الجيش يفجر “ألغاماً” في الحكومة والمجلس وبري وميقاتي “يشرحان” التمديد اليوم

ينتظر مجلسا الوزراء والنواب امتحانا صعبا خلال الشهر الجاري تشارك فيه الكتل النيابية على ضوء الخلاف المفتوح حول البت بمصير قيادة الجيش قبل 10 كانون الثاني المقبل موعد احالة قائد الجيش العماد جوزف عون على التقاعد حيث يدخل الجميع في لعبة سياسية خطرة.

وزاد التحدي اكثر دخول بكركي على الخط، هي التي لا تتقبل أي التفاف أو قفز فوق هذا المنصب ذي الحساسية العالية الذي يشغله ضابط ماروني، إذ لم تستوعب الكنيسة الى الآن مشهدي ما حصل في الرئاسة الاولى وحاكمية مصرف لبنان. ويدرك الرئيس نجيب ميقاتي خطورة هذه المعضلة من الناحيتين السياسية والدستورية. واذا كان يفكر بالتوجه نحو ملء الشغور في المجلس العسكري عبر التعيين فلا يبدو انه سيقدِم على مثل هذه الخطوة بعد التحذيرات التي اطلقها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الرافضة لأي توجه نحو التعيين الذي يعتبره مسّاً برئاسة الجمهورية وعدم الاكتراث بموقعها ومكوّنها الطائفي.

وبعد كلام الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان في شأن التمديد لعون والتي سقطت كالصاعقة على “التيار الوطني الحر”، ينشط اكثر من سفير وسفيرة غربية بالتواصل مع الكتل بعيدا من الاعلام بغية دفعها الى خيار التمديد والتمهيد له سواء عبر الحكومة او البرلمان. وحصلت اتصالات من هذا النوع في عطلة نهاية الاسبوع بين ديبلوماسيين ناشطين في بيروت مع مرجعيات ورؤساء كتل تحبّذ التمديد. وثمة من يرى ان ديبلوماسيين كشفوا كل اوراقهم حيال هذه القضية بغضّ النظر عن اهمية الحفاظ على سيرورة عمل الجيش والمهمات التي يقوم بها. وتقر جهات مسيحية بان الرئيسين نبيه بري وميقاتي يحرصان على قيادة الجيش وعدم حصول فراغ على رأس المؤسسة العسكرية اكثر من شخصيات مارونية، فضلاً عن انهما لا يريدان ازعاج بكركي. ولم يحدد بري حتى الآن موعدا لانعقاد هيئة مكتب المجلس وسط حالة ترقب من طرف “القوات اللبنانية” وكتل اخرى للبناء على الخيارات التي ستُتخذ. ولا يزال رئيس المجلس يعول على ميقاتي للتوصل الى مخرج عن طريق الحكومة. وهما سيلتقيان اليوم وسيناقشان هذا الموضوع بإسهاب.

وينقل زوار ميقاتي عنه انه سيعالج الموضوع بعناية شديدة مع ابداء كامل حرصه على المؤسسة العسكرية وعدم تعريضها لخضات في وقت لا يبدو ان طريق التعيين او التمديد لعون او تأجيل تسريحه معبّد في توقيت سياسي لا يحسد عليه الجميع.

وقبل ان يحدد بري موعدا لعقد هيئة مكتب المجلس يكرر ان على الحكومة ان تقوم بواجبها في هذا الصدد وان لا تتلكأ في هذه المهمة رغم الصعوبات التي تعترضها، وان الوقت لا يزال يسمح لها بحسم هذا الموضوع الذي يشكل مادة انقسامية بين الافرقاء حيث لكلّ حساباته الخاصة وغير المحصورة بمن يكون على رأس قيادة الجيش بل تتعلق ايضا بكيفية التعاطي مع انتخابات الرئاسة.

وعندما يدعو بري مكتب المجلس الى الالتئام – مع ترجيح ان لا تكون الجلسة هذا الاسبوع- يعني انه قد توجه بالفعل الى تحديد موعد للجلسة التشريعية التي تحتاج الى حضور 65 نائبا. وتوجد مجموعة من القوانين والمشاريع الجاهزة التي يحتاج اقرارها الى التئام الهيئة العامة. واذا ما توصلت الحكومة الى اي مخرج في شأن مَن سيكون في قيادة الجيش او الإبقاء على عون، فلا احد يضمن عقد مثل هذه الجلسة في ظل رفض اكثر من كتلة الحضور ولا سيما من النواب المسيحيين الذين يرددون ان الاولوية يجب ان تنصب على انتخابات الرئاسة. ورغم تقديم “القوات اللبنانية” اقتراح قانون معجل تطلب فيه التمديد لعون، إلا انها لم تحسم بعد مشاركتها في الجلسة التشريعية المنتظرة وهي تريد الحصول على ضمانات مسبقة تؤكد لنوابها ان مشاركتهم في الجلسة ستنتهي بالتمديد لعون بناء على ما اقترحته، لانها تخشى من فخ اقرار مجموعة من القوانين، وعند الوصول الى بند التمديد تطير الجلسة حيث يمكن ان توصف بـ “حرب الخناجر” لتسديد فواتير سابقة منذ ولادة الدورة الاخيرة لهذا المجلس بفعل قانون انتخاب لم يلبِّ طموحات اكثرية اللبنانيين.

ولم يُعرف الى الآن ما اذا كان سيحصل افتراق حيال التمديد بين كتلتي “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” لان الاخيرة لن تقدِم على إثارة خلاف او الدخول في اي ازمة مع العونيين هي في غنى عنها، لكنها لا تتغيب بالطبع عن اي جلسة تشريعية.

وفي حال اعلنت الحكومة انها لم تتوصل الى مخرج لقيادة الجيش، فان بري لن يتلقى هذا الملف بارتياح مع وجود اكثر من اقتراح “عسكري” حيث ستكون تلك الجلسة محفوفة بشريط من الاشواك والتحذيرات جراء جملة من المخاطر، ولو كانت اكثر الكتل ما عدا “لبنان القوي” تؤيد بقاء عون في منصبه. ولن يوفر العونيون وسيلة للاعتراض على اي تدبير حكومي يسمح بالتمديد لعون مع التلويح بالتصدي له أمام مجلس شورى الدولة.

وتقول مصادر نيابية لا تؤيد التوجه الى اي تمديد، ان الحكومة غير قادرة على هذا الفعل وتخطيها صلاحيات وزير الدفاع موريس سليم الذي لا يعارض التعيين في المجلس العسكري، مع تذكير فريقه السياسي كل الكتل النيابية بضرورة تعديل قانون الدفاع قبل الدخول في التمديد تحسباً لضرب الهرمية في المؤسسة (عدد العمداء يفوق بكثير عدد العقداء) في حال اللجوء الى اي خطوة ناقصة تكون لها ارتدادات على السلك العسكري، مع الاشارة الى انه من حق اي نائب او كتلة تقديم اقتراح قانون معجل حيث ستُدرج كل الاقتراحات على جدول الاعمال.

ويخشى الداعمون لعون هنا ان يكون مصير ما يبذلونه لربح سباق التمديد للرجل على شاكلة ما حدث مع اللواء عباس ابراهيم، ولذلك يتنبهون جيدا لهذا الامر من اكثر من جهة غربية وعربية تتابع ملف قيادة الجيش وانتخابات الرئاسة في بلد لم يعد اهله يمتلكون اكثر قراراتهم.

 رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply