السنيورة يسعى لملء الفراغ… وتحرّك صامت ‏لـ”الحريريين‎”‎

كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : لن يكتمل المشهد الانتخابي في دائرة بيروت الثانية (11 مقعداً نيابياً) قبل إقفال ‏باب الترشح لخوض الانتخابات في 15 مارس (آذار) المقبل للتأكد من إمكانية ‏إعادة خلط الأوراق الانتخابية تحالفاً واقتراعاً، أم أنها سترسو على تشكيل لوائح ‏تخلو من المرشحين الذين يدورون في فلك تيار “المستقبل” بعد أن اتخذ زعيمه ‏رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قراره بالعزوف عن خوض الانتخابات ‏من دون أن يدعو إلى مقاطعتها، مشترطاً على “أهل البيت” المنتمين إلى التيار ‏الأزرق الاستقالة منه في حال ارتأوا خوضها، تاركاً في نفس الوقت للنواب ‏الحاليين المستقلين الأعضاء في كتلته النيابية الحرية في الترشح وإنما على ‏مسؤوليتهم‎.

فالغموض الذي يكتنف المعركة الانتخابية في دائرة بيروت الثانية ذات الأغلبية ‏للطائفة السنية يبقى قائماً إلى أن يتبلور التوجه العام للموقف الذي كان قد أعلنه ‏رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة بدعوته للمشاركة في العملية الانتخابية ‏ترشحاً واقتراعاً لقطع الطريق على إخلاء الساحة للذين يدورون في فلك ‏‏”محور الممانعة” الذي يتزعمه “حزب الله”، الحليف الاستراتيجي لإيران، ‏بالتناغم مع بعض القوى السياسية التي تدين بالولاء له برغم أنها تدعي ‏معارضتها لمشروعه الذي يتعارض مع مشروع بناء الدولة‎.

وعلمت “الشرق الأوسط” أن الرئيس السنيورة وإن كان تمايز عن الرئيس ‏الحريري بدعوته للمشاركة في الانتخابات ترشحاً، فهو لا يزال يواصل لقاءاته ‏بالتنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فيما يستعد للتواصل مع رئيس ‏الحكومة الأسبق تمام سلام الذي كان السباق في إعلان عزوفه عن خوض ‏الانتخابات لأن هناك ضرورة لإعادة لملمة الوضع في الشارع البيروتي على ‏قاعدة استمزاج آراء القيادات المعنية في الدائرة الثانية حول إمكانية رعاية ‏الجهود الآيلة إلى خلق المناخ الذي يدفع باتجاه تشكيل لائحة من المرشحين ‏تحظى بتأييد المزاج البيروتي ولديها القدرة على ملء الفراغ بعزوف المستقبل ‏عن خوض الانتخابات‎.

ويركز الرئيس السنيورة على استمالة الحاضنة الشعبية التي تقف بأكثريتها ‏الساحقة خلف الرئيس الحريري، إضافة إلى دور الرئيس سلام في تأمينه للرافعة ‏الانتخابية التي يمكن أن تجمع بين مؤيديه والحريريين أكانوا من المنتمين إلى ‏‏”المستقبل” أو من محازبيه، خصوصاً أنه من غير الجائز تجاهل المظلومية ‏التي أُلحقت بالحريري وأدت لاستعادته القسم الأكبر من مناصريه الذين كانوا ‏أخذوا عليه في السابق دخوله في تسوية مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي ‏انقلب عليه ودفعه للاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة من جهة، وموافقته على ‏قانون الانتخاب الذي أدى إلى تشتيت الصوت السني، خصوصاً في بيروت‎.

وفي هذا السياق، ينطلق السنيورة في مسعاه بدعم تشكيل لائحة من المرشحين ‏في بيروت الثانية بالتعاون مع مجموعة من الوجوه البيروتية، من عدم تجاوز ‏الخطوط الحمر وضرورة احترامها والتقيد بها، وتحديداً بالنسبة إلى عدم ‏التحالف مع “الثنائي الشيعي” (“حزب الله” وحركة “أمل”)، والأمر نفسه ‏ينسحب على “جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية” (الأحباش) والنائب فؤاد ‏مخزومي الذي يخوض الانتخابات بلائحة من خارج هذه التحالفات، وكان بكر ‏في تدشين معركته الانتخابية برفع لوحات عملاقة في أحياء الدائرة الثانية باللون ‏الأحمر كُتب عليها “بيروت في القلب”، فيما يتواصل السنيورة مع “الجماعة ‏الإسلامية” التي تشكل النقيض لـ”الأحباش‎”.

كما أن السنيورة يتواصل مع سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام ‏الذي يشغل حالياً العضوية الدائمة في محكمة العدل الدولية في لاهاي، مع أنه لا ‏يزال يتردد في حسم ترشحه لخوض الانتخابات، وهو يتهيب الموقف ويدرس ‏خياراته ترشحاً أو عزوفاً تمهيداً لحسم موقفه قريباً وقبل إقفال باب الترشح، ‏برغم أنه تردد بأنه يستعد للعودة إلى بيروت لإجراء جولة من المشاورات ليكون ‏على بينة من القرار الذي سيتخذه‎.

