رهانات دولية على صعود النفط

اختتمت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع الماضي على خسائر جديدة، حيث خسر خام برنت 2.6 في المائة والخام الأمريكي 2.1 في المائة على أساس أسبوعي بفعل اتساع المخاوف من متغير “أوميكرون” من فيروس كورونا وعودة عديد من الدول إلى فرض قيود إغلاق وضعف الطلب العالمي على الوقود مجددا.

ويواصل المنتجون في مجموعة “أوبك+” ضخ الزيادة الشهرية البالغة 400 ألف برميل يوميا ويستعدون لاجتماع وزاري جديد في مطلع العام الجديد، وسط أجواء وتوقعات قوية بهيمنة وفرة المعروض في الربع الأول.

ورغم ذلك، لا تزال هناك رهانات على استمرار صعود أسعار النفط، إذ أبقت وكالة “بلاتس” توقعاتها بأن يبلغ مستوى سعر برميل النفط مائة دولار العام المقبل، في حين ذكر تقرير “وورلد أويل” الدولي أنه لا يمكن استبعاد بلوغ النفط مستوى مائة دولار للبرميل في 2023.

وفي التفاصيل، ذكرت وكالة “بلاتس” الدولية للمعلومات النفطية في أحدث تقاريرها أن أسعار النفط الخام تراجعت في ختام الأسبوع الماضي، حيث أدى ارتفاع الدولار الأمريكي ومتغير “أوميكرون” من فيروس كورونا سريع الانتشار إلى تراجع التوقعات على المدى القريب، لكنها أبقت التوقعات بأن يبلغ مستوى سعر برميل النفط مائة دولار في وقت ما من العام المقبل، ما يدعم بعض عمليات الشراء.

وأشار إلى تطور متغير “أوميكرون” بسرعة في جميع أنحاء العالم حيث يقوم عدد متزايد من دول بفرض قيود تحد من التحركات الداخلية والخارجية، لافتا إلى أن الدولار اختبر أعلى مستوياته في الشهر في أعقاب إعلان اتجاه متشدد في السياسات النقدية الأمريكية والأوروبية هذا الأسبوع.

وسلط التقرير الضوء على قيام بنك إنجلترا برفع غير متوقع لأسعار الفائدة في ختام الأسبوع الماضي ليصبح أول بنك مركزي رئيس يفعل ذلك منذ بداية الوباء، وفي غضون ذلك أبقى البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة المستهدف عند الصفر، لكنه قال “إنه سيخفض أكثر من مشترياته من السندات.

ونبه إلى قول محللين “إن انخفاض أسعار النفط الخام جاء نتيجة لارتفاع الدولار ومع تنامي المخاوف من متغير “أوميكرون”، حيث من المرجح أن تؤدي الزيادة الحالية في الإصابات بالمتغير إلى إلغاء خطط السفر لقضاء العطلات خاصة في الولايات المتحدة، الذي من شأنه خفض الطلب على الوقود.

من جانب آخر، ذكر تقرير “وورلد أويل” الدولي أنه لا يمكن استبعاد بلوغ النفط مستوى مائة دولار للبرميل في 2023 حيث من المتوقع أن تكون إضافات العرض بطيئة للغاية لمواكبة الطلب القياسي وهو ما رصدته بنوك دولية مثل “جولدمان ساكس”.

وراهن التقرير على استمرار الاتجاه الصعودي لأسعار النفط حتى بعد ارتفاع الأسعار بأكثر من 40 في المائة هذا العام، ولا سيما أن عمليات البيع الأخيرة مبالغ فيها بسبب مخاوف غير ضرورية ونتيجة فرض قيود مفرطة متعلقة بأزمة انتشار “أوميكرون”.

واشار إلى أن الانخفاض الأخير في نهاية الشهر الماضي بمقدار عشرة دولارات هو ما يعادل خسارة خمسة ملايين برميل يوميا من الطلب لمدة ثلاثة أشهر، موضحا أن هذا من المحتمل أن يكون رد فعل مبالغا فيه حيث يبدو أن الحكومات تستجيب لأزمة “أوميكرون” بإجراءات متواصلة تتجاوز عمليات الإغلاق الجديدة.

وحذر التقرير من ظاهرة تراجع الاستثمارات في مشاريع النفط طويلة الدورة بسبب الشكوك حول تحول الطاقة وتأثير ذلك في استخدام الوقود، مشيرا إلى أن الطلب على كل شيء من البنزين والديزل والبلاستيك في الوقت الحالي عند مستوى قياسي، مع توقع أن يصل الاستهلاك إلى مستويات قياسية جديدة في 2022 و2023.

