حتى الأطفال لا يريدون اللعب.. الأزمة المالية تسلب لبنان روحه

“انطفأ الضوء في وجوه الناس.. لا يوجد ضحك حقيقي.. إن الأمة التي لطالما نجحت في تضميد جراحها يتم سحقها الآن”، بهذه العبارات وصف تقرير لشبكة “سي إن إن ” موسم الأعياد في العاصمة اللبنانية بيروت.

وأشار تقرير القناة الأميركية إلى أن الكثير من السلع الأساسية غير متوفرة، كما أن الناس غير قادرين على شراء اللحوم وهدايا العيد، لكنها أكدت أن الأسوأ هو سلوك الأطفال، فهم يتحركون ببطء ولا يريدون اللعب.

ولفت إلى وجود نقص شديد في الأدوية حيث يقود الناس سياراتهم لساعات طويلة بحثا عن مسكن أو دواء أساسي.

ويشهد لبنان أضخم أزمة مالية في تاريخه، حيث عمّقت كارثة انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ صيف 2019.

وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700 في المئة.

ومن داخل مركز الشبكة الدولية للمعونة والإغاثة والمساعدة (INARA) في بيروت، يرفض أحد الأطفال المشاركة بتزيين شجرة عيد الميلاد، وعند سؤاله عن السبب، بدأ بالبكاء.

ونقل التقرير عن والد الطفل، وهو لاجئ سوري، قوله: “أريد الصحة، أريد أن أشعر بالأمان”. وأوضح أنه يكافح للحفاظ على صحة عائلته وتغذيتها ولكنه لم يعد قادرا على الاستمرار في ذلك، قائلا: “أرى أطفالي يتلاشون أمام عيني”.

وحال هذه العائلة السورية كغيرها من مجتمع اللاجئين في لبنان، الذي لطالما عانى من الاضطهاد، ولكن الأزمة المالية أثقلت همومه، بحسب التقرير.

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، تفتقر 99 في المئة من أسر اللاجئين السوريين إلى ما يكفي من الغذاء، فيما يبلغ معدل الفقر لدى اللبنانيين 80 في المئة.

ويعتبر البنك الدولي الأزمة الاقتصادية في لبنان واحدة من أسوأ الكوارث الاقتصادية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وقد أطلق عليها اسم “الكساد المتعمد”.

وفي شوارع العاصمة “غير النابضة بالحياة والمزدحمة بالمتسولين”، ينقل التقرير عن سائق سيارة أجرة قوله: “لقد دمرونا. أقسم أن الناس يفكرون في الانتحار”، مشيرا إلى الحكام السياسيين الذين يصفهم بـ “اللصوص” و”المجرمين” و”القتلة” الذين أهلكوا ثروة البلاد.

ويشرح سائق سيارة الأجرة كيف يوضح لأطفاله الأزمة المالية في البلاد، قائلا: “أطلب منهم التحلي بالصبر، أنا هذا الأب الذي يقوم بكل ما في وسعه، أنا لا أكذب عليهم”.

وأضاف: “إنها حرقة في القلب، أن يطلب منك أطفالك أشياء صغيرة مثل المربى والنوتيلا، لكن لا يمكنك شراؤها”.

وكان على هذا الرجل كغيره أن ينقل أطفاله من المدرسة الخاصة إلى أخرى عامة (رسمية) تابعة للدولة، ولكنها مغلقة حتى الآن بسبب إضراب المعلمين”.

وفي الأحياء القريبة من مكان انفجار مرفأ بيروت، تشدد رينا سركيس، أخصائية نفسية، على أن “التنفس ليس دليلا على الحياة”.

وتضيف سركيس: “معرفة أزمة ما يختلف عن عيشها بشكل فعلي وعلى مستوى يومي”.

Follow Us: 

الحرة

Leave A Reply