الإصلاحات معبر إلزامي للثقة الدولية أولاً والدعم المالي ثانياً

هيام عيد – الديار

يكتسب الحديث الفرنسي أولاً، والخليجي ثانياً، عن إصلاحات ضرورية أهمية لافتة كونه يتوجّه بشكل مباشر إلى القوى السياسية والحزبية التي سبق وأعلنت التزامها بإجراء إصلاحات منذ فترة طويلة، وكان آخرها التزام رؤساء الأحزاب والكتل أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الصنوبر، بإجراء إصلاحات في لبنان، تبدأ بالسياسة، ولا تنتهي بالمال والإقتصاد. وتقول أوساط ديبلوماسية مواكبة للمبادرة الفرنسية الأولى تجاه لبنان، والتي أتت بعد ساعات معدودة على انفجار الرابع من آب الكارثي، أن فرنسا بدأت منذ ذلك الوقت بإعداد المؤتمرات وحشد المساعدات المالية للبنان، من دون أي سقف، وذلك، بالإشتراط فقط بإجراء الإصىلاحات، علماً أنها كانت قد انطلقت في تنفيذ مبادرتها بعد وعود تلقّتها من قبل رؤساء الكتل والأحزاب الذين التزاموا كلامياً أمام ماكرون، بالعمل على معالجة إصلاح الأوضاع المتردّية، والإستجابة لمطالب اللبنانيين الذين نزلوا إلى الشوارع وانتفضوا ضد الطبقة السياسية.

وتشير الأوساط نفسها، إلى أن الموقف الفرنسي الذي صدر من الرياض، والذي تكرّر في بيان السفيرة الفرنسية آن غريو بالأمس، إثر زيارتها رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، ما زال اليوم، وبعد عامين على بدء مبادرة ماكرون، يشدّد على الإصلاحات، ويؤكد على الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي، كما فرنسا، لإصلاحات بنيوية في لبنان، ولإجراء الإنتخابات النيابية والبلدية والرئاسية في مواعيدها الدستورية بعيداً عن أية محاولات تمديد أو تأجيل، على حدّ قول الأوساط، التي تكشف بأن الرئيس الفرنسي يعتبر أن أمام لبنان، كما أمام القوى السياسية فيه فرصة اليوم، وعليهم استغلالها من خلال القيام بتنفيذ الإلتزامات فقط، وليس الذهاب نحو تقديم أية التزامات أخرى.

لكن ترجمة الوعود الإصلاحية إلى أمر واقع دونه العديد من العقبات، وعلى كل المستويات، وفق ما تلاحظ الأوساط الديبلوماسية نفسها، فالحكومات المتعاقبة منذ مؤتمرات الدعم في باريس، كانت أمام تحدي القيام بالإصلاحات، ولكن من دون تقديم أية خطوات عملية في هذا الإطار على امتداد السنوات السابقة، وصولاً إلى المرحلة الراهنة، والتي باتت فيها عواصم القرار العربية والغربية، وفي مقدّمها العاصمة الفرنسية، تشترط حصول الإصلاحات قبل الوفاء بأية التزامات مالية أو تقديم مساعدات للحكومة اللبنانية.

وتضيف الأوساط نفسها، أن مقدمة هذه المساعدات ستبدأ من خلال البرنامج مع صندوق النقد الدولي، والذي لن يتمّ التوصّل إليه، قبل تنفيذ إصلاحات هيكلية تؤمّن خروج لبنان من أزمته المالية الحالية وتسمح بتحفيز النمو الإقتصادي، على أن تطال هذه الإصلاحات كل القطاعات، وفي مقدمها قطاع الطاقة أو الكهرباء، وذلك، وفق الوعود بخطة الإصلاح والنهوض الإقتصادي لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

وعليه، فإن استعادة الثقة بالوعود الكلامية حتى الساعة من قبل المسؤولين كافة سواء في الحكومة أو خارجها، كما ورد في تصريح السفيرة الفرنسية بالأمس، قد باتت معبراً إلزامياً أمام الحكومة، من أجل الإنتقال إلى مرحلة التعافي.

Leave A Reply