غالبية من يهتم من اللبنانيين بإنهاء الشغور الرئاسي، (لأن شرائح منهم يئست من تتبع أخبار هذا الاستحقاق بانتظار أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً) والأكثرية الساحقة من السياسيين المحليين، وكذلك بعض الدبلوماسيين، يتساءلون عما إذا تغيّر شيء في المشهد السياسي، يجعل من الحديث عن اقتراب حصول تسوية على انتخاب رئيس، أكثر جدية من الأشهر السابقة التي كان عنوانها التعايش مع الفراغ.
كان من الطبيعي أن تطلق تحركات لجنة سفراء الدول الخمس المهتمة بأزمة لبنان موجة من الآمال والتكهنات الجديدة بإمكان انتخاب رئيس، قبيل وبعد اجتماعها مع رئيس البرلمان نبيه بري وما تسرب عن الاجتماع، ووصف السفيرة الأميركية الجديدة ليزا جونسون البحث في الاجتماع بأنه كان «ممتازاً».
يُسألُ دبلوماسيون في الخماسية، وسياسيون نافذون عن خلفيات وأسباب الموجة الجديدة من الآمال على تحركها وعلى الزيارة المرتقبة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، فتتراوح الإجابات كالآتي:
1 – من اطلعوا على فحوى لقاء السفراء الخمسة مع بري يلفتون إلى أنه أخذ طابعاً رسمياً وجدياً إذ رافق كلاً منهم دبلوماسيٌ مساعد من سفارته سجل محضر المداولات.
2 – أبدى بري ارتياحه بعد تأكيدهم اللازمة حول ضرورة أن يكون للبنان رئيس بأسرع وقت في الظروف الحرجة في المنطقة التي يحتاج فيها لبنان أن يكون حاضراً بتفعيل مؤسساته، ووجوب فصل الرئاسة عن حرب غزة وحتى عن اشتعال جبهة الجنوب، وشددوا على أن ّموقفهم موحد بأن لا دخل لهم بالأسماء، ولا فيتو لديهم على أي مرشح. وتحدث بري عن أهمية وحدة موقف الديبلوماسيين الخمسة، لافتاً إلى حصول خلافات في السابق إذ كان بعض منهم يطرح مرشحاً يرجحه، فيما يفضل غيره مرشحاً آخر. فهم شددوا خلال الاجتماع على أن اختيار الرئيس يخص الفرقاء اللبنانيين، فشكر لهم هذا التوجه.
3 – لكن بري ذكّر السفراء الخمسة بوجهة نظره القائلة بأنه طالما لكل فريق لبناني مرشحه هناك ضرورة للحوار بين الأطراف اللبنانيين حول الرئاسة، ومن ثم الذهاب إلى جلسة انتخاب مفتوحة. وحين سأله السفير القطري الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني عما إذا كان الحوار في لبنان أم في الخارج، أجاب: في لبنان ولست أنا من يترأسه بل سأكلف نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب.
4 – لفت بري إلى أن دعوته إلى الحوار لم يستجب لها فريقان رئيسيان مسيحيان هما حزب «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، واقترح على السفراء الذين يتمتعون بعلاقة مع هذين الفريقين، «على رغم قولكم إنكم لا تتدخلون في خيارات اللبنانيين للرئاسة»، أن يبذلوا جهوداً معهما كي يُقبِلا على الحوار.
5 – وافقهم بري على دعوتهم إلى أن يكون لبنان جاهزاً للتعاطي مع التطورات في المنطقة، وأن حرب غزة ستنتهي بطريقة ما، وستنعقد مؤتمرات واجتماعات لبحث ترتيبات إقليمية، لا يجوز أن يغيب عنها لبنان، ما يتطلب انتخاب رئيس… انطلق بري في هذا الصدد من معطيات لديه عن خطوات يجري التحضير لها باتجاه التهدئة الإقليمية…
6 – كرر أمامهم مواصفات الرئيس المقبل التي سبق أن أعلن عنها بأنه يجب أن تكون له حيثية وطنية وعربية ودولية، ويكون مقبولاً على هذه الأصعدة لإدراكه حساسية المرحلة وما يحيط بالبلد من تعقيدات وحاجته للمساعدة.
7 – إزاء المخاوف التي عبر عنها السفراء من الوضع العسكري في الجنوب، والحاجة لفصل وضعه عن غزة، اعتبر بري أن الوضع على الحدود مضبوط، واستعاد ما سبق أن أبلغه إلى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، بأن العلاج يكمن في التنفيذ الكامل للقرار 1701 وأن لبنان أكد التزامه تطبيق القرار.
معطيات المواكبين لمداولات السفراء الخمسة مع بري تقول إن الجانب السعودي ساهم في ترجيح اقتصار تحركهم على رئيس البرلمان في هذه المرحلة، لا سيما أن أمام توسيع دائرة اللقاءات مع الفرقاء عوائق منها أنه يتعذر على السفيرة الأميركية مثلاً أن تزور رئيس «التيار االوطني الحر» لأنه خاضع للعقوبات الأميركية.
الفصل المقبل من موجة بناء الآمال على مواكبة لبنانية لتطورات المنطقة بإنهاء الشغور سيمر بامتحان في الأسابيع القليلة المقبلة في ضوء الخطوات المنتظرة للخماسية.
وليد شقير – نداء الوطن