أفريقيا تواجه أسوأ عواقب تغير المناخ

يسلط الناشطون المناخيون، خلال مؤتمر “كوب 27” في مصر، الضوء على ضرورة الإسراع في تحقيق الأهداف المناخية، ومساعدة الدول النامية على تعويض الأضرار التي طاولتها جراء الكوارث الطبيعية.

وطلبت الناشطة المناخية من أوغندا ليا ناموجيروا، خلال المؤتمر يوم الإثنين، من قادة العالم المشاركين في القمة التحدث كما لو كانوا في حالة طوارئ، لأن هذا ما يحدث.

ووصفت كيف تغيرت حياتها عندما رأت أشخاصا بالقرب منها يموتون بسبب الانهيارات الأرضية التي سببتها الأمطار الغزيرة في أوغندا عندما كانت تبلغ من العمر 14 عاما فحسب.

وهذا ما دفعها إلى إطلاق منظمتها الخاصة غير الحكومية التي أسمتها “أشجار عيد الميلاد”، في سن الخامسة عشرة، وتدعو الناس للاحتفال بزرع الأشجار خلال العيد.

وسألت ناموجيروا قادة العالم: “هدفي هو زراعة مليون شجرة، أما أنتم فما هدفكم؟”.

ولأن قمة المناخ السابعة والعشرين قد أطلق عليها “قمة المناخ الأفريقية”، دعت ناموجيروا، الحاضرين إلى تسليط الضوء على حقيقة أن قارتها (أفريقيا)، تواجه أسوأ عواقب تغير المناخ رغم أنها تنتج أقل من 4 في المئة من انبعاثات العالم.

وأَملت في أن يكون مؤتمر الأطراف الأفريقي مؤتمرا مختلفا، “فليكن مؤتمر الأطراف الأفريقي بمثابة مؤتمر لاتخاذ الإجراءات”.

وشرحت “أخبار الأمم المتحدة” أن ناموجيروا تحدثت بصوت عال متحدية رؤساء الدول ورؤساء الحكومات أن يفكروا في ما إذا كانوا يريدون أن يتم تذكرهم على أنهم قادة “لم يفعلوا شيئا” عندما كانوا في السلطة.

أما في كينيا، فسبق لوزيرة السياحة الكينية بنينا مالونزا أن قالت قبل المؤتمر إن الجفاف في بلادها تسبب في نفوق 205 أفيال والعشرات من الحيوانات البرية الأخرى في الفترة من فبراير إلى أكتوبر، في وقت يعاني فيه جزء كبير من شرق أفريقيا من أسوأ موجة جفاف في 40 عاما، حسب ما نقلت وكالة “رويترز”.

ورغم أن هطولا متفرقا للأمطار بدأ أخيرا في المنطقة، فإن هيئة الأرصاد الجوية في كينيا تتوقع هطول أمطار أقل من المتوسط في معظم مناطق البلاد خلال الأشهر المقبلة، ما يثير المخاوف من أن التهديدات التي تتعرض لها الحياة البرية في كينيا لم تنته بعد.

وأوضحت مالونزا، وهي وزيرة السياحة والحياة البرية والتراث في حكومة بلادها، في مؤتمر صحافي “يتسبب الجفاف في نفوق الحياة البرية بسبب استنزاف الموارد الغذائية فضلا عن نقص المياه”.

وأشارت إلى أن 14 نوعا من الكائنات الحية تضررت من الجفاف.

وبالإضافة إلى موت الأفيال، فقد نفق 512 من حيوانات الظبي الأفريقي و381 حمارا وحشيا وغير ذلك نتيجة للجفاف في الفترة نفسها، بعضها في المتنزهات الوطنية التي تمثل نقطة جذب سياحي رئيسية للبلاد.

وأتت الأنباء عن تضرر الحياة البرية في كينيا، حيث تساهم السياحة بنحو عشرة في المئة من الناتج الاقتصادي ويعمل بها أكثر من مليوني شخص، قبل أيام من انطلاق كوب27 في شرم الشيخ.

