كيف يدفع المواطن اللبناني الضريبة الواحدة ٤ مرات؟!

ذوالفقار قبيسي – اللواء

المواطن في لبنان هو الوحيد بين مواطني العالم الذي يدفع الضريبة نفسها أربع مرات. الأولى الضريبة العادية التي تفرضها الدولة على المواطن سنويا. والثانية عندما لا تعيد الدولة للمصارف الدولارات التي استدانتها من وديعة المواطن في المصرف الذي يعيدها للمودع ليرات لبنانية بسعر صرف أقل من ثلث السعر الحقيقي للدولار. والثالثة عندما تخلق المصارف النقود الائتمانية في مسلسل يضعف باستمرار وديعة المواطن بالعملة الوطنية، والرابعة عندما تطبع الدولة كميات هائلة من الليرات التي تستنزف بالتضخم آخر بقايا القوة الشرائية المتدهورة لوديعة المواطن سواء كانت بالليرة أم بالدولار الذي تدفعه المصارف للمودع بسعر صرف ٣٩٠٠ ليرة هو أقل من ثلث السعر الحقيقي في سوق موازية تسمّى خطأ بـ «السوق السوداء»!

وتحت هذا الضغط الضريبي الثقيل، يدفع المواطن ضرائب ورسوم المالية والبلدية والضمان والكهرباء والماء وجواز السفر وإخراج القيد الشخصي والعائلي وحصر الارث والتسجيل العقاري وسواها، وبمداخيل تتناقص وقدرات انتاجية تضمحل على الصورة التي يوردها بالتفصيل الدقيق، الخبير الاقتصادي محمد ياسر الصبان في كتابه: «نهضة الأمم عبر التمويل بالنمو – الدليل في علم السياسة والاقتصاد لاستئصال الفساد الإداري ولجم أورام الجبايات الضريبية وقمع الفقر «المتضمن مقاربة علمية اقتصادية جديدة يصف فيها المؤلف النقد الورقي الذي تصدره الإدارة السياسية بأنه «وسيلة ضريبية جديدة غير منظورة واقتراض غير مباشر لا تحتاج الحكومات الى تسديده لاحقا، بل أن الشعب – بسبب هذا النقد الورقي المتزايد – يكون قد دفع الضريبة للحاكم عن طريق تسريب جزء من الثروة الكامنة في الأوراق النقدية الموجودة أصلا في أيدي الناس»، حيث ان هذه النقود الورقية كما يشرح المؤلف في كتابه «لم تعد تحمل قيمتها بذاتها بل باتت وعاء للثروة. وكلما ازدادت الأوعية عن طريق ضخ نقود جديدة، نقص جزء من الثروة الكاملة في الأوعية الموجودة سابقا، فتتدنّى القوة الشرائية لكل النقود الموجودة في المجتمع متداولة كانت أم مدخرة. وبذلك يكون إصدار النقود وسيلة ضريبية مخفية ولكن لا يستطيع أحد أن يتهرّب منها. فكل من يملك ورقة نقدية ودونما حاجة الى التصريح عن كمية أمواله ومهما جناها وأخفى ثروته عن أعين الناس، سوف يدفع للحكومة ضريبة كلما أصدر البنك المركزي أوراقا جديدة». والمفارقة كما يقول المؤلف هي «ان دول العالم وبخاصة الصناعية الكبرى باتت تعتمد هذه الوسيلة النقدية في الاستحصال على الضريبة من كل من يحمل أوراقها النقدية».

الأزمة اللبنانية

وعن حل الأزمة الاقتصادية اللبنانية يعتبر المؤلف «ان المدخل هو في دراسة نظام الاصدارات المالية المصرفية وإعادة حساب حجم الكتلة النقدية الائتمانية اللبنانية الصادرة عن المصارف والتي تسببت بإنهيار سعر صرف العملة اللبنانية في تضخم لولبي انتقل بالثروة اللبنانية كلها من جيوب أصحابها الحقيقيين الى جيوب مالكي المصارف، ومن ثم احتساب الأوراق المالية الحقيقية التي أقرضتها المصارف الى الحكومة اللبنانية لتتمكن هذه الأخيرة من تثبيت سعر صرف الليرة، وأيضا احتساب المبالغ التي حصلت عليها المصارف منذ ذلك الوقت حتى اليوم… وعبر هذا المدخل المالي سنجد ان للشعب اللبناني في ذمة القطاع المصرفي ثروة هائلة قامت المصارف بسلبها من المجتمع بحجة انها القطاع الوحيد الذي تمكن من الاستمرار خلال الحرب اللبنانية، وعند الاحتساب سنعرف لماذا المصارف هي القطاع الوحيد الذي تمكن من الاستمرار فيما القطاعات الانتاجية عجزت أو أفلست».

ويستدرك المؤلف «ان هذا الحل العادل جدا لا يمكن تطبيقه إلا من ضمن جملة إصلاحات سياسية اقتصادية – يفصّلها المؤلف في كتابه – تحفظ للمواطن كرامته من خلال تنمية ثروته، ورعاية صحته وبيئته، وتنظيم شؤونه، وتسهيل حصوله على حقوقه الإنسانية الكاملة».

Leave A Reply