السّلطة وأزمة الكهرباء.. إنفصالٌ عن الواقع والمواطنين!

عبدالكافي الصمد – سفير الشمال

ينطبق وصف “الإنفصال عن الواقع” على أهل السّلطة في لبنان إستناداً إلى أزمة الكهرباء في بلد يغرق يوماً بعد آخر في عتمة شاملة، من غير أن تلوح في الأفق أيّ إشارة جدّية أو إيجابية توحي بأنّ بصيصاً من الأمل والضوء سينعم به بلد الإشعاع والنّور.

إذ لم تدفع أزمة الكهرباء في البلاد والتقنين القاسي الذي تعاني منه إلى حدّ أنّ مناطق مختلفة تمرّ عليها عدّة أيّام من غير أن يصلها التيّار الكهربائي ولو لساعة واحدة، ولم تحرّك الأزمة الحادة التي يرزح تحتها المواطنون بسبب فواتير الإشتراك في مولدات الكهرباء الخاصّة التي باتت تستنزف قسماً كبيراً من مداخيلهم، ولا شلل الأزمة الإقتصادية وتراجع الحركة التجارية في البلاد نتيجة أزمة الكهرباء، لم يشفع كلّ ذلك لأهل السلطة في أن يتحرّكوا لمعالجة الأزمة، وتجاوز خلافاتهم ومصالحهم الشخصية والقفز فوق تفاهاتهم.

هذه الخلافات أفضت إلى إعلان معمل الزهراني عن خروجه من الخدمة وتوقفه عن العمل بعد نفاد مخزونه من الفيول، بعدما سبقه إلى ذلك معمل دير عمار، وكذلك معامل الإنتاج في زوق مكايل والجيّة وغيرهما، ما جعل البلاد تغرق في عتمة شاملة، برغم أنّ 3 بواخر من الفيول ترسو في عرض البحر تنتظر معالجة أزمة الموافقة على دفع المستحقات المالية لها قبل شروعها في تفريغ حمولتها، لكن هذا التفريغ ينتظر تفريغاً آخر لخلافات أهل السلطة في ما بينهم بعدما دأبوا مؤخراً على الإختلاف حول كلّ شيء، حتى على جنس الملائكة.

ونسي أهل السّلطة أو تناسوا أن هذه الخلافات لم تعد تعني المواطنين في شيء، وهم يريدون تأمين التيّار الكهربائي ومعالجة أزمته بعيداً عن كلّ التجاذبات التي لا تعطيهم نوراً ولا تضيء أيّامهم الحالكة ولا تنير أوضاعهم الغارقة في عتمة قاتمة.

فمعامل إنتاج الكهرباء التي تعمل على المياه قادرة على تزويد المواطنين بساعتين في اليوم كحدّ أدنى، وهي قادرة على رفع هذه المدّة في حال جرى تطوير هذه المنشآت، لكنّ أهل السّلطة لا يريدون ذلك، لأنّ هذه المعامل لا توفّر الفرصة لهم ولزبانيتهم في سرقة الفيول والتوفير على خزينة الدولة، التي لا يوفّرون أيّ فرصة لنهبها.

وأهل السّلطة المتحكمين برقاب البلاد والعباد لم يفكروا أو يسعوا لحلّ مشكلة الكهرباء عن طريق الطاقة الشّمسية. ففي مصر مثلاً انشأت الدولة هناك معملاً على الطاقة الشّمسية بقيمة 2 مليار دولار قادر على إنتاج 1500 ميغاوات، وهي كمية تكفي نصف حاجة لبنان، لكن بدلاً من ذلك جرى هنا صرف أكثر من 40 مليار دولار على قطاع أوصل البلاد إلى العتمة، وفتح الباب أمام المواطنين للجوء إلى الطّاقة الشّمسية بشكل فوضوي وغير مدروس، أدّى إلى إنفاق المواطنين ـ حسب دراسة ـ نحو مليار دولار، بالمفرق، لا يزوّدهم بأكثر من 150 ميغاوات.

Leave A Reply