تركيا.. استمرار حرائق الجنوب وفيضانات تجتاح الشمال

مع دخولها الأسبوع الثالث على التوالي، تستمر حرائق الغابات في جنوب غرب تركيا، في خمسة بُقع على الأقل، في مقاطعتي موغلا وأيدين، حسبما صرحت الحكومة التركية في بيان، مذكرة أن مختلف قطاعات الدولة تُركز جهودها على حرائق ولاية موغلا، التي كانت من أوائل الحرائق التي اندلعت. لكن المفاجئ كان هطول أمطار غزيرة بولاية بارتين الشمالية، حيث تسببت بحدوث فيضانات مدمرة،

أودت الفياضات خلال الساعات الماضية بحياة شخص واحد على الأقل واختفاء آخر، وجرح قرابة عشرين آخرين، حسب مصادر مديرية الصحة في الولاية.

إدارة الكوارث والطوارئ التركية قالت إن أمطاراً غزيرة بدأت بالهطول اعتباراً من مساء الثلاثاء، وأن مناطق سينوب أيانجيك وكاستامونو بوزكورت وأزدافاي شهدت ما لا يقل عن هطول 200 مم من الأمطار خلال الساعات الأولى من صباح الأربعاء.

والي محافظ بارتين التركية سنان جونر، قال في تصريحات صحافية صباح الأربعاء “إن الإشعارات الأولى لاندلاع الفيضانات بدأت في حوالي الساعة الثالثة صباحاً ، وإن الانهيارات الأرضية حدثت على الطريق السريع بارتين – أبديباشا – أولوس حيث تنتشر فرق الدفاع المدني الآن، الذي أوقفت السلطات حركة السير عليه”.

وسائل الإعلام التركية نقلت عن قرويين من سبعة قرى في الولاية محاصرة المياه لكافة نواحي قراهم، حيث قال السكان المحليون في قريبة “ظافر أولوس” إنهم صعدوا أعلى تلة القريبة، لأن مياه الفيضانات غمرت كل بيوت القرية، حيث غرقت الكثير من مواشيهم ومتُلفت مخازنهم الزراعية.

إلى ذلك، ما يزال حريق منطقة ياتاغان الكبير في ولاية موغلا ما مشتعلاً والأكثر إثارة للمخاوف، فهو المستمر منذ أثني عشر يوماً، لكنه محتفظ بنفس درجة حدته الأولى، ويُعيد الخُبراء ذلك إلى كثافة ونوعية الأشجار في تلك المنطقة، حيث تنتشر غابات أشجار البلوط الشهيرة في تلك المنطقة. السكان المحليون في المنطقة قالوا إن باتاغان يكاد أن يصل إلى “جبال جين” في ولاية أيدين المجاورة، كذلك أن تصل منطقة كويسغيز في ولاية موغلا.

السلطات المحلية التركية في منطقة “هضبة تشوفينلي” حذرت السكان المحليين من إمكانية وصول النيران إلى مناطقهم، وطالبتهم بالجاهزية التامة للإجلاء في أية لحظة، فالطريق المؤدي إلى تلك المنطقة يكاد أن يكون وحيداً، وفي حال حدوث الأسوأ، يُمكن له أن يُغلق أمام كثافة النيران.

عملياً، أعلنت السلطات التركية إنها قطعت سلسلة من الأشجار المحيطة بالمحطات الحرارية الموجودة بكثافة في تلك المنطقة، لمنع وصول النيران إليها، وتكرار مأساة انفجار محطة “كيمركوي” الحرارية لإنتاج الكهرباء، بالقرب من بلدة ميلاس التركي قبل خمسة أيام. كذلك وزعت وزارة الداخلية التركية مجموعة من أطقم الأطفاء في المناطق المفصلية بين الغابات الرئيسية، لعمل كحواجز أمام وصول النيران إلى مناطق جديدة.

إلى ذلك، أثارت تصريحات وزير الزراعة والغابات التركي بكير باكديميرلي استياء في الأوساط الشعبية، إذ صرح بطريقة تهكمية عن استعداد بلاده لتقديم الطائرات إلى اليونان لتخفيف الحرائق داخلها. الأمر الذي رأته الأوساط الشعبية بمثابة قفز على المُشكلة الكُبرى التي ظهرت في تركيا في ذروة اندلاع الحرائق، حيث لم يكن ثمة طائرات مختصة كافية للتعامل مع الحرائق، واستنجدت الحكومة التركية بكل دول العالم للتعامل مع المشكلة التي واجهتها، بما في ذلك اليونان نفسها.

المثير للاستغراب هو اندلاع حرائق جديدة في مناطق أخرى من غابات المنطقة، إذ أعلنت السلطات المحلية في منطقة دالامان عن ملاحظة السكان المحليين في مركز “كوزموار” لسحابة دخانية من غابات المنطقة، لكنهم تمكنوا من السيطرة عليها. الامر نفسه تكرر بالقرب من مطار منطقة دالامان، حيث تمكن حريق حديث صبيحة اليوم، الاثنين، من ألتهام ثلاثة هكتارات من الأشجار، قبل أن تسيطر عليه قوى الدفاع المدني التي في المطار.

الإحصاءات الرسمية التي نشرتها الحكومة التركية حول نتائج أسبوعين كاملين من حرائق الغابات جنوب غرب البلاد، قالت إن 7320 مزارعاً وفلاحاً تركياً، من 22 مقاطعة قد فقدوا أراضيهم تماماً. وإن 172 قرية تُركية قد أصبح سكانها المحليون دون أية موارد زراعية تماماً، بعدما أتت النيران عليها كلها.

كذلك أعلنت وزارة الزراعة التركية إن مئات قطعان الأغنام والماعز قد فُقدت، إضافة إلى 6 آلاف غُرفة لإنتاج العسل، وأكثر من 7 آلاف آلية وشاحنة وجرار. كما أن الحرائق أتت على 549 ألف طن من المستودعات الزراعية، حسب معطيات الوزارة.

الباحث والناشط السياسي التركي أردان يوفالجي، شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية الجدال السياسي المطول الذي ستشده البلاد مع انكفاء حدة الحرائق هذه “من طرف يُتوقع أن تُحمل الحكومة جهات خارجية متآمرة مسؤولية ما جرى، لتخلق حالة من (الإرهاب السياسي) داخل البلاد، وتالياً أن تتنصل من المسؤولية الكُلية عما جرى، حيث كشفت الوقائع عجزاً وسوء تنسيق بين مؤسسات الدولة. الأمر الأهم في المسألة هو أن هذه الحرائق قد أتت على الموسم السياحي في البلاد، وتالياً ثمة توقع كبير بتراجع قيمة الليرة التركية قريباً بنسب عالية، والمعارضة تعتبر ذلك حسماً من الرصيد الشعبي لحزب العدالة والتنمية، وتتطلع لاستخدامه سياسياً”.

Leave A Reply