هوكشتاين يستعجل الهدنة قبل التصعيد الكبير في الجنوب

لا يخفي اكثر الافرقاء في لبنان ترحيبهم بقدوم كبير المستشارين في البيت الابيض آموس هوكشتاين الى بيروت اليوم بمن فيهم الجهات التي لا تلتقي مع سياسات واشنطن، مع الاشارة الدائمة الى ان “حزب الله” يعتبر بلاده الشريك والداعم الاول لتل ابيب في عدوانها المفتوح على غزة والرعاية التي تتلقاها من ادارة البيت الابيض. وستكون المحطة الاولى لهوكشتاين الخبير بلبنان وبحره وانقسامات كتله السياسية مع الرئيس نبيه بري، مع التوقف عند محطته اللبنانية. واول ما سيسمعه من بري هو الكلام عن المعادلة التي تقوم على وقف اطلاق النار في غزة وضرورة انسحابها على جنوب لبنان قبل الخوض في اي من النقاط التي سبق له ان بحثها مع رئيس المجلس مثل تثبيت النقاط البرية المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل بدءا من نقطة الـ B1 عند شاطىء الناقورة وصولا الى مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.

ومن غير المنطق السياسي التسليم بنظرية اسرائيل القائمة على تطبيق “مفاوضات على السخن”، اي اتّباع النار في الميدان وممارسة الديبلوماسبة على الطاولة في آن. ولن تختلف اجوبة بري على طروحات هوكشتاين حيال القرار الاممي 1701 عما يدور في خلد الرئيس ميقاتي الذي ردد الكلام نفسه امام الديبلوماسي الاميركي في مؤتمر ميونيخ للامن.

ولم يأتِ هوكشتاين الى لبنان بعدما اختصر زيارته الاخيرة الى المنطقة بتل ابيب اذا لم يكن يحمل في جعبته معطيات جديدة اقلها التوصل الى هدنة تمتد ستة اسابيع، في وقت انشغلت اكثر من جهة بكلام لمسؤولين اسرائيليين اوردته تقارير اميركية تتحدث عن استعدادهم لمهاجمة جنوب لبنان في الصيف المقبل بوتيرة اكبر من المواجهات الحالية. ولا يقبل “حزب الله” هنا بالطبع الدخول في مفاوضات غير مباشرة على وقع لهيب النيران والقنابل التي تهدد بلدات الجنوب. وانطلاقا من كل ما يرافق التطورات الامنية في ميداني غزة والجنوب لن يتزحزح الرد اللبناني عن تطبيق ثابتة وقف اطلاق النار في الجنوب وعدم قيام اسرائيل باستهداف بلداته او اي منطقة لبنانية اخرى، مع تحذير من ان تقدم تل ابيب على قبولها بهذا المخرج وتستمر في الايام المقبلة بتوجيه ضربات الى نقاط تعود للمقاومة على غرار ما تفعله في الاراضي السورية الامر الذي لا يقبله الحزب بالطبع حيث سيستمر في عملية الرد العسكري مهما كلفه الامر من تضحيات. ويتوقع مراقبون ان تمتد الهدنة المنتظرة في شهر رمضان اكثر من ايامه الثلاثين.

اين “حزب الله”؟

سيكون الحزب المادة الرئيسية عند هوكشتاين في اجتماعيه مع بري وميقاتي، مع ملاحظة الجميع ان المواجهات الاخيرة في الجنوب بين الاسرائيليين و”حزب الله” تلامس درجة معدل الخطورة العالية وخصوصا من جهة تل أبيب. وتحل محطة هوكشتاين مع حراك المفاوضات المخابراتية في القاهرة للتوصل الى هدنة في غزة. ولذلك يترقب الحزب جيدا ما سيحمله هوكشتاين، ومعرفة الاجوبة التي سيتلقاها في عين التينة والسرايا الحكومية، ولا يريد الحزب الدخول في اي ردود او تنبؤات عسكرية وأمنية بعدما قدم رؤيته منذ اليوم للعدوان الاسرائيلي في غزة حيث سيبقى على لازمته بعدم تقديمه اي معطى او رسالة اطمئنان للمستوطنين الذين غادروا منازلهم في الشمال قبل التأكد من مستقبل وقف الاعتداءات الاسرائيلية في الجنوب وكل لبنان. ويُتوقع ان يتلقى هوكشتاين اكثر من سؤال في بيروت حول ما اذا كانت واشنطن تعمل بالفعل على ممارسة ضغوط على نتنياهو وقطع الطريق امام مخططه لحرب شاملة في لبنان وتمنعه بالفعل من مواصلة تصعيد جيشه،علما ان كل ذلك يحصل وسط زحمة التطورات والامتحانات الامنية والعسكرية الاخيرة منذ السابع من تشرين الاول الفائت على وقْع جبهتي غزة وجنوب لبنان، مع معاينة حقيقة ما يتخذه نتنياهو واعضاء حكومته من قرارات وما يخططون له في رسم مستقبل المشهدين الفلسطيني واللبناني.

وكان ديبلوماسي عربي تتواصل بلاده مع اسرائيل قد ردد بانها لمست بالفعل ان نتنياهو لم تعد تهمه مسألة الاسرى الاسرائيليين عند “حماس” حتى لو تم قتل المزيد منهم رغم الضغوط التي يتلقاها من عائلاتهم. وينقل هذا الديبلوماسي استنادا الى معلومات استخبارية من دوائر عاصمته ان ما يهم نتنياهو هو تحقيق اجندته في غزة، ولو شاهد جيشه القيادي يحيى السنوار فقد لا يقدم على قتله لتستمر اسرائيل في تحقيق مشروعها التدميري لغزة والقضاء على احلام الفلسطينيين بالدولة المنتظرة.

في المقابل، وفي حال وقوع الحرب الكبرى يقول الديبلوماسي العربي ان دولته لا تنظر بعين الرضا الى اداء “حزب الله” ومشروعه، لكنها تتوقف عند قدراته العسكرية الكبيرة التي ستظهر على المسرح في حال وقوع المواجهة الكبرى، إذ ان “الصواريخ وحمم النيران ستهطل كالشتاء على اسرائيل ولن تنفعها معاطف (اغطية) العالم”.

لكل هذه الاسباب الاسرائيلية واللبنانية يحل هوكشتاين في بيروت اليوم قبل اشتعال جبهة الجنوب وكل لبنان؟

 رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply