موظفو القطاع العام يقبضون الزيادات في 15 الجاري ومستخدمو الضمان يطالبون بعطاءات القطاعين العام والخاص!

سلوى بعلبكي – النهار

اذا كانت الحكومة قد أقرت في 18 نيسان الماضي أن تدفع لموظفي القطاع العام 7 رواتب شهريا بدلا من ثلاثة حاليا، و6 رواتب للمتقاعدين شهريا بدلا من ثلاثة حاليا، إلا ان هؤلاء لم يفيدوا حتى اليوم من كل هذه العطاءات التي كان يُفترض أن تأخذ مجراها في أول أيار الماضي، بما حدا بكثيرين الى اعتبارها “مسكّنات” لإسكات الشارع حتى لا تتفكك مفاصل خدمات الدولة ويسقط هيكل الإدارة على الجميع.

مصادر وزارة المال التي أقرت بأن ثمة تأخيرا في وضع هذه الزيادات موضع التنفيذ، جزمت لـ”النهار” أن موظفي القطاع العام سيقبضون كل هذه العطاءات كحدّ أقصى في 15 الجاري، لكنها شككت في امكان قبض بدل النقل المقدَّر بـ450 ألف ليرة، وقالت لـ”النهار”: “حتى الآن لا شيء مؤكدا بالنسبة لبدل النقل”… لافتة الى أن “المشكلة هي في أن كل الاعتمادات المرصودة في الموازنة هي على اساس سعر الـ 95 ألف ليرة”، أما المشكلة الاكبر برأيها فهي “في امكان صرف رواتب القطاع العام لشهر تموز، فإذا لم يجتمع مجلس النواب لإقرار الاعتمادات المرصودة للرواتب، سنكون أمام مشكلة كبيرة، علما أن وزارة المال حوّلتها منذ شباط الماضي”.

معضلة موظفي الضمان؟

في المقلب الآخر، برزت في اليومين الماضيين مشكلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على خلفية مطالبة مستخدمي الصندوق بمساواتهم مع القطاع العام، علماً انهم استفادوا من مرسوم تصحيح الاجور للخاضعين لأحكام قانون العمل، إذ أكد رئيس مجلس ادارة الضمان بالانابة غازي يحيى في بيان أنه “في أثناء انعقاد جلسة هيئة المكتب لمتابعة تنفيذ قرارات مجلس الإدارة وبحضور المدير العام، إقتحم رئيس النقابة وأعضاء المجلس التنفيذي قاعة المجلس وبدأ رئيس النقابة كيل عبارات القدح والذم والتهديد والوعيد لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة للضغط عليهم والزامهم باتخاذ قرار فوري يقضي بمنح مستخدمي الصندوق 4 أضعاف الراتب تطبيقا للمرسوم 11227 الصادر في 18/4/2023، على رغم إدراكهم أن طلبهم لا يقع في موقعه القانوني باعتبار أن مستخدمي الصندوق خاضعون لأحكام قانون العمل، وقد أفادوا من زيادة غلاء المعيشة وفقا لأحكام المرسوم 11226 الصادر في التاريخ عينه. وأكثر فقد طالبوا بالإفادة من مرسومَي الزيادة متعامين عما أشار إليه المرسوم الذي يتذرعون بأحقيته، لا سيما ما ورد في الفقرة السابعة التي تنص صراحة على عدم إزدواجية الإفادة”.

ونُقل عن المدير العام للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي قوله إن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي “أكد أن مستخدمي الضمان مشمولون بالمرسوم القاضي بصرف 4 رواتب شهرية للقطاع العام، وأنه أوكل إلى وزير العمل معالجة الموضوع واتخاذ الاجراءات اللازمة من أجل إعطاء مستخدمي الصندوق حقوقهم”.

وفي التفاصيل أنه بتاريخ 18/4/2023 صدر عن مجلس الوزراء المرسوم الرقم 11226 والمرسوم الرقم 11227، الأول يتعلق بتحديد الحد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال الخاضعين لأحكام قانون العمل وأعطى هذه الفئة غلاء معيشة، والمرسوم الثاني 11227 القاضي بإعطاء تعويض موقت لموظفي القطاع العام ومقداره 4 أشهر على أساس راتب شهر 1/1/2020. ونصت الفقرة الأولى من هذا المرسوم على: “يعطى العاملون في القطاع العام، الإدارات العامة بما فيها السلك القضائي والمجلس الدستوري والمؤسسات العامة (بما فيها الجامعة اللبنانية، والمستشفيات الحكومية وتعاونية موظفي الدولة، والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي والمصالح المستقلة، تلفزيون لبنان واتحاد البلديات وسائر أشخاص القطاع العام …”. وفي الوقت عينه جاء في الفقرة 7 من هذا المرسوم “باستثناء الأسلاك العسكرية في الخدمة الفعلية. وفي حال أفاد أيّ من المذكورين في الفقرة الأولى أعلاه من أكثر من تعويض أو مساعدة اجتماعية يتوجب على المستفيد إبلاغ الإدارة المعنية عن الإزدواجية ويستحق عندها فقط المساعدة الأعلى”.

