الديار : عودة لـ “نفق” الاقفال دون ضمانات بالنجاح ومواجهة مع المستشفيات ‏‏”المتمردة”

جاء في صحيفة ” الديار ” : كما كان متوقعا، عادت البلاد الى “نفق” الاقفال، وهذه المرة لثلاثة اسابيع، تخبّط السلطة السياسة، ‏وغياب القيادة المتجانسة، والصارمة في ادارة المعركة ضد وباء “كورونا”، وسط غياب الوعي ‏الاجتماعي، وتفشي “الجهل” في المجتمع اللبناني، لا يبشر بنجاح الخطة الجديدة- القديمة والتي اثبتت ‏فشلها الذريع، وقربت لبنان من “النموذج” الايطالي، فالرهان على قرب وصول اللقاح لن ينقذ الوضع ‏الصحي في ظل تعذر الوصول مبكرا الى “مناعة ” جماعية، والرهان على اجراءات قضائية تضاف الى ‏العقوبات المادية، لا يبدو مبشرا من خلال التجارب السابقة في اكثر من ملف حيوي في بلد تبدو قواه ‏السياسية مستقيلة عن انجاز حكومة انقاذية لا تزال اسيرة التوتر الاقليمي والدولي بانتظار خروج الرئيس ‏الاميركي دونالد ترامب من البيت الابيض في 20 الجاري، وقد كشفت وثيقة اميركية يتداولها زوار ‏السفارة الاميركية في بيروت، عن حقيقة القلق السائد لدى حلفاء واشنطن من استراتيجية ادارة الرئيس جو ‏بايدن، ما يفسر الحملة الداخلية والخارجية على طهران وحزب الله، فيما تواكب باريس الغائبة عن ‏‏”السمع” حكوميا، هذه الضغوط “غازيا” من خلال رضوخ شركة “توتال” الفرنسية لضغوط اسرائيل، ‏عبر الامتناع عن التنقيب في “البلوك 9” دون تقديم اي مبررات منطقية للدولة اللبنانية.‏

جمود سياسي ‏

سياسيا، يغيب المشهد الحكومي عن الاهتمام، ومن “شرب البحر لن يغص بالساقية” كما تقول اوساط ‏سياسية بارزة في لحظة اقليمية متوترة وفي انتظار نهاية ولاية دونالد ترامب في 20 الجاري، حيث لن ‏يخاطر الرئيس المكلف سعد الحريري بالقيام باي خطوة جدية تسمح “بولادة” الحكومة العتيدة، وفيما ‏التوتر على اشده في المنطقة مع اعلان ايران زيادة تخصيب اليورانيوم الى 20 بالمئة والتهديدات ‏الاسرائيلية ردا على هذه الخطوة التي تراها مصادر دبلوماسية انها “ذكية” في توقيتها لانها تسمح ‏لطهران بامتلاك “ورقة” تفاوض جديدة على “الطاولة” بعد استلام جو بايدن مقاليد الرئاسة الاميركية، ‏فان الاجوبة حول ردود الفعل على الكلام الايراني المجتزأ عن دور الصواريخ في لبنان، لم تتأخر الا ‏بضع ساعات، فبعدما كشف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن “تحوير” مقصود لهذه ‏التصريحات، كشفت مصادر دبلوماسية “للديار” عن الخلفيات الحقيقية لهذه الحملة والتي وقعت ‏‏”ضحيتها” رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر،في موقفهما غير الموفق اتجاه دولة صديقة يعرفان ‏جيدا انها لم تقصر ابدا اتجاههما في “السراء والضراء”، لا ماديا ولا معنويا،منذ ان كان الرئيس ميشال ‏عون في الرابية.‏

ووفقا لتلك الاوساط، تعد المواقف اللبنانية المتشنجة، جزءا من حملة تقودها ادارة الرئيس دونالد ترامب ‏عبر السفارة الاميركية في بيروت، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية التي جندت وسائل اعلامها، ‏والشخصيات السياسية التي تدور في فلكها، لشن حملة مضادة على حزب الله في لبنان، وقد تظهر ذلك بما ‏حصل مع مؤسسة القرض الحسن، فضلا عن استغلال الكلام الايراني الاخير والذي اخرج من سياقه عن ‏سابق تصور وتصميم.

