة للوصول الى اماكن الحريق، بانتظار وصول عناصر الدفاع المدني للإخماد النيران، فضلاً عن التنسيق مع الجيش اللبناني وقواته الجوية لتأمين الطوافات المساعدة في عمليات الإخماد.

إلا أن تلك الخطة التي تعتمد بالدرجة الأولى على المبادرات الفردية والعمل التطوعي، من غير المتوقع ان تعوض الغياب الكبير للسلطات اللبنانية وتضاؤل دعم الدفاع المدني، على الرغم من الحماسة الكبيرة التي باتت تسجل لدى اللبنانيين للتطوع في المحافظة على الطبيعة.

ويختم أبي راشد لافتا إلى تسجيل وعي شعبي كبير، أدى إلى تدخل تطوعي من المواطن اللبناني في اخماد الحرائق ضمن المناطق والبلدات، ومساعدة الدفاع المدني، ويزداد هذا الوعي في جميع المناطق، التي باتت تسجل مشهديات تعاضد وتكاتف جميلة جداً في المجتمع يجب أن تعمم على كل لبنان.

حسين طليس – الحرة

Follow Us: 

Leave A Reply