هل يعود هوكشتاين بالردّ الإسرائيلي «النهائي» قبل 25 آب الجاري بعد أن فعلت المسيّرات وفيديو المنصّات فعلها؟!

يعود الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين الى لبنان بعد نحو أسبوعين، في زيارة خامسة له كوسيط، لاستكمال المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين التي اتسمت حتى الآن، كلامياً، «بالتفاؤل المفرط». وكان حدّد لبنان تاريخ 25 آب الجاري كموعد أقصى لعودة هوكشتاين بالردّ الإسرائيلي على طرحه الأخير الذي وجده الوسيط للمرّة الأولى «موحّداً».. غير أنّ ما جاء على لسان بعض المسؤولين اللبنانيين خلال زيارة هوكشتاين بدا متناقضاً بعض الشيء، لكننا لن نتوقّف عنده الآن.

وما جرى الإعلان عنه هو أنّ لبنان طالب «الإسرائيلي» عبر الوسيط الأميركي بأنّه يريد الحصول على الخط 23 بشكل قاطع، مع جٓيب لضمّ حقل «قانا» كاملاً، على أن يُكمل هذا الخط مساره بعد هذا الحقل مستقيماً من دون أي انحراف أو تعرّج، ومن دون أي شِركة فيه، مع عدم اقتطاع أي جزء من بلوكاته الحدودية 8 و9 و10.. فضلاً عن رفض أي تقاسم للثروات مع العدو الإسرائيلي، وعدم الموافقة على استفادة كلّاً من الجانبين من العائدات المالية لأي حقول مشتركة. فهل سيوافق «الإسرائيلي» المستعجل للبدء بإنتاج الغاز من حقل «كاريش» في الفترة الممتدة ما بين 4 و11 أيلول، على مطالب لبنان التي تدخل ضمن حقوقه الطبيعية، أم سيبقى متمسّكاً بالحصول على جزء من البلوك 8، وعلى الجزء الجنوبي من حقل «قانا» الذي يتعدّى الخط 23؟ علماً بأنّ لبنان من خلال تخلّيه، شفهياً، عن الخط 29 الذي يمرّ بمنتصفه ويقطعه قسمين، قد قدّم حقل «كاريش» كاملاً للإسرائيلي، وكان يُطالب بالحصول على قسمه الشمالي الذي يدخل ضمن الخط 29. ولكن يبقى هذا الخط، بحسب المسؤولين اللبنانيين، أحد الخيارات التي يمكن أن يعود لبنان الى اللجوء إليها في حال لم يوافق «الإسرائيلي» على طروحات لبنان الأخيرة وبقي على تعنّته وإصراره على الإستيلاء على حقوق لبنان البحرية؟!

أوساط ديبلوماسية مطّلعة على ملف ترسيم الحدود رأت أنّ الأميركي قد خفّف أخيراً من لهجته «التهديدية»، ومن الشروط التي كان يتمسّك بها إرضاء للإسرائيلي، لا سيما بعد كلام السيد حسن نصرالله الأخير عن الترسيم، وبعد إطلاق «حزب الله» للمسيّرات فوق سفينة «إنرجين باور» التي ترسو في المياه الإقليمية قريباً من المنطقة المتنازع عليها، فضلاً عن مقطع الفيديو الأخير الصادم الذي بثّه الإعلام الحربي في المقاومة حول إحداثيات منصات الغاز على الساحل، ولا سيما منصة «كاريش».

