وزير الامتحانات يقهر الطلاب وأهلهم ويرشو الأساتذة بالبنزين

وليد حسين – المدن

وزير التربية مصرّ على امتحانات الشهادة المتوسطة. روابط المعلمين، ولجان الأهل، وبعض المحيطين به، ومسؤولين ونواب، طلبوا منه عدم إجراء امتحانات هذه الشهادة. وهو لا ينصت لأحد. كل المعنيين بقطاع التربية لا يريدون هذه الشهادة. إلا هو وبعض المحيطين به. لجان الأهل أبلغوه أن أولادهم غير جاهزين للامتحانات. لكنه يصر عليها. أساتذة ومدراء صعّدوا من نبرتهم مهددين بأنهم سيقاطعون الامتحانات. مع ذلك ما زال المجذوب ماضياً بها. عرف من أين تؤكل كتف روابط الأساتذة: سيؤمن بونات بنزين للأساتذة كي يصلوا إلى مراكز الامتحانات، وسيؤمن بدل مراقبة لأساتذة التعليم الخاص، بعدما رفض هؤلاء المشاركة من دون مقابل.

يرفض الاستماع

تبدأ امتحانات الشهادة المتوسطة بعد عشرة أيام. وأهالي الطلاب يواصلون صرختهم بعدم جاهزية الأبناء. فغالبية الطلاب في لبنان لم يتعلموا إلا القليل. في المدارس الرسمية كلها، وفي الغالبية العظمى من المدارس الخاصة، لم يتعلم الطلاب. الأهالي الذين لديهم إمكانيات أتوا بأساتذة لتعليم الأبناء، أو اعتمدوا على أستاذ بحكم الجيرة. فقط في المدارس الخاصة المجهزة، ونسبتها لا تتجاوز 30 بالمئة، تعلم طلابها. لكن الوزير لا يريد سماع صوت أم شكت من ارتفاع ضغط ابنها لم يتجاوز الـ14 ربيعاً، ونقلته إلى المستشفى، ليتبين أن السبب هو الضغوط النفسية. والوزير لا يقرأ تعليقات الأهل على مواقع التواصل الاجتماعي من أن أبنائهم غير حاضرين، ولا حتى الكم الكبير من الشتائم التي يكيلونها له وللوزارة.

غير كافٍ تربوياً

الوزارة قامت بمجهود كبير لتأمين تنظيم الامتحانات الرسمية من الناحية اللوجستية. لكن هذا لا يكفي تربوياً، كما تقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور لمى الطويل لـ”المدن”. وتضيف: نحن كلجان أهل نريد إجراء امتحانات الشهادة الثانوية، نظراً لأهميتها والحفاظ على مستوى التعليم في لبنان. لكن بما يتعلق بشهادة المتوسط، وبعد استشارة العديد من الأساتذة في القطاعين العام والخاص، ووفق شكاوى الأهل، فغالبية الطلاب غير جاهزين لهذا الامتحان، وخصوصاً في المناطق، والفقيرة منها تحديداً. فالطلاب لم يتعلموا بسبب انقطاع التيار الكهربائي والانترنت. ولم تعد المسألة محصورة في المناطق الطرفية، بل حتى في المدن لا يوجد كهرباء ولا انترنت منذ أكثر من شهر، في وقت بات معظم الأهالي من الفقراء وغير قادرين على تأمين الكهرباء والانترنت.

لا مساواة وظلم

تشكو الطويل من أن هناك العديد من المدارس، وقبل نحو أسبوع من إجراء الامتحانات، لم تنه مناهجها، وتتابع تعليم الطلاب. والأهل غير قادرين على تأمين أساتذة لأولادهم. وتؤكد خوف لجان الأهل من أن هذه الامتحانات، في ظل الظروف التي نعيشها، ستكون غير عادلة ولا يوجد فيها مساواة بين الجميع. ستؤدي هذه الامتحانات إلى ظلم كبير لعدد كبير من الطلاب. والوزير لم يتفهم مخاوفنا، كما تقول.

الأساتذة المتعاقدون، وهم الجيش الأكبر في مرحلة التعليم المتوسط مغبونون. يشكلون نحو 80 بالمئة من الأساتذة لمرحلة التعليم الأساسي. يطالبون الوزير بإلغاء هذه الشهادة لأنها ستظلمهم وتظلم الطلاب الذين لم يتعلموا، لكن الوزير يرفض حتى اللقاء بهم، كما تقول رئيسة اللجنة الفاعلة للمتعاقدين بالتعليم الأساسي، نسرين شاهين.

رشوة بنزين

ماذا يعني تقاضي الأستاذ خمسين ألف ليرة لقاء يوم عمل بمراقبة الامتحانات، فيما تنكة البنزين، غير المتوفرة، باتت بسبعين ألف ليرة؟ تسأل شاهين. وتقول: قد يؤمن الوزير بون بنزين للأساتذة كي يصلوا إلى مركز الامتحان، وسيرضى العديد من المتعاقدين بهذه الرشوة، بعدما بات المتعاقد يبحث عن ثمن ربطة خبز لأولاده. لكننا نرفض هذه الحلول التي تقوم بها روابط الأساتذة مع الوزير، لأنها لا تمثل المتعاقدين. وتؤكد أن هناك العديد من المتعاقدين قرروا عدم الرضوخ ولن يشاركوا بالامتحانات. وثمة العديد من المتعاقدين تركوا لبنان نهائياً.

النقابي في لقاء النقابيين الثانويين، حسن مظلوم، يستغرب تحرك المدراء، الذين أعلنوا مقاطعة الامتحانات، لأنهم يسخفون مطالب الأساتذة والعمل النقابي. يتحركون من دون معرفة السبب. ويظنون أن مشكلة الأساتذة محصورة بتأمين بون بنزين مجاني كي يصلوا إلى مراكز الامتحانات. ويقول: هم زبائن عند احزابهم التي أتت بهم. وهمهم تأمين بون بنزين، كما لو أن مشكلة الأستاذ اليوم محصورة بكيفية ذهابه إلى مركز الامتحانات. بينما آخر همّ الأستاذ تأمين البنزين، إلا إذا كان من زبائن هذه السلطة التي أوصلته إلى معاناته الحالية.

كفى قهراً

ويضيف، ليأتي الوزير ويرى ما كتبه الطلاب على مسابقات الامتحانات النهائية: “الله يخليكِ يا معلمة مش قادر. وارحمنا يا أستاذ”. نعم، لقد كتب العديد من الطلاب هذه الجمل رداً على أسئلة الامتحانات. لكن الوزير لا يريد الانصات لصوت العقل.

ويضيف: حقيقة لا نفهم من إصرار الوزير إلا أن المستفيدين مادياً من أموال الامتحانات، من رؤساء دوائر ومناطق تربوية، تابعين لأحزاب السلطة، يمارسون ضغوطاً عليه لإجرائها. وهو لا يسأل نفسه ما الفائدة من امتحانات نتائجها معروفة سلفاً. كفاك قهراً بالأساتذة وبأهالي الطلاب، كما يقول.

Leave A Reply