الإجماع النيابي النادر حول ملف النزوح السوري، والذي تجلّى بأبهى صوره في جلسة الأمس، يجب الحفاظ عليه ورعايته، والعمل على إستمراره وتطويره، ليصل إلى شاطئ الإستحقاق الرئاسي بسلام، وبأسرع وقت ممكن.
طبعاً الإنتخابات الرئاسية عنوان أساسي، بل هي العنوان العريض، للإنقسامات السياسية الحالية، التي تُعطِّل مفاصل الشرعية، وتهدد مقومات الدولة، بسبب الشغور في رئاسة الجمهورية، وعدم وجود حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية، والتعثر الحاصل في التشريع، بسبب مقاطعة كتل نيابية وازنة للجلسات التشريعية، بحجة عدم جواز التشريع بغياب رئيس الجمهورية.
ولكن مرور أكثر من سنة ونصف السنة على إقفال القصر الرئاسي، يُفاقم الأوضاع المتردية أصلاً في البلد، ويُهدد بإستمرار الإنهيارات في مختلف القطاعات الحيوية، فضلاً عن الإهتزازات التي تضرب النظام السياسي المأزوم منذ فترة، وتراجع مكانة الدولة اللبنانية في المحافل العربية والدولية.
لا بد من تذكير أصحاب المواقف الرافضة للحوار تحت قبة البرلمان، أن الإجماع الذي تحقق أمس في التصويت على ملف النزوح السوري، قد حصل بعد إجتماع لجنة نيابية ضمت ممثلين عن مختلف الكتل النيابية، وناقشت الملابسات والإشكالات المحيطة بالهبة الأوروبية، وموانع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وتوصلت إلى التوافق على نص التوصيَّتين الى الحكومة، بعد حوارات ومناقشات مستفيضة بين النواب الذين إختصروا تركيبة المجلس النيابي الحالي.
لقد أثبت الإجماع النيابي أمس، أن الحوار هو السبيل الأنجع، إذا لم يكن الوحيد، لمعالجة الخلافات السياسية المستفحلة، والتوصل إلى الحلول المناسبة للأزمات المستعصية، وتجاوز العقبات التي تعترض الإستحقاقات الدستورية، وفي مقدمتها الإنتخابات الرئاسية.
للمرة الألف نقول أن الحوار يمهد الطريق لكل الأفرقاء للنزول عن شجرة المواقف العالية، والتلاقي في منتصف الطريق، وتقديم التنازلات المتبادلة من أجل الوطن، قبل أن تكون خطوات من هذا الطرف إلى ذلك الفريق.
والحوار يفتح الطريق أمام التوصل إلى تسويات خلاّقة للخلافات المعقدة، بما يحفظ توازنات المعادلة الوطنية، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وبعيداً عن أساليب الضغط والفرض، والتفرد والإستئثار.
فهل يفتح الإجماع النيابي أبواب الحوار الموصدة؟
صلاح سلام – اللواء