هل يحق للمصارف رفض فتح أي حساب استوفى كل الشروط؟

ذوالفقار قبيسي – اللواء

مؤتمر المصارف المراسلة الذي عقد في بيروت الأسبوع الماضي وشارك فيه خبراء ومصارف من ١٩ دولة عربية وأجنبية، أعاد ضوءا الى المدينة التي كانت حتى الأمس القريب عاصمة القطاع المصرفي العربي قبل أن تهز بنيانها ومقوماتها الأزمة المصرفية – المالية الراهنة. ومع ذلك فان المداولات والمناقشات التي سادت المؤتمر كانت ذات أهمية لجهة محاولة تعزيز أو ترميم علاقة المصارف العربية مع مراسليها من المصارف الأجنبية في العالم، والإضاءة على المتطلبات الجديدة لكيفية التعامل والتعاون مع هذه المصارف في مكافحة الجرائم المالية والمخاطر الناجمة عن العمل عن بُعد والتوسع في استخدام التكنولوجيا المالية.

وإذا كانت هذه القضايا المهمة التي طرحت في المؤتمر تخص كل المصارف في البلاد العربية، فان بعض الأسئلة تناول استغراب البعض من محاولة المصارف اللبنانية تحديدا إستعادة الثقة العالمية وترميم علاقتها مع المصارف المراسلة الأجنبية في الخارج، لكن وفي الوقت نفسه إهمال ثقة مواطنيها في الداخل. وعكس مقولة المهاتما غاندي الشهيرة: «مهما فتحت نوافذي لتلعب في بيتي رياح العالم فان همّي الأساسي سيبقى دائما أن لا تقتلع الرياح بيتي من جذوره». وهو البيت الداخلي الذي كان ينبغي لمصارف لبنان الحرص عليه وتجنّب العديد من الأخطاء التي بلغ بعضها درجة الخطايا، ومنها ما لا يتعلق فقط بمصير الودائع وتقنين السحوبات، وإنما العديد من الاجراءات الاعتباطية التي زادت في عمق الفجوة بين المصرف والمواطن، ومنها على سبيل العد لا الحصر:

١- فرض المصارف عمولات استنسابية ارتجالية على حسابات المودعين، وعلى التحويلات والشيكات الواردة والصادرة من والى هذه الحسابات دون التنسيق أو التداول سلفا مع المودع، ودون أي مسوغ أو مبرر إنما بقرار من طرف واحد فقط هو المصرف.

٢- رغم ان العمل المصرفي في العالم وعلى مدى التاريخ هو شأن عام يمسّ مصالح الجمهور كونه يتداول بثروات وادخارات الجزء الأكبر من الشعب وليس مجرد شأن خاص هدفه فقط اقتصاص الفوائد و«اقتناص» الأرباح، فان المصارف اللبنانية باتت أخيرا لا تمتنع فقط عن فتح حسابات لمواطنيها، وإنما تقفل أيضا حسابات قائمة لديها لمواطنين، ورغم انه في الحالتين، تكون هذه الحسابات مستوفية كل الشروط المطلوبة من نموذج kyc (اعرف زبونك أو عميلك) الى أي نماذج ومستندات أخرى، وبالتالي ليس هناك أي سبب أو مبرر أو عذر لدى المصرف من أي نوع كان لعدم فتح حساب أو لإقفال أي حساب يستوفي الشروط المطلوبة، سوى الاستنسابية التي تصل في بعض الحالات حد المزاجية!! وأن كون العمل المصرفي ليس مجرد شأن خاص أو مجرد ملكية فردية لمساهمين، كما هو حال باقي الشركات والمؤسسات، وإنما هو شأن عام وبالتالي فأن من واجب كل مصرف الاستمرار بسياسة «الشمول المالي» التي انتهجتها مصارف لبنان منذ أن كان هناك مصارف في لبنان، بل وروّج لها القطاع المصرفي بحملات دعائية لاجتذاب أكبر عدد من المودعين من مختلف الفئات والأعمار ومهما كانت صغيرة قيمة الوديعة، وهي السياسة المتبعة لدى كل دول العالم المتقدمة أو النامية أو الناشئة، والدليل ان المصارف اللبنانية قبل الأزمة الأخيرة افتتحت على مدى عشرات السنين نحو 2,5 مليون حساب لمودعين لبنانيين وعرب وأجانب جعلت من لبنان طوال أكثر من ٣٠ عاما مصرف العرب وخزان ادخاراتهم وسياج ودائعهم والحصن المنيع لثرواتهم قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب!

Leave A Reply