في ذكرى الاستعمار والتحرير.. كيف نهبت فرنسا كنوز الجزائر؟

تحل اليوم ذكرى بداية الاستعمار الفرنسي للجزائر بدخول الفرنسيين العاصمة الجزائرية في 5 يوليو/تموز 1830، وهو اليوم نفسه الذي نالت فيه الجزائر استقلالها عام 1962، بعد 132 عاماً من الاستعمار نُهِبت خلالها كنوز هائلة من الجزائريين.

فرضت السلطات الاستعمارية الفرنسية نهباً ممنهجاً لخيرات الجزائر طيلة 132 سنة من الاحتلال، عبر قرارات وإجراءات وقوانين.

وتحل اليوم ذكرى بداية الاحتلال الفرنسي الذي دخلت قواته مدينة الجزائر في 5 يوليو/تموز 1830، واستغرقت السيطرة على عموم البلاد نحو 70 سنة.

كما تحلّ أيضاً ذكرى استقلال الجزائر عن فرنسا في 5 يوليو/تموز 1962، بعد ثورة تحريرية انطلقت في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، وخلفت نحو مليون ونصف مليون شهيد وفق أرقام رسمية.

وشهدت مرحلة السيطرة على عموم الجزائر عمليات تهجير للسكان الأصليين، ومصادرة أراضيهم الزراعية الخصبة، وحرمانهم أبسط الحقوق، حسب كثير من المؤرخين.

ووفقاً لروايات مؤرخين جزائريين فإن أرض بلادهم ظلت تغذي فرنسا بكل ما لذ وطاب، كما أن اكتشاف النفط عام 1956 واستغلال مناجم الذهب والحديد والفحم ومختلف المعادن كانت في خدمة الاقتصاد الفرنسي انطلاقاً من أرض الجزائر.

تأميم الأوقاف الإسلامية وإلحاقها بالأملاك الفرنسية

ويؤكد الباحث وأستاذ تاريخ الجزائر بكلية الإعلام بجامعة الجزائر الحكومية عيسى بن عقون في حديث لـ”الأناضول”، أن السلطات الاستعمارية أصدرت قراراً في 23 مارس/آذار 1843 بمصادرة الأوقاف الإسلامية في عموم الجزائر وإلحاقها بإدارة الأملاك الفرنسية “الدومين”.

وحسب الباحث فإن قرار السلطات الفرنسية جاء معاكساً لمعاهدة استسلام الداي حسين في 5 يوليو/تموز 1830، التي نصت على عدم المساس بالمقدسات الإسلامية واعتبار الأوقاف حرمة مقدسة لا يجوز التعدي عليها واحترام أملاك الجزائريين.

وأضاف بن عقون أن الاستعمار الفرنسي بعد أن دخل الجزائر اكتشف الثروة المتمثلة في الأوقاف (مدارس ومساجد وزوايا وجامعات تقليدية آنذاك)، والتي توفر مصدر تمويل مهم ولذلك قرر تأميمها.

قانون الأهالي 1871

وبحلول عام 1871 أصدرت فرنسا الاستعمارية أحد أهم قوانينها وكان له أثر بالغ حسب مؤرخين على نهب خيرات وثروات الجزائر، وهو قانون الأهالي “السكان الأصليين”.

ومن أهم ما نص عليه القانون جعل سكان الجزائر الأصليين تابعين للمستعمرين سواء كانوا فرنسيين أو أوروبيين.

كما نجم عن القانون تبعات منها تمليك الأراضي الزراعية الخصبة للمستعمرين الأوروبيين القادمين من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا ومالطا.

وجعل هذا القانون الجزائريين يعملون لدى المستعمرين وفق ما يعرف محلياً بـ”الخماس”، ومعناه أن الجزائري لا يأخذ من محصول الأرض التي يخدمها هو سوى خُمس الإنتاج.

وحتى تنقلات الجزائريين الذين صار يطلق عليهم تسمية “الأهالي” أصبحت مقننة وتقتضي تراخيص من السلطات الاستعمارية.

ويقول عمار بن تومي وهو محامي جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي قادت الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي (1954/1962)، في شهادة قدّمها في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2012 بجريدة الشعب الحكومية، إن قانون الأهالي كان هدفه تكبيل الجزائريين وفسح المجال أمام المستوطنين (المعمرين) لاستغلال ونهب ثروات البلاد.

واستمر العمل بقانون الأهالي وما نجم عنه من استغلال ونهب للثروات ومصادرة الأراضي الزراعية وطرد وتهجير السكان الأصليين إلى الأراضي القاحلة والجبلية حتى عام 1945.

كما أصدرت السلطات الاستعمارية في الجزائر في 1871 قانوناً يُعرف بـ”قانون كريميو”، فصلت بموجبه الجزائريين (السكان الأصليين) عن اليهود الذين منحتهم الجنسية الفرنسية، ونجم عنه امتيازات عديدة للجالية اليهودية، خصوصاً في المجال التجاري.

وذكر باحثون ومؤرخون في مؤتمر عقد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية (حكومية) في 21 فبراير/شباط 2021، أن ما يزيد على 110 أطنان من الكنوز الجزائرية من الذهب والفضة وأكثر من 180 مليار دولار موجودة في فرنسا.

وذكر المؤرخ فيصل بن سعيد تليلاني في المؤتمر نفسه، وفق ما نقلته صحيفة الخبر الجزائرية (خاصة) في 21 فبراير/شباط 2021، أن البشرية لم تعرف استعماراً بشعاً وبربرياً مثل الاستعمار الفرنسي.

وأضاف تليلاني أن الاستعمار الفرنسي اغتصب ثروات الجزائر وسخّرها لخدمة المعمرين (المستوطنين) وحرم الجزائريين أصحاب الأرض خيراتها.

وحسب تليلاني فإن فرنسا الاستعمارية بمجرد احتلال الجزائر نهبت كثيراً من الخيرات على غرار الأموال والكنوز المسلوبة من قصر الإمارة بمنطقة “باب الجديد” بالعاصمة.

وذكر الباحث والمؤرخ فيصل بن سعيد تليلاني أن المراجع التاريخية تشير إلى وجود 7 أطنان و312 كيلوغراماً من الذهب و108 أطنان و704 كيلوغرامات من الفضة وسبائك من التبر والذهب الخالص.

ووفق الباحث نفسه فإن ما نُهِب عند احتلال الجزائر يعادل 80 مليون فرنك، بحساب ذلك الزمن وقد تتعدى اليوم، حسب تقديره، 80 مليار دولار، وبعض الفرنسيين قدروها بـ180 مليار دولار.

Follow Us: 

TRT

Leave A Reply