سعر ربطة الخبز سيتجاوز الـ 100 ألف ليرة… وأزمة الطحين “وهميّة”

يزداد القلق من انقطاع امدادات القمح للمطاحن، والتوجّس من ان الخبز سيصبح سلعة نادرة في لبنان لان سعر الربطة سيرتفع، الا ان هذا الحديث ليس دقيقا ويفتقد للشفافية. صحيح ان ساعة رفع الدعم عن الطحين قد حانت، ووزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال علّق توقيع جدول الطحين المدعوم، لكن القمح البلدي بنوعيه متوافر، ويمكن للمطاحن شراء النوعية المخصصة للخبز. من جهة ثانية، عدم توقيع جدول الطحين المدعوم، يعني ان قرض البنك الدولي اما انتهى او شارف على الانتهاء. وهذه “الهمروجة” هي لتحضير المواطن نفسيا ان سعر ربطة الخبز سيصبح فوق الـ 100 ألف ليرة لبنانية.

الزراعة

بالموازاة، شرح مدير المركز الوطني للاستشعار عن بُعد غالب فاعور لـ “الديار” أن “دراسات المركز الوطني للاستشعار عن بُعد التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية، تشير الى أن نصف مساحة لبنان تقريباً صالحة للزراعة، ولكن بإنتاجية متفاوتة. والمؤكد أن الاراضي الزراعية العالية الخصوبة تشكل ما لا يزيد عن ثلث مساحة لبنان، وتتضمن جميع السهول الفسيحة في البقاع وعكار والكوره، والسهول الساحلية الضيقة، بالإضافة إلى السهل الساحلي الجنوبي في صيدا والصرفند وصور ومرجعيون، وفي الشوف الأعلى، وحاصبيا وراشيا، والمنطقة الجبلية في أعالي جبل لبنان. ويتميز لبنان بموقعه الجغرافي ومناخه المعتدل وتضاريسه الجغرافية وتربته الغنية، التي اتاحت تنوع المزروعات في أرجائه كافة”.

المساحات الزراعية

وتابع “ان الاراضي الزراعية المستغلة فعلياً في لبنان، وفقاً لخريطة استخدام الاراضي لعام 2017 الصادرة عن المركز الوطني للاستشعار عن بُعد بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار، تغطّي حوالي 2850 كم2 تمثل 27.78% من مساحة لبنان. وتتضمن هذه الاراضي: المزروعـات الموسـمية، والمزروعـات الدائمة (الأشجار المثمرة والموز والزيتون والحمضيات والعنب) والمزروعـات الموسـمية المحميـة”.

اضاف: “تظهر خريطة استخدام الاراضي لعام 2017 على مقياس 1:20000 توزع الأراضي الزراعية التي تتواجد بشكل رئيسي في محافظات البقاع والجنوب والشمال. كما تبين الخريطة مناطق المزروعات الموسمية التي تتركز بشكل رئيسي في سهلي البقاع وعكار”. واشار “الى ان المزروعات الموسمية تحتل مساحة 1371 كم2 تمثل 48% من مساحة الاراضي الزراعية في لبنان. بينما تغطي المزروعات الدائمة 1436 كم2 وتمثل 50% من الاراضي الزراعية في لبنان. وهي تتوزع بشكل أساسي في السهول الساحلية والهضاب خاصة في جنوب لبنان وأعالي الجبال في محافظة جبل لبنان. اما المزروعات المحمية فتقدر مساحتها بـ 42 كم2 تمثل تقريباً 2% من الاراضي الزراعية وهي تتواجد بشكل رئيسي في الشريط الساحلي”.

ووفقا لفاعور: “تتوزع المزروعات الموسمية بشكل أساسي في محافظتي بعلبك الهرمل والبقاع (851 كم2) ثم تليها محافظات الشمال (210 كم2) ومحافظات الجنوب (269 كم2). أما في محافظة جبل لبنان فتغطي المزروعات الموسمية 41 كم2 في السهول الساحلية”.

مساحة الاراضي المزروعة قمحاً

وقال: “تغطي زراعة القمح في لبنان المساحة الاكبر من المزروعات الموسمية في لبنان. وتتشكل المزروعات الموسمية وفق الاحصاء الزراعي الشامل لعام 2010 من الاصناف التالية: الحبوب (51%)، الخضار (24%)، البقوليات (11%)، الزراعات العلفية (3%) والزراعات الصناعية (11%). وقد بينت نتائج الاحصاء الزراعي أن زراعة القمح تمثل 70% من زراعة الحبوب في لبنان”.

ولفت الى انه “بالاستناد إلى النسب المئوية لأصناف المزروعات الموسمية الناتجة من الاحصاء الزراعي لعام 2010 مع المساحات التي تم تحديدها في خريطة استخدام الاراضي، يمكن تقدير مساحة القمح في لبنان بحوالي 490 كم2 وهو رقم يتجاوز المساحة التي قدرتها وزارة الزراعة عام 2010 والتي بلغت 338 كم2”.

