الجمعة, نوفمبر 1

1700 منزل مدمر وخسائر جسيمة في القطاع الزراعي… كيف ستُدفع التعويضات وهل التمويل متوافر؟!

بعد دخول المواجهات على الحدود الجنوبية شهرها الثامن ارتفعت قيمة الخسائر في المنازل والمؤسسات والمزروعات في قرى وبلدات الجنوب. فما حجم الاضرار الاولية وما قيمة التعويضات عن الخسائر ومن سيدفعها؟

تواصل آلة التدمير الاسرائيلية استهداف المنازل والبنى التحتية في الجنوب، اضافة الى مواصلة احراق الاحراج والبساتين من خلال استهداف الاراضي الزراعية بالقنابل الفوسفورية المحرمة دولياً.

حتى تاريخه تجاوزت قيمة الاضرار 3 مليارات دولار بحسب احصاءات اولية لمجلس الجنوب ووزارة الزراعة، فكيف توزعت؟

لا يمر يوم من دون ان تستهدف الاعتداءات الاسرائيلية المنازل والمؤسسات التجارية والعامة في بلدات الجنوب، فضلاً عن استمرار احراق مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية وتدمير البنى التحتية في اكثر من بلدة جنوبية وبقاعية.

فمجلس الجنوب احصى حتى مطلع ايار الحالي تدمير 1700 منزل بشكل كامل، وتضرر بنسب متفاوتة لنحو 14000 منزل ومؤسسة، وتظهر المسوحات الميدانية تضررا كبيرا للمنازل في بلدات الضهيرة وعلما الشعب ويارين ومروحين في قضاء صور.

اما بلدات بنت جبيل فتتربع عيتا الشعب على رأس قائمة الدمار الرهيب حيث دمرت المنازل والمؤسسات بشكل كامل على طول الحافة الامامية، وبعد عيتا الشعب تحتل بلدة رامية المركز الثاني لجهة حجم الدمار. والحال لا تختلف في بلدة عيترون التي لا تزال تتعرض لغارات بطائرات حربية ومسيّرة اسوة بسائر بلدات الشريط الحدودي كمارون الراس ويارون. اما مدينة بنت جبيل ففيها عدد قليل من المنازل المدمرة والمتضررة.

وتيرة الدمار ترتفع في بلدات مرجعيون وخصوصاً في بليدا وعديسة ومركبا وكفركلا وصولاً الى مدينة الخيام وكذلك في بلدات العرقوب.

أضرار بمليار ونصف مليار دولار!

تتريث الجهات المكلفة مسح الاضرار في تحديد قيمة نهائية للاضرار لسبب بسيط يكمن في استمرار الاعتداءات وبالتالي ارتفاع أعداد المنازل المدمرة والمتضررة. وبحسب احصاء اوّلي فإن القيمة المقدرة للاضرار في المباني والمؤسسات تفوق المليار دولار، عدا عن الأضرار الزراعية التي سيتم التحقق من حجمها بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي، كما أن ضرر القنابل الفوسفورية على الزراعة سيمتد لسنوات عديدة. اما الاضرار بالبنى التحتية فتقدر بنحو 500 مليون دولار.

منذ بدء المواجهات على الحدود الجنوبية عمد جيش الاحتلال إلى استخدام القنابل الفوسفورية المحرمة دوليا، وتعمد احراق الاحراج والبساتين والأشجار المثمرة على طول الحافة الأمامية ما تسبب بخسائر فادحة في المزروعات، فضلا عن تلويث التربة جراء مادة الفوسفور الحارقة. وزارة الزراعة أحصت حتى الأسبوع الثالث من نيسان الفائت احراق اكثر من 2200 دونم من الأراضي الزراعية بشكل كامل، إضافة إلى تضرر اكثر من 6050 دونما من الأشجار والأحراج.

دائرة الاضرار شملت اكثر من 55 بلدة في محافظتي النبطية والجنوب.

لكن السؤال البديهي: كيف سيصار الى تخمين قيمة الاضرار، والاهم من سيتولى دفع التعويضات؟ فوزارة الزراعة ليس لديها احصاء دقيق حتى اللحظة بسبب استمرار الاعتداءات واستمرار احراق الأراضي الزراعية، وعند الاعلان عن وقف اطلاق النار سيتم اجراء مسح الاضرار بشكل دقيق، وكذلك سيصار الى فحص للتربة المستهدفة بالفوسفور، وبعد ذلك سيرفع وزير الزراعة كتاباً الى الحكومة لتحديد قيمة تلك الاضرار، وكذلك سيوجه كتاباً الى جميع المنظمات الدولية العاملة في لبنان وخصوصاً تلك التي لديها اهتمام بالشأن الزراعي، مع العلم ان تلك المنظمات لديها علاقة مباشرة مع وزارة الزراعة وتربطها معها مذكرات تفاهم ومشاريع مشتركة.

اما الجهة الثانية المعنية بالاضرار والتعويضات ضمن الاطر الحكومية فهي الهيئة العليا للاغاثة ومجلس الجنوب. وبحسب تقديرات غير نهائية فإن الاضرار الزراعية تفوق المليار دولار.

“لا اموال حتى تاريخه …”

تختلف الاوضاع في لبنان عن تلك التي رافقت عدوان تموز 2006، ولا يمكن مقارنة تلك المرحلة بما هي عليه الاحوال بعد الازمة المتدحرجة التي يعاني منها لبنان، فضلاً عن عدم ظهور ملامح استعدادات خارجية للمساعدة في اعادة الاعمار.

اما قدرات الحكومة على التعويض فلا تزال على حالها من عدم القدرة على تأمين الاموال، ما يعني ان مصادر التمويل غير معروفة حتى تاريخه.

وسيركن متابعو ملف التعويضات الى ما قاله رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عن التوجه الى الدول المانحة لتأمين الاموال، وكذلك ما اعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري عن استعداده لزيارة عواصم العالم كلها لاعادة بناء ما تهدم في الجنوب.

في الخلاصة ان مصير التعويضات مرتبط بمدى استجابة الدول لطلب المساعدة اللبنانية.

اما المعضلة الثانية فتكمن في طريقة احتساب قيمة الاضرار وما اذا كانت وفق المعايير السابقة، بمعنى التعويض عن كل وحدة سكنية بمبلغ يصل الى 40 الف دولار، وكيف سيصار الى احتساب المبالغ في هذه الظروف، وسؤال آخر مَن كان لديه فيلّا بناها بكلفة نصف مليون او مليون دولار كيف سيتم التعويض على اصحابها، وماذا عن الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة؟

صحيح ان الغموض يكتنف موعد الهدنة او وقف إطلاق النار، لكن تلك الاسئلة مشروعة وستكون محل جدل كبير في الفترة المقبلة. اما الجهات الحزبية فكيف ستتعاطى مع هذا الملف وهل لديها القدرة على دفع كل تلك التعويضات، ام ان اعادة الاعمار يجب ان تتولاها الحكومة وفق مسار سياسي عنوانه اعادة الاعمار؟

 عباس صباغ – النهار

Leave A Reply