الثلاثاء, مايو 28
Banner

الجمهورية : التأليف أسير الإعتبارات والضمانات.. ‏وبرّي يسعى على قاعدة الـ 18 وزيراً

تواصلت الاحتجاجات وإن بنسَب متفاوتة وفي مناطق عدة، وترافقت ‏مع قطع طرق وتنديد بالغلاء الفاحش والارتفاع المتواصل للدولار من ‏دون ان يكون هناك اي علاجات لهذا الوضع، إن اقتصادية أو سياسية ‏في ظل غياب أي معطيات جدية حول الحكومة العتيدة، وفي الوقت ‏الذي يجب ان يكون فيه الشغل الشاغل للقوى السياسية إخراج ‏الحكومة من عنق الفراغ والتعطيل، تتبارى في عقد المؤتمرات ‏الصحافية والمواقف في محاولة للتغطية على مسؤوليتها في ‏استمرار الفراغ الذي يتواصل فصولاً ومن دون أفق، بينما ينزلق الوضع ‏إلى القعر ومن دون كوابح. وفي الوقت الذي تتوالى التحذيرات ‏الدولية من مغبّة استمرار الفراغ وخطورته على الوضع اللبناني، وفي ‏الوقت الذي يشعر الناس بأنهم متروكين لقدرهم ومصيرهم وسط ‏تحليق للدولار من دون سقوف، لا يجد هؤلاء الناس مَن يطمئنهم الى ‏حاضرهم ومستقبلهم، متسائلين: هل خلافات المسؤولين أهم من ‏وحدة البلد واستقراره؟ وهل هذه الخلافات، بمعزل عن طبيعتها ‏وحجمها، تستدعي ترك البلد ينزلق نحو الانفجار؟

وفي هذه الاجواء لاحظت أوساط سياسية متابعة للازمة انّ الرأي في ‏ما يجري منقسم الى توجهين:‏

التوجه الاول يستبعد تماماً تأليف حكومة ويعزو السبب إلى اعتبارات ‏إمّا خارجية تبدأ من غياب الضوء الأخضر الأميركي، ولا تنتهي في ‏غياب الضمانات بتقديم المساعدات الدولية، وتحديداً الخليجية التي ‏من دونها لن يتمكن البلد من الوقوف على رجليه مجدداً، وإمّا داخلية ‏تبدأ بأزمة الثقة العميقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولا ‏تنتهي بعدم استعداد الرئيس سعد الحريري لترؤس حكومة أولوية ‏العهد فيها رئاسية ولا ضمانات بتحقيق الإصلاحات المطلوبة ولا ‏بالحصول على المساعدات الخارجية، فيكون كمَن يضع كرة النار ‏فالانفجار في حضنه، الأمر الذي ينعكس على وضعه ودوره ‏المستقبلي.‏

‏ ‏امّا التوجه الثاني فيجزم بأنّ الحكومة ستبصر النور قريباً، لأنّ أحداً في ‏الداخل والخارج لا يريد ان ينزلق لبنان إلى الانفجار في مرحلة انتقالية ‏المطلوب فيها ان يبقى مستقراً لكي لا ينعكس انفجاره على الهندسة ‏التي يُعمل عليها لهذه المنطقة. ولذلك، فإنّ الأمور ستتجه نحو ‏التأليف من الآن وحتى نهاية الشهر.‏

‏ ‏وبين التوجّهين يواصل الدولار تحليقه، ويواصل الناس احتجاجهم ‏الغاضب، وتتواصل الوساطات ولو خجولة وغير قادرة بعد على إخراج ‏الحكومة من عنق الزجاجة.‏

‏ ‏تجميد الوساطات

وفي هذه الاجواء، لم تحمل نهاية الاسبوع اي جديد على مستوى ‏الملف الحكومي في انتظار ما يمكن ان يحرّك المياه الراكدة. وفي ‏الوقت الذي تحدثت مصادر “بيت الوسط” عن حركة محتملة هذا ‏الاسبوع، لفتت الى انّ ما هو مطروح حتى اليوم من مبادرات داخلية ‏لا يرقى الى مرتبة الحل، في اعتبار انّ ما حال دون توليد “تشكيلة 9 ‏كانون الاول” ما زال قائماً في شكله ومضمونه ولو انّ هذه الامور قد ‏تغيرت لكان الرئيس المكلف تبلّغ بذلك.‏

‏ ‏وعلى الصعيد عينه، قالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ الحركة ‏الداخلية التي قادها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ‏جمدت الى حين، وهو امر لا يعني انه قد تمّ صرف النظر عنها في ‏انتظار حلحلة بعض العقد الجانبية.‏