وأشار إلى استمرار تباطؤ استهلاك وقود الطائرات بسبب قيود السفر المتعلقة بوباء كورونا، لكن من المرجح أن يظهر بعض الطلب المكبوت على السفر مع إعادة فتح الحدود، منوها برصد وزارة الطاقة الأمريكية انخفاضا قدره 4.58 مليون برميل في مخزونات النفط الخام، معتبرها إشارة صعودية للمستثمرين قد تهدئ مخاوف توقعات الطلب السابقة.

ولفت إلى أن الإشارات المتضاربة بشأن الطلب والعرض أدت إلى تأرجح النفط بين المكاسب والخسائر هذا الأسبوع بينما يبدو أن آفاق الاستهلاك تتدهور حيث إن الصين وهي أكبر مستورد للنفط قامت بتقييد حركة السفر لقضاء العطلات وذلك في محاولة لاحتواء تداعيات متغير “أوميكرون” بينما تبدو الصورة أكثر إيجابية نسبيا في الولايات المتحدة.

وسلط التقرير الضوء على بيانات وكالة الطاقة الدولية هذا الأسبوع التى ترى أن السوق بالفعل في حالة فائض في المعروض، بينما تتوقع مجموعة “فيتول ” – وهي الأكبر في تجارة النفط – ارتفاع أسعار النفط الخام في العام المقبل 2022 بسبب نقص الاستثمارات الجديدة في الإنتاج خاصة في مشاريع المنبع النفطية.

وأشار إلى أن بيانات الحكومة الأمريكية تتعارض مع توقعات وكالة الطاقة الدولية وترى أن الصادرات ارتفعت مرة أخرى فوق ثلاثة ملايين برميل يوميا مع قيام التجار بدفع البراميل خارج البلاد لتجنب تأثير الضرائب في المخزونات في نهاية العام الجاري.

ولفت التقرير إلى رصد طلب قوي على النفط واستمرار سحب مخزون كبير من النفط الخام والمنتجات النفطية، مشيرا إلى أن ارتفاع الطلب على البنزين في الولايات المتحدة قبل موسم الأعياد، ما يؤكد أن المخاوف بشأن متغير الفيروس الجديد لم تمنع السائقين من السير على الطرقات.

وأوضح أن السوق تراقب من كثب عمليات الإغلاق المحتملة بسبب “أوميكرون” خاصة مع حلول موسم الأعياد وزيادة التجمعات، ما قد يتسبب في حدوث ارتفاع سريع في الإصابات وبالتالي انخفاض أسعار النفط، مشيرا إلى استمرار التقلبات في سوق النفط الخام في آسيا تحديدا حيث أدت معالجات الصين الخاصة المتشددة لأزمة الوباء وضعف هوامش التكرير إلى تراجع الطلب.

من ناحية أخرى، وفيما يخص أسعار النفط الخام في ختام الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار النفط وسجلت أيضا خسارة أسبوعية، إذ أثار تزايد حالات الإصابة بـ”أوميكرون” مخاوف من قيود جديدة تضر بالطلب على الوقود.

وأنهت العقود الآجلة لخام برنت الجلسة على انخفاض 1.50 دولار بما يعادل 2 في المائة، إلى 73.52 دولار للبرميل، فيما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.52 دولار أو 2.1 في المائة إلى 70.86 دولار للبرميل. وتراجع برنت 2.6 في المائة على أساس أسبوعي، وهبط خام غرب تكساس الوسيط 1.3 في المائة.

ويتضاعف عدد حالات الإصابة الجديدة بـ”أوميكرون” في الدنمارك وجنوب إفريقيا وبريطانيا كل يومين. وقالت ميت فريدريكسن رئيسة الوزراء الدنماركية “إن حكومتها ستقترح قيودا جديدة للحد من انتشار الفيروس”.

وفي الولايات المتحدة، دفع الانتشار السريع لـ”أوميكرون” بعض الشركات إلى وقف خططها لإعادة العاملين إلى أماكن العمل.

وارتفع عدد حفارات النفط الأمريكية، وهو من أهم مؤشرات الإنتاج، على مدار الأسبوع، ما أثار مخاوف من زيادة محتملة في الإمدادات.

وقالت شركة خدمات الطاقة بيكر هيوز في تقريرها الذي يحظى بمتابعة من كثب الجمعة “إن عدد حفارات النفط والغاز- وهو مؤشر مبكر للإنتاج المستقبلي – ارتفع ثلاثة إلى 579 في الأسبوع المنتهي 17 كانون الأول (ديسمبر)”.

Leave A Reply