وكان أحد الأحداث البارزة في اجتماع الإثنين في “كوب 27” هو عرض فيلم مدته 10 دقائق، أنتجته الدولة المضيفة، وعرض على شاشات عملاقة بزاوية 360 درجة داخل غرفة الاجتماع.

وتضمن الفيلم صوت قصيدة مؤثرة تشرح بالتفصيل ردود الفعل التي استخدمتها الحضارة المصرية القديمة للتكيف مع تغير المناخ.

وكانت خريطة الكرة الأرضية منقطة بالأعلام الحمراء لإظهار الأماكن التي عانت من الكوارث في عام 2022 وحده، وقد غطت تلك النقط العالم بأسره تقريبا.

من عُمان إلى فرنسا، ومن البرازيل إلى السودان، عُرضت صور قاسية للدمار إلى جانب شهادات من ضحايا تغير المناخ، بما في ذلك الأطفال.

وأظهر الفيديو أيضا أنه ببساطة يمكن أن تختفي المواقع الشهيرة مثل الإسكندرية وأوساكا وريو دي جانيرو، وجزر ملديف، وميامي، والبندقية، جراء تغيير المناخ.

واستنجد أحد سكان البندقية وهو يبكي: “من فضلكم افعلوا كل ما في وسعكم لإنقاذ مدينتنا”.

ومع ذلك، اختتم الفيديو بنبرة تبعث على الأمل، تؤكد أن الكوكب يمنحنا باستمرار فرصا للحكومات بهدف إجراء تغييرات، والانتقال إلى الطاقة المتجددة والاستهلاك بصورة أكثر أخلاقية.

وقالت السيدة التي كانت تقرأ نص الفيلم: “المناخ يغيرنا جميعا”، ودعت قادة العالم للتخفيف من تحدياتنا الحالية، تماما كما تعلم المصريون القدماء، ما منح حضارتهم 500 سنة أخرى من البقاء.

هل التمويل هو الحل للأزمة الأفريقية؟

اعتبرت المتخصصة بالشأن البيئي ماي جردي في حديث سابق مع موقع “الحرة” أنه “صحيح أن الدول النامية لم تؤثر بالانبعاثات كثيرا لكنها تأثرت من تداعيات أزمة المناخ بشدة”.

وتابعت أن “المشكلة هي أن دول العالم الثالث يسود فيها الإهدار والفساد، وتستهلك مواردها من دون وضع استراتيجية للوصول إلى نتيجة”، مشددة على أنّ “التمويل إذا لم يقترن بإصلاحات فهو لا ينفع”.

وفي هذا الإطار، أكدت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في حديث لشبكة “سي أن بي سي” أن المساعدات من حكومات البلدان المتقدمة وحدها لن تكون كافية لسد فجوة التمويل لمبادرات تغير المناخ في البلدان النامية.

ولتعويض الفارق بين المطلوب وما يمكن تقديمه، أشارت جورجيفا إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات الخاصة لمساعدة البلدان النامية على تحقيق أهدافها المتعلقة بتغير المناخ.

وتابعت أنه “من المهم خلال الأشهر الآتية، العمل على خلق فرص للاستثمارات الخاصة في العالم النامي”.

وفي سبيل مساعدة الدول النامية على التكيف مع حال الطوارئ المناخية، دعت الأمم المتحدة قبل انعقاد القمة في شرم الشيخ، إلى “زيادة التمويل، وتنفيذ الإجراءات”.

وتوقع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن “ترتفع حاجات التكيف في العالم النامي إلى ما يصل إلى 340 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030. ومع ذلك، فإن دعم التكيف اليوم يبلغ أقل من عُشر هذا المبلغ”، منددا بأن “الأشخاص والمجتمعات الأكثر ضعفا هم من يدفعون الثمن”، واعتبر أن “هذا غير مقبول”.

Follow Us: 

Leave A Reply