وتقول انّ هوكشتاين، بعد كلّ هذه المعطيات قد سأل المسؤولين اللبنانيين عن الضمانات لعدم استخدام المقاومة القوة العسكرية في حال بدأت «إنرجين باور» عملها في إنتاج الغاز في أيلول المقبل. غير أنّه لم يحصل منهم على أي تطمينات، سيما أنّ لبنان الذي يملك المستندات القانونية القويّة التي تُثبت حقّه كاملاً في المنطقة المتنازع عليها، بات أقوى اليوم مع التهديد بضرب «إنرجين باور»، في حال بدأت عملها قبل الإتفاق معه، ليس وفق معادلة «قانا مقابل كاريش»، إنَّما وفق معادلة «لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا». وهذا يعني أنّ لبنان يُطالب العدو الإسرائيلي بأن يرفع «الحظر» عن شركة «توتال» الفرنسية التي ترأس «كونسورتيوم الشركات»، والملزّمة من قبل الحكومة اللبنانية بأعمال التنقيب والإستخراج في البلوك 9 اللبناني أي في حقل «قانا» الواعد. ولا تلبث «توتال» تؤجّل البدء بعملها فيه، وقد حدّدت هذه المرّة تاريخ أيّار 2025، متذرّعة بأنّها لا تعمل في منطقة خطِرة ومتنازع عليها. فيما الضغوطات الإسرائيلية تمارس عليها لتأجيل مجيئها الى المنطقة لأطول فترة ممكنة.

وكلّ هذا يعني، على ما أوضحت الأوساط نفسها، أنّ على العدو الإسرائيلي أن يُطمئن شركة «توتال» بأنّه يمكنها المجيء لبدء أعمالها في البلوك 9 التابع للبنان، إمّا عن طريق توقيع الإتفاق بين الجانبين، أو عبر رفع الضغوطات التي تمارس عليها من قبله، وتغضّ الولايات المتحدة الطرف عنها.

وتساءلت عمّا يجعل هوكشتاين «المتفائل جدّاً»، والمستعجل لإبرام الإتفاقية بين لبنان والعدو الإسرائيلي يأخذ أكثر من أسبوعين للعودة بالردّ الى المسؤولين اللبنانيين في الوقت الذي كان بإمكانه العودة مباشرة بعد زيارته الى تلّ أبيب التي تلت زيارته الى لبنان، وقيل إنّها «سريّة»، وذلك عن طريق قبرص أو اليونان أو أي بلد آخر في المنطقة. وأوضحت الأوساط عينها أنّ العدو الإسرائيلي يريد توقيع الإتفاق لكي تبدأ «إنرجين» عملها بسلام في حقل «كاريش»، غير أنّ الأميركي يودّ في الوقت نفسه، تمرير بعض الوقت في انتظار نتائج الإنتخابات الإسرائيلية التي يُتوقَّع أن تجري في تشرين الأول المقبل. ولهذا فهو يبثّ أجواء تفاؤلية، ويأخذ المزيد من الوقت قبل العودة، في الوقت الذي كان بإمكانه اعتماد الجولات المكوكية لو أراد فعلاً إنهاء الملف سريعاً. أمّا لبنان فيحاول الإستفادة من الفرصة المتاحة أمامه لبدء أعمال التنقيب في حقل «قانا»، بعد أن أبدى قوة قانونية وعسكرية، وأظهر أنّه ليس لقمة سائغة يمكن للإسرائيلي التهامها عن طريق الإحتيال واستغلال الظروف الحالية للبنان.

وتجد أنّ الأجواء التفاؤلية من قبل هوكشتاين مقصودة… ففي حال لم يتمّ التوصّل الى توقيع أي إتفاقية بين لبنان والعدو الإسرائيلي، يلقي المسؤولية عندئذ على المسؤولين اللبنانيين… غير أنّ هؤلاء قد جاوروه في هذا التفاؤل وذهبوا الى حدّ القول انّ الإتفاق قد أصبح في خواتيمه ما يُبعد أي لوم عنهم. وأشارت الى أنّه على الأميركي والإسرائيلي أن يُقرّرا العودة بالردّ «النهائي» الى المسؤولين اللبنانيين قبل دخول لبنان في جلسات الإنتخابات الرئاسية… فسفينة «إنرجين باور» لا يمكنها العمل في الفترة الممتدة ما بين 4 و 11 أيلول المقبل، كما هو مقرّر، على إنتاج الغاز من حقل «كاريش» وتوزيعه الى الدول الأوروبية، ما لم يُعطِ الإسرائيلي الضوء الأخضر لشركة «توتال» للبدء بعملها في حقل «قانا» قريبا»، وتوقيع الإتفاقية بين الجانبين، وإلّا فسيكون عمل «إنرجين» مهدّداً عسكرياً.

Leave A Reply