النهار : فتنة الدولار… لبنان بلا دولة

‎قد يكون الاسوأ من الانزلاقات الواسعة الخطيرة الإضافية التي شهدها لبنان امس نحو سيناريو الفوضى الشاملة، ‏ان الصعود الحارق في سعر #الدولار الى ما يتجاوز سقف الـ15 الف ليرة، واكبه تطوران سلبيان من خارج ‏الاطار المالي. الأول التغطية النيابية التلقائية المستغربة والمستهجنة لل#سلفة التي طلبتها وزارة الطاقة لمؤسسة ‏الكهرباء بما يشكل واقعيا استسلاما نيابيا معيبا لسياسات الابتزاز الذي تتبعها هذه الوزارة والفريق السياسي الذي ‏يديرها حيال النواب والكتل النيابية بما يبقي اكبر مصدر للعجز المالي والمديونية في لبنان مفتوحا على الغارب من ‏دون تقييد السلفات بشروط ملزمة إصلاحية توقف النزف والهدر والنهب المنظم. والثاني ان صورة الانهيار في ‏لبنان اقترنت امس بصورة عشرة صهاريج تنقل نفطا إيرانيا كهبة متجهة الى لبنان عبر الحدود البرية مع العراق ‏وسوريا الامر الذي يثير ما يتجاوز الاستياء الى تساؤلات حقيقية عن معنى افتعال هذا التطور وتداعياته على ‏لبنان. وتسارعت صورة الانهيار ليس في تطورات قطع الطرق والفوضى والذعر والارتباك الذي يجتاح البلاد، ‏وانما اكثر واخطر في انكشاف الغياب المخيف للدولة بكل معالمها وكأن لبنان يغرق بلا أي سيطرة وبلا روادع. ‏ولم يعد خافياً ان ثمة أجواء ريبة كبيرة تتعاظم حيال ما اذا كانت ثمة جهات متورطة فعلا في لعبة ترك الانهيار ‏يتسارع لاشعال فوضى عارمة في البلاد وهي ريبة اخذت مداها في الأيام الثلاثة الأخيرة مع اجهاض كل ‏المحاولات والجهود والوساطات لاحداث اختراق في ازمة تشكيل الحكومة وترك البلاد تتهاوى نحو مصير قاتم‎.‎

واختصر مرجع سياسي جمود ازمة التأليف التي عدنا فيها الى ما وراء المربع الاول، بأن الرئيس المكلف لا ‏يعطي حكومة 20 ويصرّ على حكومة 18 ولا يعطي وزير الداخلية ولا يعطي ثلثاً معطلاً. في المقابل، رئيس ‏الجمهورية يريد حكومة الـ 20 وزيراً ويطلب وزارة الداخلية‎.‎

‎ ‎وكشف مصدر شارك في اتصالات التأليف، ان اكثر من مبادرة تم تقديمها، واحبطت برفضها من رئيس “التيار ‏الوطني الحر” جبران باسيل الذي يريد الثلث المعطل بأي صيغة. وقال: بصيغة العشرين يريد باسيل ثمانية ‏وزراء من ضمنهم الوزير الدرزي لطلال ارسلان. وبصيغة الـ18 يريد سبعة وزراء، كاشفاً ان تسمية وزير ‏للداخلية ليست مشكلة ويمكن ايجاد مخرج لها باقتراح الاسماء‎.‎

‎ ‎وفي غضون ذلك برزت معالم انفجار اجتماعي حقيقي في الساعات الأخيرة على وقع اختراق الدولار السقف ‏القياسي الجديد فبلغ حدود الـ 15 الف ليرة الامر الذي ألهب الأسواق والناس وكل القطاعات بلا استثناء. وعادت ‏عمليات قطع الطرق في مختلف المناطق احتجاجا وسط مخاوف من انتشار الفوضى وتصاعدت تهديدات باقفال ‏الأفران والمخابز وعمت المتاجر والسوبرماركت فوضى غير مسبوقة اذ اقفل معظمها وسط نفاد معظم السلع ‏وارباك واسع في التسعير وتحذيرات من انهيار هذا القطاع. كما تمددت التحذيرات الى المستشفيات وإمكان اقفال ‏عدد منها في ظل ارتفاع سعر الدولار. كما شهد قطاع المحروقات فوضى عارمة بعدما رفعت محطات الوقود ‏بمعظمها خراطيمها اثر نفاد مخزونها. وفي مفارقة شديدة السلبية وفيما تخضع ايران لعقوبات تمنعها من تصدير ‏النفط او بيعه، اعلنت هيئة الجمارك العراقية، أنها سهلت مرور عدد من صهاريج المحروقات، كمساعدات إيرانية ‏متجهة إلى لبنان. واشارت الى أنّ “كوادرها قامت بتسهيل مرور 10 صهاريج محملة بمادة البنزين آتية من ‏الجمهورية الإسلامية الإيرانية كمساعدات إلى دولة لبنان عبر معبر القائم الحدودي‎”.‎

