الامام الصدر ومدينة صور..«حكاية عشق» متبادل – حسين سعد

حسين سعد –

 

بين الامام المغيب السيد موسى الصدر ومدينة صور ، حكاية من عمر الزمن ، فكان على مدى عقود ١٩٥٩ – ١٩٧٨، عشق متبادل بين الامام والكثير الكثير من الصوريين من كافة الطوائف والمذاهب ، الذين فتحوا قلوبهم للرجل القادم من قم الايرانية ويحمل جذوره اللبنانية ، ليحل مكان الامام عبد الحسين شرف الدين، الذي وافته المنية العام ١٩٥٨ ، كمرجع للشيعة في الجنوب ولبنان، بعدما كان تمنى ( أوصى ) شرف الدين ، ان يخلفه الصدر .

شواهد تلك العلاقة في المدينة عديدة ومتنوعة، من دوره الاجتماعي والانساني والتوعوي، الى التربوي والتعليمي ووقوفه إلى جانب المهمشين والمحرومين والمقاومة، وقد أطلق عمله الاجتماعي المؤسساتي بدءًا بإعادة تنظيم هيكلية “جمعية البرّ والإحسان”، ومرورًا بإنشاء مؤسسات عامة تعنى بالشؤون التربوية، المهنية، الصحية، الاجتماعية والدينية. وقد أثمرت هذه النشاطات إنجازات عديدة، منها: إلقاء مئات المحاضرات في المراكز والمعاهد بهدف التوعية الاجتماعية والدينية، إعطاء المرأة دورًا أساسيًا في العمل الاجتماعي والتنموي بدءًا باستحداث دورات محو الأمية، القضاء على ظاهرة التسول في مدينة صور وضواحيها من خلال مشروع دعم يتضمن برامج صحية، اجتماعية وإنشاء صندوق الصدقة، وإنشاء مهنية جبل عامل، التي أحتضنت ابناء الفقراء وتخرج منها الآلاف من الشباب الى سوق العمل .

ومن أبرز محطات الامام الصدر، مشاركته في الربع الاول من ستينيات القرن الماضي، في قداس أقيم في صور عن روح قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين، وأبهر الحضور عندما أخذ يشرح رسالة البابا الراحل “السلام على الأرض” عن علاقة الإنسان بالدين، واستَعَادَ الامام الصدر جنسيته اللبنانية بناءً على مرسوم جمهوري أصدره الرئيس فؤاد شهاب في العام ١٩٦٤.

خطاب القسم

وإلى جانب مؤسسات الصدر التربوية ، التي تحمل إسمه وغيرها من الاماكن في أرجاء صور ، تشهد ساحة البوابة على مدخل صور التجاري ، التي إرتبطت بمهرجان القسم في العام ١٩٧٤ ، وباتت تسمى بساحة القسم ، التي أطلق منها في الخامس من ايار ، من ذلك العام ، عهد الوقوف الى جانب المحرومين ، بحضور حشد كبير من اهالي صور والجوار وآلاف القادمين من البقاع خصوصا.

اطلق الامام الصدر في خطاب القسم في صور في العام 1974 مواقف هامة وأشاد فيه بتنوع صور الطائفي والوطني

وخص حينها الامام الصدر في خطابه الطويل مدينة صور بابلغ الكلام ، اذ قال : أما أنت يا صور .. لماذا أنت ؟ لأنك أنت القلعة التي تهدمت عليها المؤامرات التاريخية ، أنت مدينة الصيادين والخياطين والعمال الشرفاء ، الكادحين والعظماء ، مدينة العلماء والادباء ، مدينة الكنيسة والآباء ، مدينة الجامع والشهداء ، إن كان من نبذ للطائفية وإمكانية العيش المشترك فالانطلاقة منك يا صور.

يتذكر الكثير من الصوريين والجوار، قصصا عايشوها أو سمعوا عنها حول الامام المغيب موسى الصدر .

      المختار خليل

يعتز مختار برج رحال خليل سلمان خليل ٧٥ عاما، بدوره في إنشاء ناد حسيني في بلدته .

                خليل خليل

ويقول ل”جنوبية”، “عندما عزمنا بمشروع الحسينية ، قصدنا الامام موسى الصدر في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي ، وكان برفقتي عمي المرحوم داوود عطالله ، وقد ساعدنا حينها من خلال ختم دفاتر التبرعات بأسم المجلس وقد كان الامام الصدر مسرورا بهذه الخطوة والمبادرة “.

الصدر تبرع بمئة ليرة لإنجاز النادي الحسيني في بلدة برج رحال قضاء صور وقد ساهم بإنجازها ايضا مختار البلدة الحالي خليل خليل

وأضاف”: عندما قررنا وضع حجر الاساس للنادي الحسيني ، حضر الامام الى برج رحال راعيا لهذا الحفل وتبرع حينها بمئة ليرة ، كانت بركة للنهوص بهذا الصرح .

شاهين

منذ شبابه التصق احمد حسن شاهين ، إبن مدينة صور ، بالامام موسى الصدر ، الذي كان على علاقة طيبة باقاربه من آل سمحات ، حيث كان مولعا بالنرجيلة”. ويقول شاهين (٧٦ عاما) ل”جنوبية”، الذي إنتسب إلى حركة المحرومين مع بداية إنطلاقتها ، “كنت معجبا جدا وما زلت بالامام”.

إقرأ ايضاً: بعد تغييب المؤسس الصدر..45 عاما على «عزلة» المجلس الشيعي تنتهي الى «عزل» المشايخ المعارضين!

ويذكر شاهين ( ابو حسن ) انه في العام ١٩٧٤ وتحديدا في يوم القسم في ساحة البوابة ، أن “خصوما للامام الصدر ، عمدوا في ذلك اليوم إلى رمي أعداد كبيرة من المسامير المثلثة على طريق عام صيدا صور ، عشية المهرجان ، ما تسبب بتعطل عشرات السيارات القادمة من البقاع ، التي ثقبت إطاراتها ، فتناديت انا ومجموعة من الشباب ، كنا جميعا نعمل في مجال صيانة السيارات الى المنطقة ، وقمنا بمساعدة اصحاب السيارات على معالجة المشكلة ، ونقل عدد من العائلات الى مؤسسة جبل عامل المهنية في البرج الشمالي”.

غدار

كغيره من الصوريبن ، كان عفيف غدار (٨٣ عاما)، الذي ما زال يعمل بحرفته في السوق القديم في صور، يحفظ واحدة من محطات الانفتاح على الآخر ، التي كان يجسدها الامام الصدر.

عفيف غدار

وأشار غدار ل”جنوبية” إلى” الحادثة الشهيرة والمتداولة على الدوام ، وهي قيام الامام موسى الصدر، بتناول البوظة من محل أبو سليم أنتيبا ، وهو رجل مسيحي”.

وقال “:إشتكى أبو سليم للامام الصدر ، من تحريض بعض التجار عليه كونه مسيحياً ولا يجوز تناول البوظة من محله، فما كان من الامام إلا قصد محل العم انتيبا وتناول البوظة وسط الشارع أمام المارة ، الذين أصابتهم الدهشة ، ومن يومها تبدلت أحوال العم أنتيبا.

صورة خاصة بجنوبية تعود للعام ١٩٦٤ ، تجمع الامام الصدر والى يمينه حسن شاهين والى يساره نجله احمد شاهين وعلى طرفي الصورة من اليسار رجل من آل الخضرا ومن اليمين سيد من آل مرتضى / حسين سعد

جنوبية

Leave A Reply