المال والجنس مقابل الأسرار العسكرية.. فضيحة مدوية للأسطول السابع الأمريكي

تتواصل جلسات الاستماع والتحقيق في أسوأ فضيحة عرفها الأسطول السابع الأمريكي منذ فترة. إذ اعترف أحد قادة القوات البحرية أخيراً، بتسريب أسرار عسكرية لشركة ماليزية مقابل الحصول على مال وخدمات جنسية.

تتالى منذ فترة سلسلة الفضائح الصادمة التي تورطت فيها البحرية الأمريكية، والتي أصبحت مادة خصبة لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية، مسترعية في ذلك انتباه السلطات الرسمية التي فتحت في كثير منها تحقيقات رسمية، ورُفِع في بعضها دعاوى قضائية وأصدرت على ضوئها، عديدٌ من العقوبات وكان من بينها قرارات الإعفاء لأهم الضباط والملازمين والقادة.

وفي هذا الإطار، كتب الأدميرال كولين غرين متحدثاً عن هذه التجاوزات الخطيرة قائلاً: “لقد فشلت بعض التشكيلات التابعة لنا في الحفاظ على النظام والانضباط، ونتيجة لذلك ولسبب وجيه، أصبحت ثقافة قوات الحرب الخاصة البحرية محل تساؤل. لا أعرف حتى الآن ما إذا كانت لدينا مشكلةٌ ثقافية، أعرف أنَّ لدينا مشكلةً في النظام والانضباط يجب معالجتها على الفور”.

وكانت قضية (فات ليونارد Fat Leonard) إحدى أسوأ هذه الفضائح التي ارتكبها قادة مهمون في الأسطول السابع الأمريكي، والتي مع اقتراب موعد المرافعة فيها، اعترف قائد سابق بالبحرية وأحد المتهمين الرئيسيين يدعى ستيفن شيد، بتلقيه منحاً مالية وخدمات جنسية من شركة ماليزية مقابل الكشف عن أسرار عسكرية.

ما قصة فضيحة (فات ليونارد)؟

يعود اسم القضية التي اشتهرت به إعلامياً (فات ليونارد) إلى الشكل الممتلئ والبدين للمتهم الرئيسي، ليونارد غلين فرانسيس، والذي كان قدم رشوة لضباط في البحرية الأمريكية، مقابل الحصول على معلومات هامة.

وتمكنت الأجهزة الأمريكية من القبض على ليونارد عام 2013، في كاليفورنيا، بعد استدراجه. وصدر قرار ببقائه قيد الإقامة الجبرية، في انتظار الحكم عليه بتهمة التآمر والرشوة.

وتواصلت منذ ذلك الحين، الأبحاث والتحقيقات، للكشف عن كواليس، الحادثة التي تورط فيها عدد كبير من المسؤولين في الأسطول السابع الأمريكي، وتسببت بحجم كبير من الخسائر.

وبفضل بعض الضغوطات التي واجهها المتهمون أثناء التحقيق وجلسات الاستماع، انطلقت سلسلة الاعترافات للضباط المتهمين، حول كثير من حيثيات وملابسات القضية. وكانت آخر هذه الاعترافات، ما أفاد به القائد السباق بالبحرية الأمريكية، ستيفن شيد، يوم الأربعاء 26 يناير/كانون الثاني الجاري، أمام المحكمة الاتحادية بسان دييغو، في كاليفورنيا.

ووفق ما كشف عنه مكتب الادعاء، فإن شيد اعترف أثناء استجوابه بتلقيه، رفقة ثمانية مسؤولين آخرين، أكثر من 250 ألف دولار كرشوة. وأقر أيضاً، بأنه منذ شهر مايو/آيار 2007 وحتى شهر سبتمبر/أيلول 2013، قبل عديداً من الرِّشى في شكل رحلات ترفيه وتذاكر سفر ووجبات وإقامة في الفنادق وغيرها من الهدايا الباهظة الثمن.

كما أنه حظي، رفقة عشرات من الضباط والمسؤولين المتورطين في قضية فات ليونارد، بخدمات جنسية، وحفلات خاصة مع عاملات الجنس، وفق ما أكدته وزارة العدل الأمريكية.

ومقابل ذلك، قدم قادة الأسطول السابع الأمريكي، أسراراً للدولة وأسراراً عسكرية، ومنحوا نفوذاً كبيراً لصالح شركة غلين ديفانس مارين آسيا (Glenn Defense Marine Asia) التابعة لرجل الأعمال الماليزي، ومقاول الدفاع الأجنبي، ليونارد غلين فرانسيس، الشهير بـ”فات ليونارد”. وتتمثل هذه المعلومات أساساً في جداول التحركات البحرية إضافة إلى العديد من المعلومات الأخرى.

وحسْبما أكدته وزارة العدل الأمريكية، فإن المعلومات التي تحصلت عليها الشركة الماليزية، تسببت بالاحتيال على البحرية الأمريكية بحوالي 35 مليار دولار، مقابل الحصول على خدمات مثل توفير زوارق السحب، والأمن وإزالة النفايات من السفن في الميناء، والفوز بالعقود وغيرها.

إدانة وعقوبات

كانت هذه الفضيحة هزة عنيفة للبحرية الأمريكية، التي فقد العشرات من قادتها وضباطها الولاء لها لحساب رجل الأعمال الماليزي ليونارد. والذي يبدو أنه تمكن، وفق ما أشارت إليه التحقيقات من تكوين شبكة من المسؤولين البحريين والعسكريين في منطقة الأسطول السابع، استدرجهم لذلك بالمال والجنس والعديد من الإغراءات.

وتعليقاً على هذه القضية وعلى ضوء ما أفاد به ستيفن شيد، قال المدعي الأمريكي راندي غروسمان، في بيان صحفي: “اعترف شيد بأنه كان واحداً من الكثيرين الذين تحول ولاءهم من البحرية إلى ليونارد فرانسيس.. هذا التنازل عن واجبات المدعى عليه نحو البحرية والولايات المتحدة يأتي بعواقب وخيمة”.

ويعتبر نجاح ليونارد، في استدراج مسؤولين في مواقع حساسة، لشبكته الإجرامية كما وصفها المدّعون الأمريكيون، سابقة خطيرة، ومن أبرز هؤلاء المسؤولين ستيفن شيد، الذي عمل مسؤولاً للسياسة والتخطيط في جنوب آسيا على الموظفين في البحرية الأمريكية، ومن ثم ضابطاً تنفيذياً فضابطاً قائداً لمدمرة الصواريخ الموجهة USS Milius (DDG-69).

وقد يواجه شيد ما يصل إلى 20 عاماً في السجن، وغرامات مالية قدرها 500 ألف دولار، في المحاكمة المقبلة يوم 21 يوليو/تموز القادم.

وفي السياق ذاته، لفت عمر لوبيز، مدير خدمة التحقيقات الجنائية البحرية، إلى أن “شيد أساء استخدام منصبه الرفيع المستوى في البحرية من خلال قبوله الهدايا الفخمة من السيد فرانسيس بشكل غير قانوني مقابل تزويده بجدول زمني للسفن”.

وتُرتقَب في الأثناء محاكمة عشرات الضباط الآخرين المتورطين في القضية، خلال شهر فبراير/شباط القادم.

Follow Us: 

TRT

Leave A Reply