كما علمت “الشرق الأوسط” من مصادر بيروتية أن مجموعة من الشخصيات، ‏التي تدين بالولاء المطلق للحريري وبعضهم من المنتمين للحرس القديم في ‏‏”المستقبل” من دون أن يتخلوا عن حريريتهم، تلتقي باستمرار بعيداً عن ‏الأضواء وبمبادرة شخصية منهم، تحضيراً للموقف النهائي الذي يمكن أن تتخذه ‏وحتماً قبل إقفال باب الترشح، مع أن موقفها حتى الساعة لا يزال يتأرجح بين ‏دعمها لتشكيل لائحة لمنع سيطرة من لديهم مشروع يتعارض مع مشروع بناء ‏الدولة وبين وقوفها على الحياد، وإن كانت تميل إلى عدم إخلاء الساحة للآخرين ‏وتعمل حالياً على ابتداع المخارج السياسية لتبرير الخيار الانتخابي الذي يُفترض ‏أن تستقر عليه‎.

وتردد بأن بعض الشخصيات التي تشارك في هذه اللقاءات ليست في قطيعة مع ‏السنيورة لوجود قواسم مشتركة بين الفريقين، وإن كان بعضها الآخر غمز من ‏قناة رئيس الحكومة الأسبق على خلفية دعوته للمشاركة في الانتخابات ترشحاً ‏واقتراعاً، كما تردد بأن مرشح الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب الحالي ‏فيصل الصايغ يمكن أن يترشح على اللائحة التي يمكن التوافق عليها في ‏مواجهة اللوائح الأخرى، إلا في حال توصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى ‏إقناع حليفه “حزب الله” بعدم ترشيح درزي آخر على لائحتهما المشتركة يسميه ‏النائب الحالي طلال أرسلان، برغم أنه يقف حالياً أمام مهمة صعبة في ضوء ‏تصاعد الخلاف بين التقدمي والحزب والذي تجاوز الأخير باستهدافه إيران‎.

أما على صعيد التحالفات الأخرى، فيبدو أن الحراك المدني بكل مجموعاته لم ‏ينخرط حتى الساعة في معمعة الحمى الانتخابية بسبب انصرافه إلى تكثيف ‏مشاوراته في محاولة لتوحيد موقفه بخوض الانتخابات بلائحة موحدة وببرنامج ‏عمل سياسي، فيما ينتظر الثنائي الشيعي القرار النهائي لـ”الأحباش” للتأكد مما ‏إذا كان سينخرط بالتحالف معه أو تخوض المعركة منفردة، برغم أن مصادر ‏بيروتية كانت قد تحدثت عن أن “الأحباش” قررت أن تخوض معركتها ‏الانتخابية بلا تحالفات‎.

وعزت المصادر البيروتية السبب إلى أن “الأحباش” وإن كانت منضوية في ‏تحالف سياسي مع “الثنائي الشيعي”، فإنها لا تحبذ تعاونها الانتخابي لسببين: ‏الأول يكمن في أن المقترعين المقيمين في الخارج والمنتمين إلى جمعية ‏المشاريع يتخوفون من التحالف مع “حزب الله” لئلا يعرضوا أنفسهم إلى ‏ملاحقات تؤدي إلى فرض عقوبات عليهم تستهدفهم شخصياً وتستهدف ‏المؤسسات التابعة لـ”الأحباش” في عدد من الدول الأوروبية وأولها ألمانيا ‏والولايات المتحدة الأميركية كون جميع هذه الدول كانت قد أدرجت اسم الحزب ‏على لائحة الإرهاب‎.

أما السبب الثاني فيتعلق بوجود فريق داخل “الأحباش” يفضل عدم التعاون ‏الانتخابي مع “حزب الله” أو الالتصاق به في هذه المرحلة، لأنه يراهن بعزوف ‏الحريري عن خوض الانتخابات على إمكانية تسجيل اختراق في صفوف ‏‏”المستقبل” يمكن أن يعزز رهانه في الحصول على حاصلين انتخابيين‎.

وعليه، فإن الثنائي الشيعي ينتظر من “الأحباش” بأن يتبلغ منهم القرار النهائي، ‏وإن كانت “جمعية المشاريع” هي من روجت لانفصالها بالتراضي عن حليفيها ‏الدائمين حركة “أمل” و”حزب الله” من دون أن تنقلب على خيارها السياسي ‏الداعم للمقاومة، فيما يتولى الحزب الوساطة بين حليفيه “التيار الوطني الحر” ‏و”أمل” بعد أن توصل معهما إلى مهادنة إعلامية تتعرض إلى خروق من حين ‏لآخر‎.

وعلمت “الشرق الأوسط” أن “حزب الله” توصل مع حليفيه إلى رسم الخطوط ‏العريضة للتعاون الانتخابي المثلث الأطراف، ويقتصر حالياً على خوضه ‏الانتخابات بلائحة موحدة في دائرة بعبدا – المتن الجنوبي، وأخرى في دائرة ‏بعلبك – الهرمل، على أن يبحث لاحقاً في تحالفهم في بيروت الثانية بخلاف ‏الصعوبات التي تواجه جمع “أمل” و”التيار الوطني” في لائحة واحدة في ‏دائرة البقاع الغربي – راشيا‎.

وبحسب المعلومات فإن “أمل” و”حزب الله” كانا قد توصلا إلى صيغة ‏لتحالفهما الانتخابي – السياسي تقضي بوقوف الحزب إلى جانب من ترشحه ‏‏”أمل” في جزين والبقاع الغربي، على أن تدعم الأخيرة مرشحي الحزب في ‏جبيل – كسروان وزحلة، باعتبار أن لا مشكلة في تحالفهما في الدوائر ذات ‏الأغلبية من الطائفة الشيعية، أكان في الجنوب أو في بعلبك – الهرمل، مع ‏إعطاء الحرية لناخبيهما في الدوائر التي لا تتمثل فيها الشيعة

Leave A Reply