‎ ‎الابتزاز

وتحت وطأة التهديد بالعتمة الشاملة برز استسلام النواب في جلسة اللجان المشتركة التي اقرت اعطاء #كهرباء ‏لبنان، سلفة 200 مليون دولار من #مصرف لبنان، بالتصويت وباعتراض نواب حزبي “القوات اللبنانية ” ‏والتقدمي الاشتراكي كما ان النائب هادي حبيش كان الوحيد من كتلة “المستقبل” الذي صوت ضد إعطاء السلفة ‏لمؤسسة كهرباء لبنان . واقترح النائب أنور الخليل خلال جلسة اللجان النيابية المشتركة أن تعطى الكهرباء 300 ‏مليار ليرة بدل 1500 مليار ليرة‎.‎

ونقلت وكالة “رويترز” عن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قوله إن لبنان لا يمكن أن يبقي على دعم ‏الوقود بعد آذار، مشيرًا إلى أنه يمكن أن تبقي الحكومة على بعض الدعم حتى حزيران‎.‎

‎ ‎وسط هذا المشهد ، برزت مواقف حادة من التطورات كلّها وخصوصا في ملف الكهرباء لرئيس حزب “القوات ‏اللبنانية” سمير #جعجع الذي اعتبر “أن كل هذه الأمور تجعل من حياتنا أكثر صعوبة وتعقيداً إلا أنني أريد من ‏الجميع الا ينسوا أن كل هذه الأمور هي مؤشر إلى نهاية حقبة وبداية أخرى، إلى نهاية عهد وبداية آخر، باعتبار ‏أن المجموعة المتسلّطة على لبنان لن تتمكن من الإستمرار في تسلطها إنطلاقاً من الوضع المزري الذي وصلنا ‏إليه”. مشيراً الى انّ “الأكثرية النيابية الحالية تتحمل مسؤولية عدم تشكيل حكومة حتى الساعة” . وقال “طرحت ‏سلفة الكهرباء بمعادلة بسيطة “السلفة أو العتمة” وهذا أمر محزن ويدعو الى ثورة فعليّة وبدنا نخلص من سما دين ‏ربّكن بوزارة الطاقة”، لافتاً الى انّ “وزارة الطاقة من أكثر المؤسسات التي فيها زبائنية وفساد ولا إصلاح وقلة ‏إدارة وقلة وعي وسوء تقدير وهم لم يطلبوا 1500 مليار ليرة بل طلبوا مليار دولار أي 13 ألف مليار ليرة وهناك ‏غش حتى في هذا الأمر”. ورأى انّ “من أوصل الوضع في الكهرباء الى هذا الحد هو من يجب أن يجد الحل وعلى ‏الأكثرية الحاكمة أن تأتي بالحلول‎ “.‎

‎ ‎‎#‎جنبلاط

اما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فاعتبر ان “مصرف لبنان يُستنزف لصالح التجار والمهربين ‏والجوع لن يقف على أبواب أحد بل يطال الجميع وأي حزب يكابر فالجوع لن يرحم لذلك التسوية مطلوبة”. ورأى ‏ان “الوضع الإقتصادي سيؤدي إلى فلتان ربما أمني، لأنه دون أفق واضح وحكومة سيكون هناك فوضى ومن ‏يمنع؟” وقال: “لا بد من التلاقي بين عون والحريري وليكن هناك تسوية لأن التاريخ لن يرحمنا والسيد حسن قال ‏فلنذهب إلى الشرق ولا مانع لدي إذا كان هناك مواد إستهلاكية أرخص وأطالب بتخصيص قسيمة لتعطى للأسر ‏الأكثر فقرا بالدولار”. واضاف: “لا يستطيع الحريري أن يذهب إلى #مجلس النواب ويحجب فريق الثقة عنه، ولا ‏يمكنه أن يحكم من دون ثقة، ونحن نريد اطمئناناً‎”.‎

‎ ‎دعما للراعي

الى ذلك علمت “النهار” ان الرئيس فؤاد #السنيورة أقام قبل يومين مأدبة غداء جمعته والرئيسين نجيب ميقاتي ‏وتمام سلام والسفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتاري . وابلغ الرؤساء السنيورة وميقاتي وسلام ‏السفير موقفا واضحا بدعمهم لمبادرة وطروحات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس #الراعي من حياد لبنان ‏والمؤتمر الدولي‎.‎

Leave A Reply