زحمة أمنيين في بيروت… وتهديدات نتنياهو “تهويل حتى الآن”؟

رغم خطورة الرسائل الاسرائيلية التي تصل الى المسؤولين اللبنانيين وتحمل في طياتها تهديدات للبنان و”حزب الله” يرد عليها مرجع امني لبناني رسمي بانه لا يقلل من كل ما يصدر عن اعضاء الحكومة الاسرائيلية اليمينية، ولا سيما من رئيسها بنيامين نتنياهو، “الا انهم لن يقدِموا بسهولة على فتح جبهة كبرى في جنوب لبنان على غرار ما فعلوه في غزة”، وان “حزب الله” تسبب لهم بكل هذا القلق بعد تمكنه من اقامة حزام أمني بالنار في مستوطنات الشمال “رغم كل الضربات والتضحيات التي يتلقاها في المقابل وسقوط 150 مقاوما له وهو مستمر في تصديه للجيش للاسرائيلي بإتقان شديد”.

ولا يعني هذا التحليل ان في امكان المسؤولين اللبنانيين المعنيين وعلى رأسهم قيادة الحزب النوم على حرير الديبلوماسية، وخصوصا من جهة الاميركيين، وعدم الركون لتصريحات المسؤولين الاسرائيليين وخططهم حيال لبنان التي قد تدفع اصحابها الى خيار الانزلاق واعطاء نتنياهو الاوامر لقيادة جيشه بتوسيع مساحة المواجهات واستهدافه اكثر للمواقع العسكرية للحزب وبيئاته الشعبية، وان لا تقتصر هذه العمليات على مساحة الجنوب. وبعد اغتيال القيادي في حركة “حماس” صالح العاروري انصرفت الجهات الامنية والاستخباراتية وخصوصا الغربية الى متابعة المشهد اللبناني بدقة اكبر خشية تفلت الامور ودخول اطراف الصراع في مواجهة كبرى وان تتوسع جبهة الجنوب رغم الضربات القاسية والمتبادلة بين الطرفين الاسرائيلي والحزب حيث يتساويان في مسألة تهجير ما لا يقل عن 80 الف شخص من الجهتين في مستوطنات الشمال وابناء البلدات الحدودية في الجنوب.

وفي موازاة ترقب المواجهات العسكرية كثر في الاسابيع الاخيرة، وخصوصا بعد سخونة عدوان اسرائيل في قطاع غزة وفي عمق مناطق عدة في جنوب لبنان، حضور اكثر من وفد امني ومخابراتي الى بيروت من زاوية الاستكشاف على الارض لمعرفة ما يدور في الجنوب عن كثب على وقع تهديدات الحكومة الاسرائيلية للحزب وكل لبنان في حال وقوع حرب كبرى تشنها تل ابيب.

وتلتقي هذه الوفود واكثرها من دول غربية وافريقية غير عربية مسؤولين لبنانيين يتولون مهمات امنية وسياسية، ولا يتم الحديث عن اكثرها في وسائل الاعلام نظرا الى طبيعة مهمات الزائرين والادوار التي يؤدونها في بلدانهم حيث يتم الاعتماد على تقاريرهم في اتخاذ القرارات الكبرى، مع ملاحظة ان سفارات عدة في بيروت لم تقلص عدد العاملين في بعثاتها من الديبلوماسيين والموظفين ربطا بالتطورات الامنية الاخيرة في الجنوب. ويجري التركيز الامني والمخابراتي اولا لدى استخبارات هذه البلدان على موضوع التهديدات الاسرائيلية والتي سبق لوفود ديبلوماسية منها ان نقلت هذه الرسائل من تل ابيب بواسطة قنوات اميركية واوروبية.

ويقول مسؤول في جهاز امني غربي على مسمع مسؤول لبناني ان تحذيرات نتنياهو وكل ما يقوله ضد الحزب لم تصل الى حدود التطبيق بعد جراء جملة من الموانع والحواجز الداخلية والخارجية التي تمنعه او بالاحرى تردعه حتى الان عن القيام بحرب اكبر على الاراضي اللبنانية لانه غير قادر على تحمّل ارتداداتها. ويُنقل عن مسؤول امني غربي آخر حضر الى بيروت في الايام الاخيرة انه لا يستخف بتهديدات نتنياهو، لكن الدول الغربية المعنية مباشرة بحرب غزة والاحداث العسكرية في الجنوب والمنطقة وصولا الى اليمن، تتوقف عند قدرات “حزب الله” الصاروخية وامكاناته الظاهرة في الميدان والتي ستتفاعل اكثر بناء على معطيات غربية في حال جرى تكرار مشهد ما فعلته ايران اخيرا في اربيل وادلب، وان هذا النوع من الصواريخ الموجودة في حوزة ترسانة الحزب يمكنه استخدامها بوتيرة اعلى ضد اسرائيل واستهداف عمق مصالحها العسكرية والاقتصادية. لكل هذه الاسباب التي تنبع من مصلحة تل ابيب اولا يتجه الرأي الغالب الى عدم الدفع بقيادتها في الحكومة والجيش على الدخول في مواجهة كبرى او حرب مفتوحة ضد لبنان، وان الطريق الاسلم للجانب الاسرائيلي اتباع المقاربة الديبلوماسية بدل العسكرية لان انتهاج الاخيرة سيرتد سلبا على نتنياهو المحاصر باكثر من ازمة في وقت لم ينجُ جيشه بعد من رمال قطاع غزة رغم كل المجازر التي ارتُكبت في حق عشرات الآلاف من الفلسطينيين في القطاع، فضلا عن عدم قدرة تل ابيب على اطفاء شرارة انتفاضة ابناء الضفة الغربية الذين يتقاسمون المعاناة والتضحيات مع ابناء غزة. وكان اكثر من مسؤول امني قد زار بيروت وتوقف عند اغتيال العاروري في قلب الضاحية الجنوبية وما حمله من رسائل لاكثر من جهة ولم تقتصر على الحزب. وجرى التدقيق في كيفية اغتيال العاروري والاخطاء التي وقع فيها الرجل والتي أتاحت للاسرائيليين استهدافه، فضلا عن المساعدة من خلايا امنية تعمل بـ “عيون ناشطة” على الارض.

ويخشى غربيون هنا من القيام بردات فعل على عملية العاروري واستهداف اسرائيليين ومؤسسات تعود لهم في بلدان اوروبية، وان لا تتوقف حسابات الرد من طرف حركة “حماس” عند حدود غزة والعمق الاسرائيلي. ولم تقتصر اهتمامات الامنيين الغربيين الذين لا يكتفون بتقارير بعثاتهم الديبلوماسية، فضلا عن الملحقين العسكريين، بل أرادوا الاطلاع عن كثب على حقيقة واقع الامور عند الحزب و”حماس” وبقية الفصائل وصولا الى احوال مخيمات النازحين السوريين في مختلف المناطق، مع التوقف عند كلام شخصية امنية لبنانية ان “ثمة اشارات جاءت من هذه المخيمات ينبغي التوقف عندها ولو كانت تحت السيطرة حتى الآن”.

رضوان عقيل – النهار

Follow Us: 

Leave A Reply