بري وسفراء “الخماسية”: ضرورة الحوار ولا ربط مع غزة

تماماً كما كشفت “النهار” أمس عن الرسائل التي يحملها سفراء مجموعة الدول الخمس، جاءت تصريحات غالبية هؤلاء من عين التينة بعد لقائهم رئيس مجلس النواب نبيه بري لتؤكد وحدة الموقف في ما بين الأعضاء على اهداف اللجنة الخماسية وخريطة الطريق التي ستقودها إلى تحقيقها، وتتلخص في تسهيل ودعم كل الجهود الرامية إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعدم انتظار انتهاء حرب غزة للاتفاق على رئيس يحظى بقبول كل الافرقاء اللبنانيين.

تصريحات مقتضبة جداً لكل من السفيرة الاميركية ليزا جونسون والسفير الفرنسي إيرفيه ماغرو والسفير المصري علاء موسى، بمعنى واحد وهو التأكيد على وحدة الموقف والالتزام بمتابعة اللقاءات للاتفاق على كل شيء. وبدا واضحاً ان السفراء الخمسة حرصوا على تبديد الانطباع السلبي الذي تركه الغاء الموعد الاول مع رئيس المجلس بسبب عدم التنسيق، أو ذلك الذي تركه اللقاء في خيمة السفير السعودي وليد بخاري، والجلسة العربية التي أبعدت الطابع الرسمي البروتوكولي عن اللقاء وأضفت عليه طابعا اقل رسمية، الامر الذي فتح الشهية الاعلامية والسياسية على تفسيرات تسقط الطابع الجدي لتحرك السفراء.

لم يكد السفراء يغادرون عين التينة حتى اعلن بري بوصف مقتضب جداً ان الاجتماع كان مفيداً وواعداً.

لم يكن الاقتضاب في الشرح إلا نتيجة قرار بعدم الاسترسال في إطلاق مواقف تستبق اجتماع اللجنة الخماسية التي يعود اليها تبنّي خريطة الطريق والتحرك المقبل لها، في حين ان تحرك السفراء يصب في اطار الإعداد والتحضير عبر استمزاج مواقف القوى اللبنانية، حيال مدى الاستعداد لإطلاق مسار انتخاب الرئيس، عبر التشجيع على طرح مرشحين واقتراحهم على اللجنة ليصار إلى البحث عن القواسم المشتركة لدى هؤلاء بين القوى اللبنانية، وذلك انطلاقاً من مبدأ اتفق عليه السفراء بناء على توصيات اللجنة بعدم الدخول في تبني اسماء. وعلم ان السفيرين الفرنسي والقطري اعلنا في اجتماع الخيمة ان لا مرشح لديهما، وذلك بعدما تبنت باريس في مرحلة سابقة المرشح سليمان فرنجية، فيما تردد ان الموفد القطري إلى بيروت جاسم بن فهد آل ثاني تداول مع محدثيه باسمَي كل من قائد الجيش العماد جوزف عون أو المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري.

في عين التينة، اعاد السفراء التأكيد على المسلّمات التي ينطلق منها تحركهم امام المسؤول الذي يمسك مفاتيح المجلس، على نحو يضعه امام المسؤولية الملقاة على عاتقه من موقعه على رأس المجلس: دعم مطلق له ولكل الافرقاء لإطلاق التشاور او الحوار وصولاً إلى انجاز الاستحقاق، وتأييد لأي تفاهم او توافق يتوصل اليه هؤلاء. لا دخول في الأسماء لانها مسؤولية لبنانية، ولا “فيتوات” على اخرى. عند هذه النقطة، رحّب بري بأهمية الحوار، مؤكداً ان تركيبة لبنان السياسية والطائفية تجعل الحوار حاجة ملحّة حتى بالنسبة إلى اصغر الملفات. قدم بري نموذجين لأهمية التواصل والحوار لتحقيق الاهداف المرجوة هما التمديد لقائد الجيش، واقرار قانون الموازنة العامة، اللذان حصلا نتيجة التفاهم، حيث شاركت الكتل النيابية المعارضة في الجلسات وأمّنت النصاب. شرح بري مبادرته الحوارية والأسباب التي حالت دون نجاحها، لامساً لدى السفراء يقيناً بأن لا امكانية لتحقيق أي تقدم ما لم تُفتح قنوات التواصل بين مختلف القوى.

وعلى رغم ان بري يمثل الطرف الآخر في الثنائية الشيعية، إلا ان البحث لم يتناول او يتطرق إلى موقف “حزب الله” او دوره. وبدا في ذلك ان السفراء يعتمدون على رئيس المجلس ويعوّلون على دوره من موقعه الحزبي والرسمي. فهو يشكل في نظر هؤلاء الرافعة او المدخل لأي حل سياسي يؤدي إلى فتح ابواب المجلس امام الانتخاب.

لم يُعلن عن الخطوات اللاحقة للسفراء وجدول اللقاءات التي سيعقدونها. لكن الاكيد ان هؤلاء حرصوا على ان يوجّهوا من عين التينة جواباً على كل التشكيك الذي رافق تحركهم، يؤكد جدية هذا التحرك والعزم على إيصاله إلى تحقيق الهدف المرجو منه. وقد لمس رئيس المجلس ذلك، وأدرك ان ما بدأ من دارته لن يتوقف إلا في ساحة النجمة!

سابين عويس – النهار

Leave A Reply