في اليوم التالي لصدور الجريدة الرسمية، طبقت ادارة الصندوق الوطني للضمان المرسوم الرقم 11226 من دون الرجوع إلى مجلس الإدارة وفقا لأحكام النظام المالي في الصندوق، على اعتبار أن المادة السادسة من قانون الضمان الاجتماعي تنص على “يخضع جميع موظفي الصندوق أيا تكن فئتهم لأحكام قانون العمل…”.

في 15 ايار الماضي، رفع المدير العام الى مجلس الادارة كتابا موضوعه “إعطاء تعويض موقت لجميع المستخدمين والأجراء المياومين في الصندوق”، يطلب فيه فتح اعتماد اضافي في الموازنة الادارية للعام 2023 بقيمة 107.673.280.000 ليرة لتغطية النفقات الناجمة عن اعطاء جميع المستخدمين زيادة على الراتب تحدد بـ4 أضعاف أساس الراتب الشهري بتاريخ 1/1/2020. لكن مجلس ادارة الصندوق لم يناقش هذا الطلب لأسباب جوهرية أهمها:

– المساهمة الخجولة للصندوق مع المضمونين في عمليات الاستشفاء وانعدام المساهمة في ثمن الدواء للمضمونين، إذ أصبحت نسبة الموازنة الإدارية أي كلفة التشغيل تشكل أكثر من 80% من مجمل مجموع التقديمات المدفوعة “البيانات المالية للعام 2022”.

– تمتنع الإدارة عن رفع جداول برواتب المستخدمين الافرادية بحسب فئاتهم ورتبهم بعد تطبيق المرسوم الرقم 11226 تاريخ 18/4/2023.

– يخاطب المرسوم الرقم 11227 تاريخ 18/4/2023 موظفي القطاع العام والصندوق غير معني به، لأن جميع موظفيه ومهما كانت فئتهم خاضعون لأحكام قانون العمل، وتاليا لم يكن قصد مجلس الوزراء عندما ذكر الضمان الاجتماعي مع المستفيدين في الفقرة الاولى أن يفيد موظفي مؤسسة وباستثناء فرید من عطاءات القطاع العام.

يشار الى أن مجلس الادارة سبق له أن توجّه إلى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل عند تطبيق المادة 111 من قانون الموازنة العامة للدولة عن العام 2022 بكتاب تحت الرقم 80 تاريخ 26/1/2023، ومما جاء في البند 7 منه: “ما هي الانعكاسات التي قد تنتج مستقبلا عن التناقض بين أحكام المادة 111 من قانون الموازنة العامة للدولة للعام 2022 التي تخاطب القطاع العام، وبين أحكام المادة 6 من قانون الضمان الاجتماعي التي تخاطب مستخدمي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذلك أحكام القانون الرقم 67/1976 تاريخ 16/5/1976 الذي يخاطب العاملين في القطاع الخاص، وذلك في حال صدور المرسوم الذي يصحح الأجور للأجراء الخاضعين لقانون العمل”.

ومع أن رأي هيئة الاستشارات لم يعطِ الجواب مباشرة عن هذا السؤال، إلا أنه أشار الى الآتي: “فضلاً عن أنه يخرج عن مهام الهيئة تحديد الإنعكاسات التي قد تنتج مستقبلا عند التناقض بين مختلف الأحكام المرعية الاجراء وأحكام أي مرسوم يتعلق بتصحيح أجور الأجراء الخاضعين لأحكام قانون العمل، فيقتضي انتظار صدور المرسوم المذكور ليبنى على الشيء مقتضاه”.

وكذلك جاء في قرار لمجلس شورى الدولة رقم 269: “بما أنه من حيث المبدأ لا يحق لرئيس مجلس الوزراء ولوزير العمل كسلطة مركزية وكسلطة وصاية، أن يحل محل مجلس الإدارة في تقرير الزام ما على هذه المؤسسة العامة، فإنه كان يقتضي على مجلس الإدارة رفض الموافقة على قرار رئيس الوزراء وتعليمات وزير العمل الطلب إلى الصندوق العمل على صرف التعويضات المقررة، كما كان من حقه الطعن عند الاقتضاء بقرار سلطة الوصاية المخالف للقانون عن طريق الإبطال”.

وفيما أكدت مصادر وزارة المال أن على مجلس الوزراء أن يحدد ما اذا كان موظفو الضمان خاضعين لأحكام قانون العمل أم أنهم في عداد موظفي القطاع العام، “إذ من غير المعقول أن يفيدوا من عطاءات القطاعين العام والخاص في آن واحد على عكس بقية موظفي القطاع العام”، جزمت مصادر مجلس الادارة أنه “لن يوافق على إفادة موظفي الضمان من العطاءات للقطاع العام، حتى لو أكد مجلس الوزراء على المرسوم، وتاليا فليحكم مجلس الشورى في الامر”.

Leave A Reply