“تخبط وكيدية وشخصانية وازمة ثقة” تحاصر مجلسي الوزراء والنواب

علي ضاحي- 

الازمة الحكومية مستمرة، ومجلس النواب ورغم توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية لن ينعقد في جلسة عامة قريباً، وهو ما يؤكد استمرار الكباش داخل مكونات الاكثرية داخل الحكومة ومجلس النواب، لا سيما بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري.

ورغم مرور اكثر من اسبوع على فتح عقد استثنائي لمجلس النواب، والذي وقعه الرئيس عون بمرسوم حمل الرقم 8662، لم يدعُ بري بعد الى جلسة، خصوصاً مع إستمرار ازمة الثقة التي ظهرت جلياً بينهما على خلفية المادة 2 من المرسوم التي حددت جدول الأعمال. وضمته فضلاً عن الموازنة لعامين متتاليين 2021 و2022، مشاريع قوانين تعكس تبني بعبدا لها، وسبق وطرحت على جلسات سابقة أو لم تطرح، ويقف وراءها التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل، مثل اقتراح قانون استعادة الأموال المحولة إلى الخارج، وضوابط مؤقتة على التحاويل المصرفية، فضلاً عن عقد جلسة مساءلة الحكومة والرد على الأسئلة والاستجوابات.

وبند مساءلة الحكومة يرى فيه بري «شكلاً جديداً من أشكال الاستفزاز»، فأصدر موقفاً قاطعاً، اعتبر فيه أن مجلس النواب سيد نفسه، بمعنى أنه هو من يقرر وضع جدول الأعمال، عبر مكتب المجلس، وليس أي جهة أخرى، بالتوسع في الاجتهاد حول المادة 33 من الدستور.

هذا الجو المشحون مجلسياً، قابله تشنج حكومي وسياسي اضافي مع تراجع الرئيس عون عن توقيع المراسيم المتعلقة بصرف كل المساعدات الاجتماعية للقطاعين العام والخاص.

ويؤكد وزير بارز في «الثنائي الشيعي»، وهو كان تبلغ من دوائر بعبدا ان رئيس الجمهورية سيوقع مراسيم المساعدات الاجتماعية العائدة لوزارته، لكنه عدل في رأيه ولم يوقع حتى الساعة اي مرسوم، بل على العكس خرج منذ ايام ببيان لتبرير رفض التوقيع.

ويؤكد الوزير المذكور اننا امام ازمة سياسية حقيقية، حيث لا حلول للازمة الحكومية، ولم يحصل اي تواصل من ميقاتي بالجهات المعنية بالتواصل الحكومي في «الثنائي الشيعي» لنقاشها في عزمه الدعوة الى جلسة حكومية متى وصلته الموازنة من وزير المال يوسف الخليل. ويكشف الوزير ان في الاساس الموازنة لم تنته، وهناك ازمة كبيرة تعوق اصدارها، خصوصاً لجهة عدم توحيد سعر صرف الدولار، وعلى اي سعر صرف سيتم تحديد الصادرات والواردات وكلفة الموازنة، رغم ان كل الجباية ومداخيل الدولة في المطار والمرفأ والجمارك والاتصالات والكهرباء والدوائر العقارية والميكانيك، وكل المرافق العامة لا تزال وفق السعر الرسمي 1508 ليرة؟

ويكشف الوزير ان هناك تخبطاَ كبيراً داخل الحكومة ووزاراتها، بغض النظر عن عدم اجتماعها، فليس هناك من رؤية اقتصادية او سياسية او مالية موحدة، ويتابع: بصراحة حزب الله على سبيل المثال غير مرتاح لكيفية التفاوض مع صندوق النقد الدولي وهو يرفض في الاساس تنفيذ إملاءاته وشروطه، والتي تنزل بـ»الباراشوت» ومن دون نقاش، والذي يثير «نقزة» حزب الله، ووفق الوزير المعني نفسه، انه لا يعرف ماذا يدور داخل جلسات الفريق الوزاري والصندوق، ولا احد يخبره بما يجري، رغم انه مكوّن سياسي واساسي في الحكومة ومجلس النواب والبلد.

ويؤكد الوزير ان هذه الحالة من انعدام الوزن والتخبط تنطبق ايضاً على فقدان السيطرة على سعر صرف الدولار والادوار المشبوهة التي تؤديها جهات داخلية ومافيات معروفة مع بنوك في بريطانيا وتركيا والتي تساهم في رفع الدولار وتخفيضه. فهل يعقل ان يكون التلاعب في السعر بحدود 6 آلاف ليرة خلال 3 ايام، هذا يعني ان هذا التلاعب سياسي وامني وليس وفق علم اقتصادي او مؤشرات حقيقية بل مصطنعة ووهمية.

ويشير الوزير الى ان الضياع ينتقل من الحكومة الى المصرف المركزي، ومن الواضح ان هناك موجة اكبر بكثير منه ومن البلد وقدرات مصرف لبنان على التصدي لهذا التلاعب الكبير.

ويكشف الوزير انه وفي ظل استمرار التعثر الحكومي ورفض البعض داخل الحكومة، لا سيما رئيسي الجمهورية والحكومة الوصول الى حلول قضائية منصفة في ملف تفجير المرفأ، وكذلك تذرع الرئيس عون بعدم انعقاد الحكومة لعدم توقيع اي مرسوم جوال او استثنائي، لا سيما المتعلقة برواتب المتعاقدين والمساعدات الاجتماعية، فهذا الرفض فيه الكثير من السياسة والشخصانية وتعقيد حياة اللبنانيين، البلد كله امام خيارات مرّة، لان لا بديل صالحاً للحلول مكان الحكومة ومجلس النواب، ولا علاج ايضاً لمشكلة انعدام الثقة وفقدان «الجاذبية الوطنية»، بين الرؤساء من جهة والموالاة والمعارضة من جهة ثانية، بالاضافة الى تربّص الخارج ، لا سيما اميركا والخليج والعدو الاسرائيلي بلبنان امنياً واقتصادياً وسياسياً !

بدورها، تؤكد اوساط مقربة من بعبدا ان الاتهامات التي يسوقها «الثنائي الشيعي» وحتى رئيس الحكومة والمحسوبون عليه باطلة، وتشير الى ان الرئيس عون يطبق الدستور بعدم توقيع المراسيم الاستثنائية او الموافقات الاستثنائية وحتى المراسيم الجوالة، فحكومة ميقاتي ليست مستقيلة ولا تصرّف الاعمال، وما كان يقوم به الرئيس عون خلال تصريف حكومة حسان دياب للاعمال كان من باب تطبيق الدستور وتسيير المرفق العام، وتؤكد ان توقيع الرئيس عون لاي مرسوم حكومي لا يصدر عن مجلس الوزراء مجتمعاً، وهي حكومة اصيلة، هو المخالفة الدستورية وليس العكس.

وتشير الاوساط الى ان حل المشكلة ليس عند الرئيس عون، والمطلوب اجتماع الحكومة فوراً عبر دعوة رئيسها لجلسة فورية بغض النظر عمن يحضر او يقاطع.

اما عن مجلس النواب والدورة الاستثنائية، فتقول الاوساط ان رئيس الجمهورية ملتزم بالدستور، وكما حدد المشرّع المواد التي تراعي عمل الجلسة الاستثنائية للبرلمان، ضمّنها عون في المرسوم، والتطبيق ليس لديه بل صار في عهدة مجلس النواب ورئيسه.

Leave A Reply