″حرب الرغيف″ إلى أين ستصل بلبنان؟

عبد الكافي الصمد – سفير الشمال

ما حدث في الأيّام الأخيرة بما يتعلق بأزمة الطّحين والخبز بالغ الخطورة، وينذر بتطوّرات بالغة السوء، بعدما اختفى الطحين من الأسواق، وتوقّفت نصف مطاحن لبنان عن العمل أو عن تسليم الطحين للأفران، التي توقفت عن بيع الخبز للمواطنين، ما جعل طوابيرهم تمتد أمامها عشرات الأمتار، في مشهد أعاد تذكير اللبنانيين بأيّام الحرب الأهلية.

فجأة وبلا مقدمات إختفى الطحين كليّاً من الأسواق، من غير أيّ تفسير لما يجري، بالتزامن مع توقف 5 مطاحن عاملة في لبنان من أصل 11 عن تسليم الطحين إلى الأفران، ومن دون أن يجدي نفعاً كلام وزارة الوصاية، وزارة الإقتصاد والتجارة، بأنّ مئات أطنان الطحين قد وصلت إلى لبنان في الأيّام الأخيرة، وهي تكفيه لفترة زمنية لا تقلّ عن شهر، لكنّ الطحين إختفى من الأسواق بقدرة قادر، وبات غير متوافر إلا في السّوق السوداء، وبسعر يُقدّر بأكثر من 7 أضعاف سعره المدعوم على الأقل.

تساؤلات كثيرة طُرحت حول مصير كمية الطحين التي اختفت، من غير أن يُعثر على جواب منطقي واحد. هل جرى إحتكارها لتباع في السّوق السّوداء من قبل كارتيل الطحين، أم هل تمّ تهريبها إلى الخارج، أم أعيد تصديرها إلى بلد آخر لتباع بسعر أعلى في ضوء أزمة الطحين العالمية، أم جرى تخزينها في مكان ما، مثل المدينة الرياضية في بيروت كما جرى في وقت سابق، وتركها تتعرّض للتلف؟

هذه الأزمة إنعكست في الأيّام القليلة الماضية، وتحديداً يوم أمس، في اصطفاف طوابير المواطنين أمام الأفران، التي توقف أغلبها عن العمل بعد ساعات قليلة من عمله بسبب نفاد كمية الطحين لديه التي تسلمها من المطاحن، والتي لا تزيد على 10 في المئة من حاجته، ما أدّى إلى وقوع إشكالات عدّة أمام بعض الأفران رافقها اطلاق نار، خلال “هجمة” المواطنين على الأفران للحصول على ربطة خبز لهم ولعائلاتهم.

مشهد “طوابير الذّل” أمام الأفران كما وُصفت، أو “حرب الرغيف” كما سمّاها البعض، لم تدفع المواطنين إلى الإستياء منها، بل إلى التعبير عن قلقهم البالغ من أن تؤدّي إلى انفجار الوضع الإجتماعي على نطاق واسع وخطير بعدما وصلت الأزمة وخطورتها إلى لقمة عيش المواطن، أيّ أنّها تجاوزت الخطوط الحمر، ما يهدّد عملياً بانفجار الأزمة أمنياً وأن تخرج عن السّيطرة.

كلّ ذلك يجري، بالرغم من خطورته، بينما أهل السلطة على اختلافهم غارقون في الجدل العقيم حول جنس الملائكة، وفي البحث عن تأمين مصالحهم ومصالح حاشيتهم، من غير أن يلتفت أحد منهم إلى أنّ البلد بات يجلس فوق براميل ضخمة من البارود يهدد إنفجارها بنسف البلد من أساسه وستؤدي به إلى المجهول ليصبح في خبر كان.

Leave A Reply