‏ ‏مسعى بري

الى ذلك، أكد مطلعون على أجواء عين التينة انّ مسعى رئيس مجلس ‏النواب نبيه بري لإحداث خرق في جدار الازمة الحكومية لا يزال ينطلق ‏من قاعدة الـ18 وزيراً، مشيرين الى انّ هناك نوعاً من التضليل في ‏بعض الاستنتاجات التي ترافق محاولته لتحريك المياه الراكدة، ‏ومؤكدين أنّ الترويج عن أنّ بري اقترح رفع العدد الى 20 وزيراً ليس ‏دقيقاً.‏

‏ ‏وشدد القريبون من عين التينة على “أنّ إصرار البعض على اقتناص ‏‏”الثلث المعطّل” بنحو او بآخر هو السبب الأساسي الذي يستمر في ‏عرقلة ولادة الحكومة”، مستغربين “كيف أنّ هناك من يتمسك ‏بحسابات سلطوية فيما الدولة تنهار والدولار يواصل ارتفاعه مهدداً ‏بانفجار اجتماعي كبير”.‏

‏ ‏وفي سياق متصل، اعتبرت مصادر سياسية انّ طرح الـ20 وزيراً قد ‏يكون هو الحل الممكن في نهاية المطاف، “لكن مشكلته تكمن في ‏من يسمّي الوزير الكاثوليكي، في اعتبار انه من المحسوم انّ الوزير ‏الدرزي الثاني سيختاره النائب طلال أرسلان او بالتفاهم معه، امّا الوزير ‏الكاثوليكي فسيكون موضع تجاذب بين الرئيس ميشال عون والرئيس ‏سعد الحريري”.‏

‏ ‏وبالترافق مع انفلات سعر الدولار في السوق السوداء، نُقل عن أحد ‏كبار المسؤولين تشديده على ضرورة الحزم في ملاحقة الصرافين ‏المضاربين على العملة الوطنية، فيما نبّهت أوساط اقتصادية الى انّ ‏خفض سعر الدولار لا يتم بوسائل بوليسية بل عبر التعجيل في ‏تشكيل الحكومة، “علماً انّ تشكيلها فقط ليس كافياً ومفعوله الايجابي ‏لا يطول، وبالتالي المطلوب بعد تأليفها ان تبادر فوراً الى البدء في ‏اتخاذ القرارات الضرورية وتنفيذ الإصلاحات، وهذا وحده من شأنه ‏تخفيض الدولار الى مستويات مقبولة وتَثبيته”.‏

‏ ‏بعبدا لتسوية مع السعودية

وفي بعبدا كلام قليل عن الملف الحكومي في مقابل رصد حصيلة ‏المساعي الجارية لتحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ‏عقب زيارة موفد رئاسي منتصف الأسبوع الماضي الى السفارة ‏السعودية للتشاور في التطورات الاخيرة وسبل تعزيز التعاون للخروج ‏من المأزق القائم.‏

‏ ‏وكشفت مصادر عليمة انه من اهمّ ما انتهت اليه زيارة هذا الموفد ‏الرئاسي تعهّد عون و”التيار الوطني الحر” بوَقف المساهمة في ‏الحملات الإعلامية على السعودية، وهو ما ترجمته محطة “أو تي ‏في” في برامجها السياسية التي تبدّلت بين يوم وآخر بنحو لافت ‏وبارز، نظراً للتحول المحقق في توجهاتها السياسية.‏

‏ ‏الأنظار الى الخارجية الروسية

وفي هذه الاثناء، تتجه الأنظار اليوم الى وزارة الخارجية الروسية التي ‏ستشهد لقاء بين مسؤوليها الكبار ووفد نيابي من “حزب الله” برئاسة ‏رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وصل الى موسكو ‏مساء أمس، ومن المقرر أن يبدأ لقاءاته اليوم مع الموفد الرئاسي الى ‏المنطقة ميخائيل بوغدانوف الذي يتولى إدارة الملف اللبناني ثم ‏يلتقي وزير الخارجية سيرغي لافروف العائد من جولته الخليجية ‏واللقاء الذي جمعه مع الحريري في ابو ظبي، كذلك ستكون للوفد ‏لقاءات أخرى منها لقاء مع اعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في ‏مجلس الدوما.‏