‏ “وثيقة” عوكر. ‏

اما الاسباب الدافعة لهذه الحملة فوثيقة تم تسريبها عبر السفارة الاميركية في عوكر وفيها تقييم شبه رسمي ‏لكيفية تعامل الادارة الاميركية الجديدة مع لبنان والمنطقة، وهذه التوجيهات التي وضعها الطاقم السياسي ‏الذي سيتولى المناصب الرئيسية في مجلس الامن القومي ويشير هؤلاء الى ان الادارة الديموقراطية ‏ستعيد اميركا الى قيادة العالم بدل الانكفاء،من خلال إعادة بناء النظام الدولي الليبرالي – الديمقراطي، ‏الذي بنته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية؛ وتعزيز الديمقراطية في أرجاء العالم “من هونغ ‏كونغ حتى السودان، ومن تشيلي حتى لبنان”؛ والانتصار في المنافسة الدولية حيال الصين وروسيا،لكن ‏الولايات المتحدة ستسعى الى مزيد من التوازن بين مستوى التزامها بالاستقرار والحرية والأمن في ‏المنطقة وبين الغرق في المواجهات التي لا يمكن الانتصار فيها والتي تقضم من القوة الاميركية.‏

الواقعية السياسية ‏

ووفقا للوثيقة، سينتهج بايدن الواقعية السياسية في السياسة الخارجية،وبين الدبلوماسية واستخدام الأدوات ‏العسكرية يعلن بايدن بأن الدبلوماسية ستكون الأداة المركزية في السياسة الخارجية الأميركية، وستعمل ‏الإدارة على تقليص حجم القوات الأميركية،وستكون إيران في سلم الأولويات، وستسعى الإدارة لاستئناف ‏الدبلوماسية، وعدم التصعيد، وإلى حوار إقليمي مع طهران. وإذا عادت إيران إلى الالتزام التام بالاتفاق ‏النووي، ستنضم إليه الولايات المتحدة مجدداً، وسترفع العقوبات ضمناً. وبعد ذلك، ستدير الإدارة مع إيران ‏مفاوضات حول المسائل الاخرى في المنطقة (النفوذ والصواريخ).‏

تعزيز مكانة ايران ‏

وبحسب تلك المصادر، فان التزام بايدن، بإسرائيل قوية وفي حدود آمنة، ليس كافيا للاسرائيليين، لانه ‏يشترط مقابل ذلك وجود دولة فلسطينية قابلة للعيش. وهذا يعني ان الادارة الجديدة تعارض الخطوات من ‏طرف واحد مثل ضم وتوسيع المستوطنات، وفي المقابل ترى اسرائيل بان العودة إلى الاتفاق النووي مع ‏رفع العقوبات والامتناع عن التهديد العسكري، خطوات تعزز مكانة إيران في المنطقة.وحيال دول الخليج ‏ستكون هناك “إعادة فحص” للعلاقات، ولن تعطي واشنطن “شيكاً مفتوحاً” لقمع حقوق الإنسان،مصر، ‏تركيا، السعودية، ولحروب “كارثية” وفي مقدمتها الحرب في اليمن.‏

تخفيف الضغط لبنانيا؟ ‏

هذا التحول في السياسة الخارجية الاميركية،اذا ما حصل، سيكون استدارة كبيرة في التعامل مع الملفات ‏الساخنة، وهو امر يقلق حلفاء واشنطن في المنطقة ولبنان، وبحسب الوثيقة فان بايدن يريد ايضا بذل جهد ‏دبلوماسي لحل سياسي للأزمة السورية، والتقدم في إصلاح سياسي واقتصادي في لبنان، وهذا يعني ‏دبلوماسيا تخفيف الضغط الهائل على الساحة اللبنانية، والعودة الى التعايش مع الواقع بعيدا عن السقوف ‏المرتفعة في مواجهة حزب الله.‏

‏ “ضحية الشعبوية” ‏

طبعا، هذه الخلاصات الاميركية لا تزال “حبرا على ورق”، وليس مؤكدا بعد انها ستتحول الى امر واقع، ‏لكن المتضررين في المنطقة ولبنان، بالتعاون مع الادارة الاميركية الحالية، يحاولون استغلال ما تبقى من ‏وقت لتخريب الملفات، وتعقيدها امام بايدن، وفي هذا السياق، تلفت اوساط سياسية معنية بالملف الى ان ‏الرئاسة الاولى والتيار الوطني الحر وقعا ضحية “شعبوية” ليست في مكانها الصحيح،فالموقف لا يمكن ‏صرفه سياسيا مع الادارة الاميركية الجديدة، والادارة الراحلة سبق وقطعت “شعرة معاوية” مع “التيار ‏البرتقالي”، وليس مفهوما الاسباب الموجبة لتوتير العلاقة مع حزب الله، والجمهورية الاسلامية في توقيت ‏شديد الحساسية، مع الاستمرار في الرهان على حكمة السيد نصرالله في تفهم ظروف الحليف الذي يتخبط ‏بمواقفه!‏

