الأب جان يونس: كل عيد استقلال ولبنان باقٍ الى الأبد

أحبائي عائلة مدرستنا الحبيبة قدموس
يطلّ علينا عيد الاستقلال هذا العام، وفي القلب غصة وفي العين دمعة. فالأوضاع الصحية والإقتصادية والأزمات المعيشية ترخي بظلالها على مجتمعنا وأهلنا في أسوأ المراحل التي يمر بها الوطن، وتحمل معها السؤال الكبير: أي استقلال نحيا مع الاحتفال هذا العام بمئوية إعلان دولة لبنان الكبير؟
أحبتي
لبنان يبقى لبنان، والتاريخ القديم والحديث خير شاهد على عنفوان هذه الأرض المقدسة وعلى عظمة التضحيات التي بُذلت من أجل بقائه وديمومته. فعند كل منعطف مفصلي، كان لبنان الأسطورة ينبعث من تحت النار ومن بين الرماد كالطائر الفينيق، ليولد أقوى وأصلب وأكثر رفعة وشموخاً .
..فلبنان ليس يابسة كي تُستعمر، ولا مياهًا كي تبتلع، أو فضاء كي يخفى بغمام الأحقاد والأنانيات وبسحب الإحتلالات والإنتدابات. لبنان أعزائي، مذ كان قدموس المعلم الأول، حضارة فكر وعلم وإبداع تعبر الآفاق، وتزرع المدن والشواطئ بذور معرفة، وتنشر في مساحاتها نور الحق والعدل والإنسانية.
..ولبنان من مثل الرسل والأنبياء والقديسين الذين هم شفاعته وحماته في السماء، من مثل جبران خليل جبران مرتّب الحروف الذهبية في مضامين الآداب والكتب والعقول، من مثل حسن كامل الصبّاح مضيء الوهج العلمي الساطع، من مثل الكبار من علماء دين ومجتمع واقتصاد وآداب وعلوم ودعاة حقوق إنسان، انتشروا في الأرض فكانوا خميرة التجدّد والحياة وكنز وطننا الحقيقي، من مثل رجالات الإستقلال والمقاومين الأبطال جنود الحرية والتحرر، ومن مثل شهدائنا البواسل الذين ارتقوا إلى العلى، فحملوا الوطن راية خفّاقة بين الأمم.
..ولبنان “مهد ثقافة عريقة ومنارة من منارات البحر الأبيض المتوسط ورسالة حرية وتعايش وحضارة ورقي ومُثلٍ تعدديةٍ للشرق كما للغرب” على ما جاء في أقوال البابا القديس يوحنا بولس الثاني.
..وها نحن في عائلة مدرسة قدموس، ومنذ أن رست سفينة جمعية المرسلين اللبنانيين- الموارنة في جنوبنا الغالي، نحيا استقلال الوطن مع جميع الأهل والأصدقاء بمحبتنا، بتضامننا وتعاوننا وشراكتنا التربوية الرائدة، بروحنا الوطنية الجامعة، بانفتاحنا على قيمنا الدينية والإنسانية الحقة، بتلاقينا على زرع الخير في أولادنا، أمل الغد وحلم التغيير العظيم، برجائنا أن نكون قرابين على مذبح التربية والتعليم والعطاء حتى في أقصى الأوضاع والظروف وصولاً إلى أسمى الغايات والنجاحات. وأخيراً بوعدنا أن نعمل لخدمة الإنسان رصيد الوطن الأول، كما جاء في نداء لإمامنا السيد الحبيب موسى الصدر: “لبنان بلدنا، وإنسانه رصيده الأول والأخير، إنسانه الذي كتب مجد لبنان بجهده وهجرته، بفكره ومبادرته، وهو ثروتنا في لبنان. لذلك يتجه جهدنا في المعابد حتى الجامعات والمؤسسات نحو صيانة الوطن وصيانة إنسانه..”
اعزائي
في احتفالنا بالمئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير، سيبقى فخرنا الكبير بوطننا وطن النجوم والحضارات والإنتصارات. سيبقى اعتزازنا بجنوب عظيم، وبجبل عامل الشامخ برسالة الحب والخير والعيش الواحد، وبرجالاته الذين حموا الوطن بالرؤية والموقف والجهاد، من أمثال الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين الذي رفع راية التحرير بصوت صارخ:” إما عزة لا تفصم، أو ذلّة لا ترحم. إما استقلال دون وصاية، أو استعباد نكون معه كالأيتام على مأدبة اللئام “. وسيبقى مجدنا عالياً بأرزة وعلم وشعار نردده ونعمل به ما حيينا: “كلنا للوطن، للعلى للعلم”، وسننتصر..سننتصر.
وأختم بنفحة شعرية للشاعر الجنوبي خليل عجمي فيها فخر وشموخ بوجودنا وحضورنا التاريخي العظيم:
نحن الذين إله الكون شرّفنا
بالدين لمّا ملأنا الأرض إحسانا
نحن الذين إله الكون آزرنا
بالنصر إذ كان بالإيمان نشوانا
فكيف لا ولقد أمست مبادؤنا
للحق شمساً وللتحرير برهانا..

كل عيد استقلال ولبنان باقٍ إلى الأبد..

Leave A Reply