جنبلاط يفعّل اتصالاته للخروج من الأزمة

كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : تحول احتفاء المسيحيين اللبنانيين بأحد الشعانين أمس إلى مناسبة تركزت فيها العظات على مهاجمة السياسيين لفشلهم في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إثر فراغ في موقع الرئاسة يمتد منذ أكثر من 5 أشهر، ولم تنهه محاولات الاتفاق والاتصالات المستمرة التي تفعلت أخيراً.

وقال البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظته، إن «السياسي الحقيقي خادم، وعندما لا يكون خادماً فهو سياسي سيئ، بل ليس سياسياً، لأن السياسة فن شريف لخدمة الخير العام». وأضاف: «بهذه الصفة هو مدعو ليدمر في ذاته خطيئة الفساد والمصلحة الخاصة والأنانية والمكاسب غير المشروعة والتعدي على المال العام، ثم يلتزم خدمة المحبة والعدالة وخير الإنسان». وتابع: «ليعلم السياسيون وعلى رأسهم نواب الأمة أن ضامن السياسة الصالحة هو انتخاب رئيس للجمهورية يحمل هذه المواصفات لتنتظم معه المؤسسات الدستورية».

ويستعد الراعي لاستضافة خلوة روحية يشارك فيها عدد من النواب المسيحيين صباح الأربعاء المقبل في مركز بيت عنيا في حريصا، حيث «نصلي معاً من أجل لبنان وخلاصه من أزماته السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية».

وفي السياق نفسه، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران إلياس عودة، إن لبنان «يعجّ بزعماء وسياسيين ونواب وحكام لا يرون إلا مصالحهم، ولا يعملون إلا وفق انتماءاتهم»، واصفاً إياهم بأنهم «لا يخجلون مما أوصلوا البلد إليه»، حيث «تطلق الاتهامات بالصفقات والتجاوزات، ولا يهتمون، ويتراشقون بشتى التهم، ويتصارعون، يتشاتمون ولا يخجلون من استعمال لغة لا تليق بمسؤول ولا بنائب ولا بأي إنسان».

وقال عودة إن النواب «لم يتخطوا بعد الصراعات الطائفية والمناطقية والحزبية، ولا الأنا والأحقاد. يتلهون بالخطابات والمماحكات عوض الانصراف إلى وقف التدهور وبدء عملية الإصلاح، وكأنه لا نية لديهم للإصلاح». ورأى أن «انتخاب رئيس للبلاد عصي عليهم، وهو أبسط الواجبات، وأولى الخطوات الإنقاذية»، متسائلاً: «هل خلا لبنان من شخصية قادرة على قيادة مسيرة الإنقاذ، يجتمع حولها العدد الكافي من النواب؟ البلد كله معطل. إداراته معطلة، الموظفون مضربون، مصالح الناس معطلة، مليارات الليرات تهدر ونستجدي المعونة. كيف لهم أن يعيشوا دون وخز ضمير وأن يناموا دون قلق؟».

وقال عودة مهاجماً السياسيين: «عوض بناء أمجادهم، عليهم بناء دولة، وإنقاذ وطن، وإصلاح الإدارات والنفسيات. نحن بحاجة إلى قادة، لا إلى زعماء. نحن بحاجة إلى مفكرين رؤيويين، إلى أصحاب قضية يدافعون عنها، لا إلى سياسيين يتسلون بالحكم وبالشعب».

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فشل البرلمان 11 مرة في انتخاب رئيس، إذ لا يملك أي فريق سياسي أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح له.

ويفرض القانون أن يحز المرشحين على أكثرية الثلثين في الجلسة الأولى، وفي حال فشله بذلك، يتم الانتقال إلى الجلسة الثانية التي تعتمد الأكثرية العددية للأصوات بحضور ثلثي أعضاء المجلس. وكان النصاب القانوني على مدى الجلسات الـ11 يُفقد إثر خروج نواب «حزب الله» و«حركة أمل» و«التيار الوطني الحر» وحلفائهم من الجلسة.

ودعا رئيس كتلة «حزب الله» البرلمانية، النائب محمد رعد، كل القوى السياسية إلى «التفاهم الوطني والتفكير الجدي بالمصلحة الوطنية من أجل إنقاذ البلد». ولفت إلى «ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية من دون انتظار الأوامر الخارجية».

وقال رعد، في احتفال تأبيني: «نحن لسنا طامحين إلى تسلم سلطة في هذا البلد، لكننا حريصون على أن تأتي سلطة تستجيب لتطلعات الناس، ولا نريد تفرداً في إدارة شؤون الناس، بل نحرص على شراكة الآخرين في إدارة هذه الشؤون، لنضمن حسن التعامل مع الناس وحسن بناء الدولة».

وإذ أشار إلى «إننا منفتحون على الحوار مع الآخرين»، قال: «إننا دعمنا مرشحاً قادراً على أن يعبر بالبلد في هذه المرحلة بأكثر ما يمكن أن يتوهم المرء من إنجازات وبأقل ما يمكن أن يدفع من ضريبة».

وتوصلت معظم القوى السياسية إلى قناعة بأنه لا يمكن تأمين نصاب الثلثين، أو انتخاب رئيس بأكثرية الثلثين، من غير توافقات. وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي»، النائب وائل أبو فاعور، إن «الحل الوحيد هو في انتخاب رئيس للجمهورية»، مشيراً إلى أن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط «يحاول من خلال اتصالاته الداخلية والخارجية، وسوف يستمر في مسعاه داخلياً وخارجياً، للخروج من الأزمة، لإيجاد رئيس للجمهورية، ونحن نعرف أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون رئيساً وفاقياً، إذا لم يوافق عليه كل المجلس النيابي فمعظمه».

كما شدد على «أن يكون الرئيس إصلاحياً وإنقاذياً، وأن يمتلك خاصتين أو صفتين، الأولى أن يكون قادراً على جمع اللبنانيين، والثانية أن يكون قادراً على تصحيح علاقة لبنان مع الدول العربية، لأنه بلا العرب لا إنقاذ ولا هوية، وهي ليست فقط مسألة إنقاذ اقتصادي، بل هذه هويتنا وهذا انتماؤنا». ووصف أبو فاعور زيارة جنبلاط إلى باريس بـ«الجيدة»، مضيفاً: «كان النقاش عميقاً ومهماً، ونحن نستكمل اتصالاتنا في الداخل وفي الخارج».

Leave A Reply