‏”شد حبال”ام حرب؟ ‏

وفي السياق نفسه، فان هذا التوتر لدى حلفاء واشنطن سببه تراجع احتمالات حصول ضربة اميركية ‏لايران حيث يتبقى للرئيس ترمب 15 يوماً يصعب أن تسمح بعمل عسكري كبير أو محدود، تكون له ‏تداعيات خطيرة اقليميا أو دوليا،كما ان كبار القادة العسكريين ليسوا متحمسين لخطوة كهذه تحت قيادة ‏رئيس منتهية ولايته، والبلاد في حال انقسام جراء انتخابات رئاسية غير مسبوقة.وهذا يرجح البقاء في ‏مرحلة شد الحبال، لكن ثمة رهان واضح لدى هؤلاء بحصول سوء تقدير يؤدي الى اشتعال المنطقة،. في ‏ظل مناخ سياسي يشجع على العمل العسكري؛ لا سيما مع تلاقي الإرادات الأميركية والإسرائيلية ‏والإقليمية على الإفادة مما تبقى من عمر الادارة الحالية ، لتوجيه ضربة إلى إيران، واكثر المتحمسين ‏رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يعتقد أن عملاً عسكرياً مشتركاً مع الاميركيين ، يخدمه ‏سياسيا قبيل الانتخابات التشريعية الصعبة في ربيع 2021 .‏

ضغوط فرنسية عبر “الغاز” ؟ ‏

في هذا الوقت، وفيما يصل وفد من لجنة الصداقة اللبنانية الفرنسية في مجلس الشيوخ الفرنسي الى بيروت ‏الأربعاء المقبل، في زيارة تمتد حتى الاثنين المقبل،لا موعد جديدا لزيارة الرئيس ايمانويل ماكرون، اي لا ‏جديد على خط تحريك الملف الحكومي فرنسيا، واذا كانت الجولة بحسب المصادر الفرنسية تهدف إلى ‏تعزيز التعاون في تنفيذ المشاريع الحيوية والحياتية التي تعمل فرنسا عليها لمساعدة الشعب اللبناني، فان ‏الاتجاه الرسمي لاثارة عملية حيوية للبنان تتمثل في تمنع شركة “توتال” عن استئناف عملية التنقيب عن ‏الغاز في البلوك رقم “9” والذي كان مقررا في نهاية 2020، وقد سبق لادارة قطاع البترول إلى ‏الاتصال بشركة “توتال” لاستيضاحها سبب التأخير دون الحصول على جواب مقنع،على رغم أن النقطة ‏التي حددتها سابقا لهذه الغاية تقع في شمال البلوك 9 لا جنوبه أي تبعد 25 كلم عن حدود لبنان مع شمال ‏فلسطين المحتلة، ولا علاقة للامر بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية.ووفقا لمصادر مطلعة بات واضحا ان ‏شركة “توتال” رضخت للضغوط الاسرائيلية حيث طلبت اسرائيل من الشركة عدم البدء باي اعمال حفر ‏في سياق رفع نسق الضغوط على لبنان لتليين موقفه في المفاوضات…! ووفقا لتلك الاوساط ثمة عتب ‏رسمي لبناني على باريس بسبب عدم تعاونها في ملف تفجير المرفأ ورفضها تسليم صور الاقمار ‏الاصطناعية، وتماهي شركة توتال مع الضغوط الاسرائيلية، وهو امر ستتم اثارته مع وفد مجلس الشيوخ ‏الفرنسي لما لهاتين القضيتين من اهمية في هذه الظروف الدقيقة.‏

عودة الى “الاقفال” ‏

على وقع تسجيل 2861اصابة جديدة و13 حالة وفاة “بكورونا”، اعلن وزيرا الصحة والداخلية الاقفال ‏التام ابتداء من الخميس المقبل 7 كانون الثاني 2020، حتى الاثنين في الاول من شباط. كما تقرر فرض ‏حظر للتجوال ابتداء من الساعة 6 مساء وحتى الساعة 5صباحاً. واثر انتهاء اللجنة الوزارية الخاصة ‏بفيروس كورونا اعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن، أن قرار الإقفال اتخذ بإجماع ‏اللجنة الوزارية، مشيرا الى أنه “بات واضحا أن التحدي الوبائي وصل إلى مكان يشكل خطرا على حياة ‏اللبنانيين في ظل عدم قدرة المستشفيات على تأمين أسرة.‏