مساحة الاراضي المزروعة قمحاً – المدعومة

في سياق متصل، تعتبر زراعة القمح من الزراعات الاستراتيجية ومن الركائز الاساسية التي يعتمد عليها القطاع الزراعي في لبنان، حيث يبلغ حجم الإنتاج اللبناني من القمح سنويا حوالي 150 ألف طن، كما تدعم الحكومة اللبنانية المزارعين بشراء محاصيل القمح والشعير بأسعار تشجيعية، لتعود فتبيعها وفقاً للأسعار الرائجة.

ويقترح فاعور للخروج من المأزق:

1- بالاستناد إلى تصريحات المسؤولين الأوروبيين والعرب، فإن المبادرة لإعلان حالة طوارئ للأمن الغذائي، ووضع مخطط زراعي توجيهي شامل للسنوات الخمس القادمة، للتخفيف من الاعتماد المفرط على الاستيراد، وإعطاء الأولوية لتسهيل حصول المزارعين على المدخلات الزراعية بأسعار ملائمة.

2- وضع خريطة ملائمة الاراضي لزراعة القمح الطري والقاسي، وفق خصائص المنطقة من الناحية المناخية، ونوعية التربة والطوبوغرافية وتوفر انظمة الري. والاستفادة من هذه الخريطة لزيادة إنتاج القمح الطري من خلال:

– توجيه المزارعين لاستبدال القمح القاسي بالقمح الطري وتأمين حوافز لذلك (تأمين البذار، سعر تشجيعي أفضل من سعر القمح القاسي).

– تحديد مشاعات الدولة العالية الانتاجية والاستفادة منها لزيادة المناطق الزراعية للقمح الطري من خلال وزارة الزراعة والتعاونيات الزراعية والبلديات.

– وضع اطر ادارية او قانونية تجيز للبلديات الانتفاع من الاراضي الزراعية الخاصة المهملة خلال الازمة الحالية لزراعة القمح الطري والقاسي.

– تقديم المساعدة للمزارعين حول الاراضي المؤهلة لزراعة القمح بالاستناد الى خارطة استعمالات الاراضي وقاعدة معلومات التربة. مما يتطلب انشاء قاعدة بيانات جغرافية للحيازات الزراعية في لبنان للمساعدة في تحديد نوع الدعم المطلوب.

3- اجراء مسح سنوي لمجمل الاراضي المزروعة بالقمح والشعير، يستند على المعطيات العلمية والصور الفضائية.

4- انشاء مراكز لتخزين القمح في مختلف المحافظات اللبنانية.

5- البحث عن مصدر اضافي للبذار، او لإكثار بذار القمح الطري بالتعاون مع أيكاردا وأكساد ودول عربية مجاورة تعاني من مشاكل مماثلة.

وختم فاعور قائلا: “في أزمة الأمن الغذائي العالمية وانعكاساتها المباشرة على الأمن الغذائي للبنانيين في الأمدين القصير والبعيد، حان الوقت لإيجاد آلية قانونية وتنظيمية للتنسيق والتكامل بين وزارتي الزراعة والاقتصاد تحديداً وبدعم من المؤسسات العلمية والحكومية المعنية، للعمل على تخفيف الآثار السلبية للحروب الدائرة في المنطقة وفي أوروبا، ووضع استراتيجية مبتكرة، خارج النمط الحالي من العمل الحكومي لمجابهة التحديات الجدية في الأمن الغذائي”.

الازمة مختلقة

على خطٍ موازٍ، قال رئيس “تجمع مزارعي البقاع” إبراهيم ترشيشي لـ “الديار”: الجميع يعرف “ان محصول القمح هذا الموسم كان ممتازاً وفائضاً حتى انه تجاوز الـ 60 والـ 70 الفا وبنوعيه الصلب والطري”، واشار الى ان “المشكلة تكمن في الآلية المرتجلة التي وضعتها الدولة لتتسلم المحاصيل من المزارعين، بدون خطة مدروسة على الارض، لذلك أصدرت الحكومة قرارا عشوائيا كان بمثابة “الدواء المسكّن” لتهدئة الفلاحين. لكن ما لبث ان تنصّل المعنيون من الوعود التي أطلقوها واختفوا من الوجود”.

ولفت الى ان “الوزارة أرشدت المزارعين الى تعبئة طلبات لشراء القمح منهم وهذا الامر لن يحدث لأنها طلبت منا ان نبيع الطن بـ 270$. لكن الانكى من السعر هو اننا سنتقاضى المال من مصرف لبنان الذي لم يدفع لنا التعويضات العائدة للقمح منذ العام 2018”.

وتوجه ترشيشي الى المطاحن بالقول: “لا تتباكوا وتطلقوا الشائعات المزيفة لترهيب الناس، لان القمح اللبناني متوافر، شرط ان يُدفع ثمنه كما يجب”، مضيفا “ان كانوا يريدونه مدعوما، فعلى البنك الدولي شراء القمح الوطني، بدلا من المستورد ومن ثم يُوزّع على المطاحن”.

وختم: “يجب وضع شرط على كل صاحب مطحنة انه في كل مرة يشتري قمحا مستوردا عليه ان يأخذ 10% من القمح المحلي، الذي هو خالٍ من البارود والملوثات وطازج، ويعتبر من اجود الأنواع التي أكرم الله بها أرضنا”.

ندى عبد الرزاق – الديار

Leave A Reply