‏ ‏رعد

وقبَيل سفر الوفد الى موسكو، قال رعد لوكالة “سبوتنيك” انّ ‏‏”العلاقة بين “حزب الله” وروسيا بدأت منذ سنوات، وتحكمها نقاط ‏اهتمام مشترك ومصالح مشتركة ونظرة واحدة أو متقاربة جداً نحو ‏الأوضاع في المنطقة وضرورة استقرار هذه المنطقة، من أجل أن ‏تستثمر شعوبها خيرات الدول، التي تقيم فيها أو تنتمي إليها”. واعتبر ‏انّ زيارة اليوم “تأتي بعد التحولات الكثيرة والمتعددة التي حصلت ‏خلال السنوات القليلة الماضية”، وانه لا بد “من إعادة تحريك النقاش ‏حول آفاق المرحلة المقبلة في ضوء هذه التطورات”، وما “تحقّق من ‏إنجازات لمصلحة شعوب المنطقة في المرحلة الماضية”.‏

‏ ‏وعن إمكانية أن تلعب الدولة الروسية دوراً في ملف تشكيل الحكومة، ‏قال رعد: “نأمل أن تأخذ روسيا دورها الطبيعي في مواكبة المساعي ‏القائمة والضغط من أجل تسريع الحلول المطلوبة، التي يقررها ‏الشعب اللبناني”. وأكّد أنه “لا ينبغي التفكير في أي خيار الآن غير ‏خيار الإسراع في تشكيل الحكومة، لأنه المدخل الطبيعي لإعادة الأمور ‏إلى نصابها ولو على مراحل، وهو مفتاح الاستقرار في لبنان الآن”.‏

‏ ‏باسيل

من جهة ثانية، كان اللافت تجنّب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب ‏جبران باسيل الكلام عن أزمة التأليف الحكومي في مؤتمره الصحافي ‏الاسبوعي، وقال في ذكرى 14 آذار انّ “التيار عانى من إمساك ‏منظومة سياسية – مالية مفاصل الدولة والقرار، تستحوذ على ‏الأكثرية وتتصرّف بها لتمنع الإصلاح والتغيير. وعاش التيار أزمة ‏الانهيار الكبير في المال والاقتصاد، وأزمة سقوط النظام بأخلاقياته ‏السياسية وتعطل آليّاته الدستورية وعجزه عن قيادة الدولة والمجتمع. ‏يدفع هذا السقوط التيار الى مراجعة عميقة لخياراته وممارساته، ‏وتفضي المراجعة الى صَوغ مقاربة مختلفة لهواجس اللبنانيين وحلول ‏لمشاكلهم، وتؤسّس لنظام جديد يبنى على أسس الصيغة والميثاق ‏ويستفيد من العثرات المتأتية من الطائفية والفساد”. واعتبر باسيل ‏‏”انّ اسرائيل تفهم لغة الحرب ولا تفقه معنى السلام الحقيقي، وتريد ‏فرض تطبيع مصطنع عليه بقوة الخارج وتحت ضغط الأزمات ‏والمعاناة، لكنّ هذا لن يؤدي الّا لمزيد من الكراهية والعدوانية ويجعل ‏السلام بعيد المنال. وحده لبنان القوي، أمناً واقتصاداً، قادر على صنع ‏السلام العادل والدائم والشامل مع إسرائيل”.‏

‏ ‏وأشار باسيل إلى انّ “التيار يريد تحصين لبنان في وجه أي عدوان من ‏اسرائيل او من الجماعات الإرهابية، ويعتبر الجيش اللبناني صاحب ‏المسؤولية الأولى في الدفاع عن الحدود والوجود. والى أن يتم فك ‏الحظر عن تزويده الأسلحة اللازمة، والى ان يحل السلام المأمول، يرى ‏التيار ضرورة اعتماد استراتيجية دفاعية وطنية تقوم أوّلاً على التفاهم ‏الداخلي، وثانياً على الحفاظ على عناصر قوة لبنان للحفاظ على توازن ‏الردع مع إسرائيل، وثالثاً على مركزية قرار الدولة اللبنانية من دون ‏التخلي عن الحَق المقدس والشرعي بالدفاع عن النفس. وأكد أنّ ‏‏”التيار مصمّم على إعادة النظر بوثيقة التفاهم مع “حزب الله” ‏ومراجعتها، بنيّة تطويرها”.‏

‏ ‏الراعي

وفي المواقف السياسية أمس دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار ‏بشارة بطرس الراعي، خلال عظة الأحد في بكركي، “شابات لبنان ‏وشبّانه الثائرين إلى توحيد صفوفهم وتناغم مطالبهم واستقلالية ‏تحركهم، فتكون ثورتهم واعدة وبنّاءة. ولعلهم بذلك يستحثّون الجماعة ‏السياسية وأصحاب السلطة على تشكيل حكومة استثنائية قادرة على ‏الإنقاذ والإصلاح”. كذلك، دعاهم “إلى احترام حق المواطنين بالتنقل ‏من أجل تلبية حاجاتهم، وإلى تجنب قطع الطرق العامة، واستبدالها ‏بتظاهرات منظمة في الساحات العامة يعبّرون فيها عن مطالبهم ‏المحقة، وفقاً للأصول القانونية والحضارية”.‏

‏ ‏وأكد الراعي “تفهمه أيضاً لتذمّر المؤسسة العسكرية. فالجيش هو من ‏هذا الشعب، ولا يجوز وضعه في مواجهة شعبه. والجيش هو من هذه ‏الشرعية، ولا يحق لها إهمال احتياجاته وعدم الوقوف على معطيات ‏قيادته ومشاعر ضباطه وجنوده. والجيش هو القوة الشرعية المُناط ‏بها مسؤولية الدفاع عن لبنان، فلا يجوز تشريع أو تغطية وجود أي ‏سلاح غير شرعي إلى جانب سلاحه. والجيش هو جيش الوطن كله، ولا ‏يحق أن يجعله البعض جيش السلطة. والجيش هو جيش الديمقراطية ‏ولا يحق لأحد أن يحوّله جيش التدابير القمعية. والجيش بكل مقوماته ‏هو رمز الوحدة الوطنية ومحققها. وبالمحافظة عليه، نحافظ على ‏الوطن وسيادته وحياده الإيجابي، وعلى الثقة بين أطيافه، والولاء له ‏من دون سواه”.‏

‏ ‏عودة

من جهته، دعا متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران ‏الياس عوده، خلال قدّاس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في ‏بيروت أمس، “المسؤولين إلى تجربة خبرة الصوم والانقطاع عن ‏المواد الأساسية، وخبرة عدم وجود الكهرباء والمولدات في بيوتهم، ‏وعدم القدرة على الذهاب إلى المستشفيات في حال مرضهم، لعلهم ‏يشعرون بجزء بسيط ممّا يشعر به الشعب”. وقال: “مسؤولونا صَوّموا ‏الشعب عنوة وجوّعوه، وهذا يدعى إرهابا وإجراما. الصوم عمل اختياري ‏وحر، أما التجويع فقتل”.‏

‏ ‏وشنّ عوده هجوماً على الحكومة المستقيلة ورئيسها، معتبراً أنّ ‏‏”معظم قراراتها تتناسب مع الوِصاية السياسية التي جاءت بها، فبلغ ‏الانهيار في عهدها أوجه، والدولار أفلت من كل الضوابط”. وقال: “من ‏أجل وقف الانهيار المالي والاقتصادي والسياسي، نحن بحاجة إلى ‏حكومة تقوم بالإصلاحات اللازمة من أجل استقطاب المساعدات، ‏وتعمل على إعادة تكوين المؤسسات المفكّكة والإدارات المهترئة، ‏بغية وقف انهيار ما تبقى من مقومات الدولة والمجتمع”. وأمل في ‏‏”ألا تستخدم القوى السياسية والحزبية التحركات الشعبية من أجل ‏إثبات حضورها، بغية المضي في تقاسم المكاسب. كما أمل ألّا يصغي ‏الشعب إلى هؤلاء ويصدّق ادعاءاتهم وقد خَبرهم طويلاً وكشف ‏ألاعيبهم”. وأكد عوده على أنّ “الجيش هو الحامي الوحيد للوطن، ‏وولاؤه للوطن وحده، فلا تقحموه في نزاعاتكم”.‏

‏ ‏قنبلة صوتية

وفي تطور أمني، ألقى مجهول كان على دراجة نارية قرابة السابعة ‏والنصف مساء أمس الاحد قنبلة صوتية امام منزل النائب اللواء جميل ‏السيّد قرب فندق السمرلند غامبينسكي، ألحقت اضراراً بالرصيف خارج ‏سور المنزل ولم يصب ايّ من حراسه وسكان المنطقة بأذى. وعلى ‏الأثر، حضرت دوريتان من القوى الامنية والشرطة العسكرية واجرتا ‏كشفاً على مكان الحادث بعد العثور على “فراغ القنبلة الصوتية”، ‏وباشرت تحقيقاتها في الحادث بدءاً من استعراض محتويات كاميرات ‏المراقبة في المنطقة ومحيطها.‏

‏ ‏كورونا

وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها ‏اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 3086 إصابة ‏جديدة (3065 محلية و21 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات ‏‏418448. كذلك تم تسجيل 46 حالة وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي ‏للوفيات الى 5380 حالة.‏

Leave A Reply