لهذه الأسباب دلّ «السيد» على فرنجية ولم يُسمّه

عماد مرمل – الجمهورية

كيف يمكن أن يُقرأ «الكلام الرئاسي» للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله؟ وما هي الرسائل التي تضمنها في اتجاه الحلفاء والخصوم؟

صحيح انّ السيد نصرالله لم يفصح بالإسم عن هوية المرشح الذي يدعمه لتولّي رئاسة الجمهورية، لكن بدا واضحاً انّ المواصفات التي عرضها في خطابه الاخير هي كناية عن «طقم رئاسي» مفصّل على قياس سليمان فرنجيه تحديداً، في اعتبار انّ جبران باسيل غير مرشح حتى الآن، وهو أبلغ ذلك الى «السيد» الذي كان قد صارح ضيفه خلال لقائهما الاخير بأنّه يثق في اثنين، هو وفرنجيه.

لم يتلفظ «السيد» في خطابه بإسم فرنجيه، الّا انّه أعطى كل الاشارات التي تدلّ اليه، تماماً كالحزورة حول «شيء لونه أخضر من الخارج، واحمر مع بزر أسود في الداخل».

والحيثيات الاستراتيجية التي استند اليها السيد نصرالله في إطلالته الأخيرة لشرح موجبات خياره الرئاسي، انما تعكس بعضاً مما ناقشه مع باسيل، خصوصاً لجهة الارتباط بين رئيس الجمهورية والأمن القومي اللبناني، واستطراداً وجوب ان يكون ساكن قصر بعبدا للسنوات الست المقبلة شخصاً موثوقاً لا يطعن المقاومة في الظهر ولا يبيع ويشتري، وقادر على تحمّل الضغوط ومواجهتها.

أما عدم مجاهرة الأمين العام للحزب بإسم فرنجيه علناً، فيعود على الارجح إلى الأسباب الآتية:

– حتى لا يُحرج «التيار الوطني الحر» او يفرض امراً واقعاً عليه من طرف واحد، خصوصاً انّ «حزب الله» يحرص على استمرار التشاور والتنسيق معه، للتوصل إلى مقاربة مشتركة للاستحقاق الرئاسي، على رغم العقبات التي تعترض هذا المسعى. وهو بمقدار ما يدفع نحو إيجاد الظروف الملائمة لانتخاب فرنجيه، يتطلع في الوقت نفسه الى حماية تحالفه مع التيار ومراعاة موقعه وموقفه كمكون مسيحي أساسي، ومعني مباشرة باستحقاق اختيار الرئيس الماروني للجمهورية.

– السبب الثاني، لتفادي التسمية في هذا التوقيت يعود إلى كون «حزب الله» لا يريد تقديم فرنجيه بصفته مرشحاً رسمياً له، لأنّ الخصوم سيستخدمون مثل هذا الإعلان للتصويب على رئيس تيار «المرده» وإحراق إسمه، وبالتالي فإنّ الحزب يفضّل ان يكون فرنجيه مدعوماً منه وليس مرشحه.

– كذلك يحرص الحزب على تأمين الحدّ الأدنى من شروط النجاح لفرنجيه قبل المجاهرة بتأييده، وذلك تفادياً لتحويل خياره «حطباً» في «موقدة» الوقت الضائع او ورقة في مناورات جلسات الانتخاب الاستهلاكية.

– الاعتبار الإضافي الذي يدفع الحزب إلى تأجيل التسمية في هذه المرحلة، فيرتبط برغبته في إبقاء باب الحوار والتسوية مفتوحاً مع الآخرين، انما تحت سقف المعايير التي حدّدها السيد نصرالله.

وإذا كان البعض يعتبر انّ الحزب لا يستطيع وسط توازنات المجلس النيابي الحالية، إيصال المرشح الذي يفضّله إلى الرئاسة، كونه لا يملك مع حلفائه الأكثرية، الّا إنّ هناك من يلفت الى انّه عندما تمّ انتخاب العماد ميشال عون عام 2016 لم يكن لدى تحالف 8 آذار و«التيار الحر» الأكثرية النيابية، ومع ذلك، فإنّ التسويات السياسية التي حصلت آنذاك سمحت بوصوله الى بعبدا، وبالتالي لا شيء يمنع ان يتكرّر السيناريو نفسه مع فرنجيه، الذي توجد قابلية اكبر للتفاهم عليه، خصوصاً اذا استطاعت القوى المضادة للمعارضة لملمة صفوفها وتجاوز تبايناتها.

ويعتبر احد المواكبين للملف الرئاسي، «انّ هناك معادلة حاكمة او ناظمة ضمناً لهذا الملف فحواها الآتي: رئيس الجمهورية يجب أن يأتي من 8 آذار، يقابله رئيس حكومة من الطرف الآخر الذي كان يُعرف بـ 14 آذار». ويضيف: «تلك المعادلة لا تتحمّل وجود رئيس وسطي او من فريق 14 آذار، إلى جانب رئيس حكومة يتبع الى هذا الفريق أيضاً، لأن من شأن ذلك أن يحدث خللاً كبيراً في التوازن».

Leave A Reply