“كورال” مؤسسات الصدر في صور يصدح: “معنا هو الله”

حسين سعد ـ مناطق

بلباسهن الأبيض، تنشد فتيات الكورال المدرسيّ التابع لمؤسّسات الإمام الصدر، نشيداً خاصاً، في مناسبتيّ عيد الشعانين لدى الطوائف المسيحيّة الغربيّة وشهر رمضان الفائتين، تحت عنوان “معنا هو الله”.

تتنقّل الفتيات المحجّبات، بين أدراج وباحات كنائس صور ومساجدها، لتسجيل المقطع الإنشاديّ، على وقع قرع أجراس الكنائس والآذان في المساجد، كتعبير عن روح المحبّة والتسامح والفرح والعيش المشترك، الذي تتّسم به سيّدة البحار مدينة “صور” .

لا يقتصر إنشاد الكورال المدرسيّ في مؤسّسات الإمام الصدر، المؤلّف من 64 فتاة تبدأ أعمارهن من السادسة، بينهنّ فتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة، على مناسبات دينيّة وداخليّة، إذ هو يتصدّر كلّ ما هو جميل ومعبّر لهامات وطنيّة فنّيّة مثل السيدة فيروز وزكي ناصيف ومارسيل خليفة وجوليا بطرس وآخرين، فحصد الجائزة الاولى في مسابقة زكي ناصيف للموسيقى في الجامعة الأميركيّة في بيروت وعشرات الجوائز الأخرى.

لا يقتصر إنشاد الكورال المدرسيّ في مؤسّسات الإمام الصدر، المؤلّف من 64 فتاة تبدأ أعمارهن من السادسة، بينهنّ فتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة، على مناسبات دينيّة وداخليّة، إذ هو يتصدّر كلّ ما هو جميل ومعبّر لهامات وطنيّة فنّيّة

انطلقت فكرة الكورال المدرسيّ في مؤسّسات الإمام الصدر، الذي كان عنوان دعوة إلى التسامح، وإلى جانب الفقراء والمحرومين، قبل نحو 20 عامًا.

نعمل لبناء الإنسان

يؤكّد السيّد نجاد شرف الدين مدير عام مؤسّسات الإمام الصدر، “أنّ فكرة الكورال المدرسيّ في مؤسّسات الإمام الصدر بدأت مع طلاب من ذوي الحاجات الخاصّة، إذ تبيّن أّن إدخال الموسيقى في برامج التأهيل ستساعد معظمهن على التحكّم بعضلاتهم وحركاتهم، كما ستحرّر المزيد من الطاقة الإيجابيّة الكامنة في ذواتهم، بما يريح أنفسهم ويرفع من معنوياتهم”.

ويضيف: “سرعان ما ظهرت الآثار الإيجابيّة على أداء الطلّاب فرادى، كما على أدائهم في مجموعات، فساهم في بناء قدراتهنّ الشخصيّة وتعزيز الثقة بالنفس وبناء الصداقات وتنمية روح التحدّي والتنافس.”

ويتابع شرف الدين: “في السنوات التالية، تقرّر تدريب الهيئة التعليميّة على كيفيّة استخدام الموسيقى كوسيلة تعليميّة. وسرعان ما توسّعت دائرة المهتّمين من الطلّاب والطالبات لتشمل المدارس المنضوية في إطار مؤسّسات الإمام الصدر. وتشكلّت نواة الكورال المدرسّي من عدّة فتيات في البداية، وهو يضم اليوم ما ينوف عن ستّين طالبة تتراوح أعمارهنّ بين ستّ سنوات وست عشرة سنة”.

فتيات “كورال مؤسسات الإمام الصدر” تتوسطهنّ السيّدة رباب الصّدر

ويقول شرف الدين لـ”مناطق نت”: “إنّ الكورال المدرسيّ لمؤسسات الإمام الصدر في أعماله التي يقدّمها، يعكس رؤية مؤسّسات الإمام الصدر وسعيها لبناء الإنسان وتربيته على القيم الإنسانيّة ومبادئ العيش المشترك وإلى أهمّيّة الشقّ الحواريّ، من خلال تأدية فتيات محجّبات للأناشيد المختلفة، وفهمنا للحوار والرسالة التي نادى بها الإمام الصدر، عندما قال لبنان رسالة ومدخل للحوار بين الشرق والغرب”.