وفيما سيصدر اليوم تعميم مفصل من الداخلية عن الاقفال، بات مؤكدا ان الاستثناء سيطال المؤسسات ‏العسكرية، والصحية والاعلامية، والافران، ومحطات الوقود، والصيدليات، وسينظم فتح باقي القطاعات، ‏وفق مواقيت، لتحديد مدة الفتح والاقفال، اما بالنسبة الى المطار فسيكون هناك تشدد وتم الاتفاق على ‏خفض نسبة القادمين يوميا إلى 20 في المئة شرط الخضوع لفحوصات الـ “بي سي آر” قبل دخول ‏بيروت وإجبارهم على البقاء في فنادق على حسابهم الخاص لمدة يومين ولن يستطيعوا الخروج قبل ‏الحصول على نتيجة سلبيّة للفحص، على ان تتم اعادته بعد خمسة ايام بعد حجر منزلي تراقبه البلديات.‏

‏ “ضغوط” على المستشفيات الخاصة ؟

وأوضح الوزير حسن أن هناك مستشفيات خاصة تواكبنا وبالتالي كنا نعطي أياما للمواطنين كي لا يحصل ‏الإكتظاظ أمام التعاونيات، وكي لا يتكرر مشهد اكتظاظ على ادوية الأمراض المستعصية كي لا تعتبر ‏ثغرة بالإنضباط العام، وعلم في هذا السياق، ان وزير الصحة اقترح بدء الاقفال يوم الاثنين المقبل، لكن ‏اقتراحه سقط.‏

والجديد في هذا السياق، بحسب اوساط مطلعة،اتخذ قرار حاسم للضغط على المستشفيات الخاصة ‏لاجبارها على استقبال مرضى كورونا، وسيعقد في هذا الصدد اجتماع في وزارة الدفاع مع الجهات ‏الضامنة، وثمة توجه بمنحها مهل محددة للاستجابة للقرارات الحكومية والا سيتخذ قرار بالتوقف عن ‏التعامل معها من قبل الجهات الضامنة.‏

‏ “الداخلية” وعبء الاقفال!‏

من جانبه أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي أن “قرار المفرد والمزدوج ‏المتعلق بسير الآليات سيتم تطبيقه خلال فترة الاقفال المقبلة”. وتمنى على “كل مواطن ان ينفذ التعليمات ‏ومساعدة القوى الامنية لتنفيذ هذه التعليمات لمواجهة تفشي الوباء”، مشيرا الى انه “سيتم تقليص عدد ‏الوافدين من خلال آلية معينة”. وعن عدم فعالية قرار “المفرد والمزدوج” أوضح فهمي أنه “كنا نفضل ‏لو طبق المواطن التوجيهات المعطاة له بهذا الخصوص، عندها كان القرار قد أعطى نتيجة أفضل.‏

ووفقا للمعلومات، كان وزير الداخلية صريحا خلال الاجتماع من خلال رفضه تحميل وزارة الداخلية ‏‏”عبء” الاقفال، وطالب بان تشارك كل القوى الامنية بالتطبيق الصارم لهذه الاجراءات والا الامور ‏ستذهب الى فشل جديد.وبعد الاجتماع الوزراي، عُقد آخر أمني في السراي، حضره قادة الاجهزة للبحث ‏في الملف عينه اي اجراءات مكافحة كورونا وجاهزية الاجهزة لمواكبة عملية الاقفال التام. وقد افيد انه ‏جرى خلال الاجتماع الحديث عن إجراءات مشدّدة لمدّة 4 أسابيع وكل الاجهزة والبلديات ستكون معنية ‏وتتعاون لتطبيق الاقفال.‏

تشكيك بالنجاح ‏

وفي بداية الاجتماع الوزراي، شكك رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بنجاح الخطة وقال ‏‏”طبقنا الإجراءات الممكنة كافة على مستوى الدولة، لكن التزام الناس لم يكن إيجابيا، للأسف هناك ‏مواطنون غير مقتنعين حتى اليوم بخطر هذا الوباء”. واكد دياب ان “مواجهة كورونا لا يمكن ان تطبق ‏من خلال تدابير نظرية وإجراءات في الشارع فقط، ونستطيع إقفال البلد ونستطيع أن نفرض حظر التجول ‏لكن لا قدرة لنا أن نلاحق كل شخص”. وأشار الى ان “لا أسرة شاغرة في عدد من غرف العناية الفائقة، ‏وبالتالي نحن أمام حالة صعبة جدا ونحتاج إلى إجراءات استثنائية وصارمة وتشدد بتنفيذ التدابير”، مؤكدا ‏ان “مواجهة هذا الوباء تحتاج إلى وعي مجتمعي يتفاعل ويتجاوب مع التدابير والإجراءات.‏

 

Leave A Reply