الـ٤٠٠ دولار بالليرة تشعل التضخم والفقراء لا يقبضون ويدفعون الثمن!

ذوالفقار قبيسي- اللواء

طلب مصرف لبنان الى المصارف بأن تدفع شهريا للمودعين على مدى ٥ سنوات ٤٠٠ دولار نقدا بالدولار و٤٠٠ دولار نقدا بالليرة بسعر صرف ١٢٠٠٠ ليرة، يؤدي الى ضخ ٥٤ ترليون ليرة إضافية خلال سنتين (بمعدل ٢٧ ترليون ليرة كل سنة) الى كمية النقد المتداول الآن التي ارتفعت في عام واحد من ٣ ترليون ليرة الى ٣٤ ترليون ليرة، والتي إذا أضيف إليها الـ٥٤ ترليون ليرة التي ستضخها المصارف مقابل الـ٤٠٠ دولار التي ستدفع بالليرة شهريا، فسوف يرتفع عندها حجم النقد في التداول الى ٨٨ ترليون ليرة. وإذا أضيف الى هذا الرقم ما ستطبعه الدولة بالليرات خلال سنتين حوالي ٨٨ ترليون ليرة إضافية (بمعدل ٣٤ ترليون ليرة كل سنة عن الرواتب والأجور وفوائد الدين العام بالليرة إضافة الى النفقات الإدارية والاستثمارية وسواها) لبلغ إجمالي النقد المتداول بالليرة خلال سنتين ٨٨ ترليون ليرة + ٨٨ ترليون ليرة = ١٧٦ ترليون ليرة هي ما يسمّى «بامتياز» «التضخم الجامح» أو الـHigher Inflation الذي يتسبب بالمزيد من الارتفاع الجنوني في الأسعار بمعدلات عالية جدا ستجبر المودعين الى صرف الـ٤٠٠ دولار الأولى التي تسلموها من المصارف نقدا بالدولار، إضافة الى الـ٤٠٠ دولار التي تسلّموها بالليرة، لدفع الفروقات الجديدة العالية في الأسعار. فتكون النتيجة ان ما أخذوه من المصارف باليمنى قد دفعوه باليسرى، وبما ينطبق عليه قول الشاعر: «أكلت حلاوة وشربت ماء كأني لا أكلت ولا شربت»! فيما النتيجة للمصارف «حلاوة بحلاوة» ودون عوارض جانبية حيث القرار الجديد يرفع عن كاهلها أعباء ٢٥ مليار دولار من أصل مجموع الودائع بالدولار دفعتها بالليرات اللبنانية، إضافة الى ما دفعته وتدفعه حتى الآن بسعر صرف ٣٩٠٠ ليرة للمودعين بالدولار على مدى السنة ونصف السنة الماضية منذ أن أقفلت المصارف أبوابها في وجه المودعين وسدّت طريقهم الى ودائعهم بالدولار التي «تواظب» على دفعها بليرات تلتهمها نيران التضخم وجنون الأسعار.

ويبقى أخيرا أن الذين سيدفعون الثمن الأكبر للتضخم من مجمل العملية وهم، كالعادة، الفقراء الذين لا يملكون لا مصارف ولا ودائع كبيرة أو صغيرة لا بالدولار ولا بالليرة ولا أي حسابات من أي نوع، والذين سيعصف بهم وبعائلاتهم الارتفاع الجنوني في أسعار المعيشة بسبب التضخم الجامح الناتج عن الزيادة الهائلة في كميات النقد المتداول، بما يؤدي الى الفوضى العارمة وانتشار العصابات المسلحة وبحيث – كما في مقولة «كينز» الشهيرة عن تداعيات التضخم – تنهار مقومات الدولة وتتدمّر بنية العائلة وتتحلل قيم المجتمع.

Leave A Reply