عروض اقتصادية روسية في ظروف إستثنائية

ذوالفقار قبيسي – اللواء

المواقف وردود الفعل تتواصل تجاه العروض الروسية لبناء مصفاتي تكرير في منشآت الزهراني في الجنوب وفي منشآت طرابلس ومحطتين للكهرباء وإعادة إحياء مرفأ بيروت واهراءات قمح في مرفأ طرابلس كجزء من خطة تنشيط المرفأ وإعادة دوره التاريخي في العلاقات الاقتصادية بين لبنان والدول العربية، في وقت لم يصدر حتى الآن موقف رسمي تجاه العروض لا من قبل حكومة تصريف الأعمال ولا من قبل الوزراء كل حسب اختصاص وزارته في القطاعات التي تتصل بها، من وزارة الطاقة ووزارة الأشغال بما يتعلق بالنفط والغاز والكهرباء ومرفئي بيروت وطرابلس، الى وزارة الخارجية بشأن مدى إمكانية قبول لبنان عروضا روسية في ظل الصراع الأميركي – الروسي، فضلا عن موقف وزارة الاقتصاد والتجارة تجاه ردود فعل أطراف «يمينية» ترى أن تدشين لبنان علاقات اقتصادية في مشاريع حيوية استراتيجية مع روسيا ودول حليفة لها من الصين الى إيران، هو خروج عن الخط التقليدي في علاقات لبنان التاريخية مع أوروبا الغربية والولايات المتحدة، أو الموقف من دعوة أطراف يسارية الى أن يفصل لبنان بين الاقتصاد والسياسة ويتخذ أي إجراء مناسب لصالحه خصوصا خلال هذه الفترة الاقتصادية العصيبة. حتى ان البعض من هذا الفريق يذكر بصفقة السلاح التي عقدتها الثورة المصرية مع المعسكر الاشتراكي خلال منتصف القرن الماضي وردّ الرئيس عبد الناصر يومها على المعترضين على الصفقة في احدى خطبه: «بيقولوا السلاح ده شيوعي. هو فيه سلاح شيوعي وغير شيوعي؟» وانتهى الأمر بتحدي المواقف الغربية بقبول السلاح الذي كان مصدره تشيكوسلوفاكيا.

ومع ذلك فإن ظروف الأمس غير ظروف اليوم ولبنان عشرينيات هذا القرن ليس مصر خمسينيات القرن الماضي. وبالتالي في ظل الحصار السياسي المطبق على لبنان خلال محنته الاقتصادية والمالية الراهنة، لا بد لحكومة تصريف الأعمال أو أي حكومة مقبلة أن تضع أجوبة سياسية واقتصادية واستراتيجية حول التداعيات المتعلقة بالعروض الروسية وأي عروض أخرى على الخط نفسه:

١- ما هي الاحتمالات المتوقعة من جانب الطرف الأوروبي والأميركي في حال قبول لبنان عروضا اقتصادية روسية (أو إيرانية) ومدى تأثير هذا القبول على مساعي الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي والصناديق الدولية والعربية ومن دول مساعدة لبنان. وإذا كان هناك مروحة عريضة من دول تعمل فيها مشاريع روسية وصينية بينها دول أفريقية أو عربية مثل مصر والعراق والأردن، أو شرق أوسطية مثل قبرص وإسرائيل، ودون أن تلاقي اعتراضات أميركية أو أوروبية، فهل ان لبنان في ظل الحصار السياسي والاقتصادي الحالي، قادر على تجنّب هذه الاعتراضات أو أي عقوبات محتملة قد تزيد من شدّة الحصار؟!

٢- ما هي الأكلاف المقدرة للمشاريع الروسية المطروحة؟ وإذا كانت بصيغة الـB.O.T. فهل لدى لبنان خلال وضعه الاستثنائي الراهن في ضيق ذات اليد، إمكانية المشاركة التمويلية في هذه المشاريع؟ وما هي مدد عقود الاستثمار والحصص وباقي الشروط القانونية؟

٣- وهل بالإمكان في حال البدء بمسيرات التشركة أو المشاركة أو حتى الخصخصة، استدراج عروض من دول أخرى أو شركات عالمية لتنفيذ هذه المشاريع. منها على سبيل المثال «سيمنز» الألمانية التي قدّمت عروضا لم تحسم بعد في قطاع الكهرباء.

علما انه في مشاريع عدة في طليعتها إعادة إحياء مرفأ بيروت هناك عدد كبير من الدول التي أبدت إستعدادات لتمويل وتنفيذ هذه المشاريع وسواها في قطاعات الكهرباء والمياه والنقل، ولم تحسم الدولة أمرها تجاه إنهاض هذه القطاعات، وكأنما الدولة غائبة تماما عن مشهد الإنهيار باتجاه الارتطام الذي يسبق الانفجار!

Leave A Reply