البنزين بين 2008 و2021: كيف سرقتنا الوزارة والشركات

عزة الحاج حسن – المدن

في وقت تزدحم فيه الشوارع بطوابير السيارات على أبواب محطات المحروقات، تتوالى قرارات وزير الطاقة والمياه لتحديد تسعيرة مبيع البنزين بصنفيه، والديزل أويل، والغاز، ورفع جعالة المحطات، وقرارات أخرى لا تقدّم ولا تغيّر شيئاً في واقع أزمة شح المحروقات، التي يتقاسم مسؤوليتها كافة الأطراف المعنيين بقطاع النفط والمحروقات، وعلى رأسهم وزارة الطاقة.

يوحي إلينا وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، ريمون غجر، بقرارات تسعير صفيحة البنزين، وكأنه يعيش في بلد أو كوكب آخر. يعتقد ان محطات المحروقات تلتزم فعلاً بتسعيرة وزارته التي تحدّدها أسبوعياً. قد يجهل غجر حجم الفوضى التي تسود قطاع المحروقات في المناطق، خارج بيروت الإدارية. يجهل كيفية احتكار المحروقات من قبل التجار والموزعين والمحطات، وبيع الصفيحة بأضعاف السعر الرسمي الذي يطل علينا به أسبوعياً.. لكن ماذا عن الأجهزة الرقابية وجهاز حماية المستهلك، الذي يعلم حق العلم، كيف وكم تُباع صفيحة البنزين في البقاع والجنوب والشمال.

ثم كيف تجرؤ وزارة الطاقة على تسعير المحروقات، في ظل غياب آلية علمية واضحة؟ فلطالما ارتفع سعر صفيحة البنزين بالتوازي مع سعر برميل النفط عالمياً. وهو أمر طبيعي. لكنه لم ينخفض يوماً بالسرعة التي يرتفع بها. وبمجرد المقارنة لسعري النفط عالمياً والبنزين محلياً بين أعوام سابقة واليوم، تتضح عشوائية التسعير، وعدم استنادها لأي منطق علمي واضح.

بين حزيران 2008 و2021

كثيرة هي الأمثلة التي تثبت عشوائية تسعير المحروقات في لبنان. وكثيرة أيضاً مجالات المقارنة. لكن على سبيل المثال أخذنا شهر حزيران من العام 2008، حين بلغ سعر برميل النفط عالمياً مستويات قياسية فاقت 145 دولاراً، حينها بلغ سعر صفيحة البنزين في لبنان نحو 33000 ليرة. أما اليوم فيبلغ سعر برميل النفط عالمياً نحو 71 دولاراً في حين يبلغ سعر صفيحة البنزين في لبنان 43 ألف ليرة، ويتّجه إلى مزيد الارتفاع. كيف يتم التسعير في وزارة الطاقة والمياه؟ ما هي الآلية الدقيقة التي تُعتمد في التسعير؟ لا جواب لدى المعنيين.

وبالمقارنة أيضاً، تسقط ذريعة انعكاس سعر صرف الدولار على أسعار المحروقات، بسبب سداد ثمن نسبة 10 في المئة غير المدعومة من البضائع المستوردة بالدولار النقدي، أي بسعر السوق السوداء، في حين أن الـ90 في المئة المتبقية من البضائع مدعومة من مصرف لبنان بسعر الصرف الرسمي أي 1515 ليرة للدولار.

فوفق جداول التسعير التي تنشرها وزارة الطاقة على موقعها الإلكتروني، توضح في أحد بنودها تحت مسمى عمولة إضافية مؤقتة (10 في المئة غير مدعومة من مصرف لبنان) بأن كل كيلو ليتر (متر مكعب) من البنزين 98 أوكتان تبلغ تكلفته 555 ألف ليرة. ما يعني أن كل صفيحة بنزين تحمل زيادة في سعرها بقيمة 11100 ليرة، بفعل سعر الدولار للبضائع غير المدعومة. لكن هذا الأمر لا يبرر ولا يبرّئ الوزارة من عشوائية التسعير، لأن هذه الزيادة وإن حذفناها كلّياً من سعر صفيحة البنزين يصبح سعرها حالياً متقارب جداً مع ما كانت عليه في العام 2008، على الرغم من أن سعر برميل النفط حينها كان ضعفي ما هو عليه اليوم. الأمر الذي يُثبت تواطؤ الوزارة مع الشركات المستوردة للمحروقات على حساب المواطن اللبناني. بل هي سرقة فاضحة استمرت لسنوات.

قرارات غجر

خمسة قرارات أصدرها الوزير غجر اليوم، تتعلق جميعها بتحديد سعر مبيع المحروقات السائلة والفيول أويل لزوم الصناعيين، والفيول أويل (1% كبريت)، والغاز، والديزل أويل أو المازوت، وتحدد حجم الجعالة لمحطات المحروقات.

وفي القرارات تم رفع سعر صفيحة البنزين 95 و98 أوكتان 900 ليرة، ليصبح سعر الصفيحة 95 أوكتان: 41800 ليرة، والصفيحة 98 أوكتان 43000 ليرة. كما تم رفع سعر صفيحة المازوت 1400 ليرة، ليصبح سعرها 30000 ليرة، في مقابل خفض سعر قارورة الغاز 300 ليرة ليصبح 25200 ليرة.

ورفع وزير الطاقة جعالة محطات المحروقات بقيمة 1000 ليرة عن كل صفيحة، لترتفع بذلك من 3000 ليرة إلى 4000 ليرة، وهي قيمة تُعد بالنسبة إلى اصحاب المحطات ضئيلة بالنظر إلى مطلبهم الذي يستدعي رفع الجعالة بنحو 7000 ليرة، إلا أنهم ارتضوا رفعها 1000 ليرة فقط، وعلى مضض، حسب ما يؤكد المتحدث باسم نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، نظراً لدقة المرحلة وعمق الأزمة.

Leave A Reply