وأردف: “فبحسب ادراكنا وفهمنا نترجم هذه المفاهيم بتربية أولادنا، لأنّ موضوع الانفتاح موضوع أساسيّ لناحية قبول الآخر، وليس معنى ذلك أن نذوب وننسى ثقافتنا والخروج عن الدين”. مؤكّدًا أنّ “المظهر الحواريّ يتجسّد من ناحية الموسيقى والكلمة الهادفة”.

ويلفت إلى “أنّ الكورال المدرسي ومنذ تأسيسه، يشارك بفعاليّة في مختلف الأنشطة والمناسبات، سواء في داخل المؤسّسات أو خارجها، ويشارك في مسابقات وطنيّة كمسابقة زكي ناصيف، ويحصد المراتب الأولى على صعيد لبنان”.

ويعدّد أبرز هذه المشاركات: احتفال الميلاد في كنيسة القنطاري في بيروت مع الفنّانة عبير نعمة (2016) واحتفال انتقال السيّدة العذراء في كنيسة مغدوشة مع الفنّانة عبير نعمة (2017)، بالإضافة إلى مشاركة الكورال ضمن فعاليّات الكورال العالميّ مع المايسترو باركيف تاسكليان في مسرح الثانوية المختلطة في مدينة صور.

عشرات الجوائز

تقود المايسترا ديانا مصطفى، الكورال المدرسيّ في مؤسسات الصدر، ويتولّى شقيقها راجي، المؤلّف والموزّع الموسيقيّ التدريب المرافق.

تقول مصطفى، التي تواكب الكورال منذ إنشائه في العام 2004: “إنّ الكورال المدرسي في المؤسّسات، حجز خلال مسيرته مكاناً متقدّمًا بين “الكورالات” في لبنان، وحصل على عشرات الجوائز، من بينها جائزة زكي ناصيف في الجامعة الأميركيّة في بيروت، وكان من المقرّر تكريم الكورال في الأونيسكو من قبل وزارة الثقافة، لكنّ جائحة كورونا والتطوّرات المختلفة في لبنان أخرت هذا الحدث”.

وتضيف: “إنّ فتيات الكورال، استمرّين بتدريباتهنّ في زمن الكورونا، ونشر أعمالهنّ على التواصل الاجتماعيّ، حتّى لا يخسرن من مخزونهنّ الموسيقيّ والإبداعيّ”. مشيرة إلى “أنّ مهمّة صبايا الكورال لا تقتصر على الإنشاد، فهناك موادّ أساسّية نركّز عليها، غير مرتبطة بالإنشاد، لكي تتعزّز ثقتهنّ بأنفسهنّ، وتشمل “الفوغايز” و”السولفيج” والتنفّس والنظريّات الموسيقيّة”.

وتلفت مصطفى لـ”مناطق نت” إلى “وجود عدد من فتيات الكورال من النازحات من بلداتهن في الجنوب، يواصلن التدريبات والأعمال على رغم كلّ ظروف الحرب والتهجير”. آملة أن “تنتهي هذه الحرب والعودة إلى أيّامنا الحلوة وساحات الاحتفالات في كلّ لبنان”.

وتختم المايسترا مصطفى: “إنّ فتيات المؤسّسات لديهن ثقة كبيرة بأنفسهنّ ودراساتهنّ في جميع المجالات التعليميّة وفي الموسيقى والرسم والرياضة”.

من تلميذة إلى مدرسة

انتسبت لين فهمي علويّة إلى مبرّة “رحاب الزهراء” في مؤسّسات الإمام الصدر في صور، في سنّ السابعة، وقد تمّ اكتشاف موهبتها من قبل معلّمتها، لا سيّما لناحية جمال صوتها وأداء الغناء، فانتسبت إلى الكورال المدرسيّ .

تقول علوية لـ”مناطق نت”: “كنت أشارك في التمارين والمسابقات مع زميلاتي، على مستوى لبنان، وحصلنا على المراتب الأولى أكثر من مرة”.

وتضيف: “إنّ تجربتي في الكورال كانت جميلة جدّاً، وقد نمت شخصيتي وأعطتني تمايزاً، واستمرّيت بهذا الكورال إلى آخر سنة دراسيّة، ثمّ توقفت بعد دخولي إلى الجامعة، حيث تخرّجت في العلاج الفيزيائيّ”.

وتلفت علويّة إلى أنّ مدرّستها المايسترا مصطفى، التي ربّتها على حبّ الموسيقى والمؤسّسات، أتاحت لها فرصة تعليم الموسيقى لتلامذة السنوات الدراسيّة الأولى في مبّرة رحاب الزهراء، “فأصبح لديّ مهنة العلاج الفيزيائيّ، وأيضاً مدرسة للموسيقى التي أعشقها”.

Leave A Reply