نوّاب الحاكم يطلبون تشريعاً لاستخدام بقايا الودائع: خطّة عمل تجيز للسلطة من جديد مدّ اليد على “الاحتياطي”

سلوى بعلبكي – النهار

يحار المراقبون في كيفية بناء صورة بانورامية حيال ما هو مرتقب من نواب حاكم مصرف لبنان بعد أن تؤول إليهم مسؤولية إدارة البنك المركزي بعد نهاية ولاية الحاكم. فهم بعد ما أثاروه من تكهنات ومخاوف على خلفية تصاريح أدلوا بها، جاءت “الورقة المشروع” التي رفعوها الى لجنة الإدارة والعدل النيابية باعتبارها خطتهم الاستراتيجية لمستقبل عملهم في مصرف لبنان، لتزيد الطين بلة. خطورة ما قدّموه مكتوباً، بعدما كانوا مرروه سابقاً عبر تصريحات إعلامية وتسريبات، إعلانهم بصراحة أنهم سيوقفون تدخل مصرف لبنان كلياً بيعاً عبر صيرفة أو شراءً من الشركات المالية، وبذلك سيكفّون يد المركزي عن سابق تصوّر وتصميم عن محاولة لجم أي صعود متمادٍ لسعر الصرف وسيتركون بداعي تحرير السوق، السوق، في قبضة المضاربين والصرّافين ومهرّبي النقد الى الخارج، وما على اللبنانيين إلا انتظار استجداء الرحمة من الآتي.

الخطورة الثانية هي في ما طلبه نواب الحاكم في “ورقتهم الاستراتيجية” من المجلس النيابي بإقرار قانون يسمح لمصرف لبنان باستخدام 1200 مليون دولار خلال ستة أشهر من الاحتياطي الإلزامي البالغ حالياً ما يقارب عشرة مليارات دولار، وهم بذلك يؤكدون أنهم سيتخلون عن آلية شراء السيولة من السوق وإعادة ضخها عبر صيرفة لضبط الدولار من جهة وتأمين مصاريف الدولة من جهة أخرى، وبهذا يجيزون للدولة اللبنانية من جديد استخدام الاحتياطي، وهو عملياً ما بقي من أموال المودعين تحت حجة تأمين مصاريف الدولة ورواتب موظفيها.

يبدي نواب الحاكم في خطتهم اقتناعهم التام بأن الاحتياطات الباقية من العملات الأجنبية في مصرف لبنان هي إيداعات إلزامية للمصارف و”هذه وجهة نظرنا التي كنا قد دافعنا عنها طوال فترة ولايتنا. وأوضحنا منذ تعييننا أنه يجب المحافظة على هذه الاحتياطات إلى أن تصبح لدينا خطة شاملة تشرح مصير الودائع المصرفية، وأن علينا استخدامها بما يتماشى تماماً مع الخطة”.

ويعتقد نواب الحاكم أنه “في هذه المرحلة، استخدام جزء من هذه الاحتياطيات يجب أن يستند إلى إجماع وطني بين المجلس النيابي والحكومة والبنك المركزي، في إطار خطة تسمح للحكومة بتسديد المبالغ المستخدمة من هذه الاحتياطيات. وعلى المجلس النيابي أن يقر قانوناً يسمح للبنك المركزي بإقراض الحكومة ما يصل إلى 200 مليون دولار شهرياً في المتوسط على مدى ستة أشهر، من الاحتياطات الإلزامية، على أن لا يتجاوز المبلغ الإجمالي 1.2 مليار دولار خلال هذه الفترة”.

وإذ وعدوا أن يبذل “مصرف لبنان قصارى جهده لتحقيق استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار وضمان الانتقال السلس إلى منصة سعر صرف جديدة، رأوا أنه يجب النظر إلى الإصلاحات المالية وفق برنامج زمني محدّد، يتعلق بتطوير الموازنة وإقرارها في موعدها الدستوري، ووقف الدعم ولا سيما للكهرباء، وإقرار الخطة لإعادة الودائع ومعالجة الفجوة المالية، بما سيمكن الحكومة من تسديد القرض الجديد المتفق عليه”.

بيد أن مصادر متابعة اعتبرت أن “لا شيء جديداً في الخطة، وما أعلنه نواب الحاكم من إصلاحات هو ما يطالب به أصلاً الحاكم ومصرف لبنان منذ اليوم الأول للأزمة. ولكن للأسف “الكابيتال كونترول” وخطة الحكومة الإصلاحية، رغم أنها إيجابية (بعدما تم تعديلها أخيراً) لا يزالان قيد الدرس، وقد تمنّى مصرف لبنان والحاكم الإسراع بإقرارهما، ولكن مجلس النواب سيد نفسه”.

وتعيب المصادر على نواب الحاكم قرارهم تحرير سعر الصرف في أيلول، على اعتبار أنه قرار متسرّع من دون الإصلاحات المطلوبة وانتخاب رئيس وحكومة جديدة. يجب السير قدماً بطلبات صندوق النقد الدولي، ولكن التوقيت في تحرير سعر الصرف مهم جداً. يجب حماية موظفي القطاع العام والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي من خلال منصة صيرفة وإلا فعلى الليرة السلام”.

وفيما طلب نواب الحاكم التشريع لاستخدام الاحتياطي بما يقدَّر بنحو 1.2 مليار دولار على مدى 6 أشهر، أكدت المصادر أن مصرف لبنان يعمد الى تأمين 200 مليون دولار شهرياً لتأمين مصاريف الدولة من السوق (80 مليون دولار رواتب قطاع عام، 35 مليون دولار لدعم الأدوية، 25 مليون دولار قروضاً متنوّعة)، وأشارت الى أنه منذ بداية العام 2023 لغاية اليوم انخفض الاحتياطي لمصرف لبنان 600 مليون دولار رغم تسديد مصرف لينان نحو 200 مليون دولار كمصاريف شهرية للدولة اللبنانية، اضافة الى التدخل اليومي عبر صيرفة، ودفع 200 دولار لكل مودع حسب التعميم ١٥٨. بينما خطة نراب الحاكم اعطاء قرض بـ 1.2 مليار دولار للحكومة اي سينخفض الاحتياطي الى 8 مليار دولار في تشرين الثاني، وهذا امر خطير خصزصا أن لا ضمانات بتاتا ان تعيد الحكومة ما استدانته، استنادا للتجارب السابقة على هذا الصعيد.

وإذ لا تنكر المصادر ان خطة نواب الحاكم فيها الكثير من “العموميات” الايجابية وخصوصا ما يتعلق بالاصلاحات، اعتبرت أن المشكلة تكمن في تعويلهم على اقرار هذه الاصلاحات بفترة محددة، فيما الواقع يقول غير ذلك، بدليل أن الكابيتال كونترول لم يقر منذ 3 سنوات حتى الآن.

يبقى السؤال… ماذا بعد انتهاء ولاية الحاكم، وهل سيكون في مقدور نواب الحاكم تحمّل المسؤولية ومعهم الحكومة ومجلس النواب، وإنقاذ ما بقي من الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان؟

Leave A Reply