الازمة الاقتصادية تخطف مشهدًا سياحيًا من مدينة صور

نبيل مملوك

ــــــــــــــــــ

“الانفجار الصامت” هو العنوان الأوليّ لازمة تنفجر على مهلها في جسم لبنان الاقتصادي مرة على شكل ارتفاع مخيف بالأسعار ومرة على شكل تلاعب بسعر صرف الدولار.

ومرة على شكل اقفال مرعب للمحلات التجارية وتحديدًا الجاذبة للسياح ، مما سيؤدي بطبيعة الحال الى ارتفاع نسبة البطالة التي وبحسب الدولية للمعلومات (أيار 2020) لا تتوفر أرقام رسمية حول أعداد العاطلين عن العمل ونسبة البطالة في لبنان وذلك بالرغم من أهمية هذا الأمر.

لكنّ الواقع هو خلاف ذلك فتشير استطلاعاتها الى أن عدد العاطلين عن العمل قبل 17 تشرين الأول 2019 كان نحو 350 ألفاً أي بنسبة 25% وقد زادت النسبة بسبب جائحة كورونا لتصل الى 430 ألفاً أي بنسبة 32% بعد صرف نحو 80 ألف عامل من عمهلم…

هذا في الصورة العامة لبلد يعاني من كباش سياسي انعكست تبعاته على المشهد الاقتصادي منذ 45 عامًا أما في مدينة صور قبلة بلاد الارز والجنوب السياحية، الأمينة المؤتمنة على البحر والحضارة ، الارض العامرة بالمرافق السياحية والاثرية ،فباتت كأرملة ترثي تدريجيًا عزها وتاريخها مع انهيار لبنان تدريجيًا ومشهدية الاقفال التجاري تطالها لتنال حصة الاسد منها واخرها اقفال مطعمي “Cavalo ” و “Sicilia” احد اهم الطاقات الخدماتية والسياحية التي اتكأت عليها المدينة وكورنيشها البحري “شارع المشاة” في السنوات الاخيرة .

فالى اي حد من الصعوبات وصلت هذه المؤسسات لتُقدم نحو هكذا خطوة مفاجئة ومحزنة ؟ وما هو العنصر المولد لهذا المشهد السوداوي النقدي والتجاري ؟ ومن اين تبدأ رحلة الانطلاق من النفق الاسود نحو الاستقرار الاستثماري؟

يشير الحاج مصطفى سلامة احد مالكي “Cavalo” و ” سيسيليا” وسلسلة مطاعم ” الجواد” الى ان تراجع القدرة الشرائية هو السبب الاساس الذي ادى الى اقفال المطعمين اضافة الى التلاعب بقيمة الأجار واستغلال بعض المالكين لتفاوت سعر صرف الدولار دون مراعاة المستأجر وايجاد روح تعاون بين بعض المالكين والمستأجرين مما أدى بحسب سلامة الى هذا التراجع. وعن المحلات الصامدة المقابلة لجادة الرئيس نبيه بري يرى سلامة ان هناك نوعان من المطاعم: الأول وهو القادر على الاقفال ويتجه تباعًا الى الاقفال اما الفئة الثانية فهي المطاعم غير القادرة على اتخاذ قرار الاقفال كونها مصدر الرزق الاساس والوحيد لمالكيها رغم ما تتكبده من مديونية وتباعات اقتصادية كارثية ويختم سلامة مؤكدًا ان جائحة كورونا لعبت دورًا في تراجع حركة العمل خاصة ان حركة العمل داخل الصالات تراجعت من نسبة 40 الى 50%.

أما على الصعيد الاقتصادي والنقدي العام تؤكد الخبيرة الاقتصادية والباحثة في القانون المالي الدولي محاسن مرسل ل “صوت الفرح” أن اقفال المحال التجارية او ما يعرف ببيوعات التجزئة يعود الى انفجار الازمة الاقتصادية بعد 17 تشرين و بالتالي تراجع القدرة الشرائية لدى المواطن مع تغير سعر صرف الدولار اضافة الى جائحة كورونا مما أدى الى تراجع بيوعات التجزئة من 30 الى 50% اضافة الى تراجع الكماليات بنسبة 80 الى 90%.

وكذلك بحسب مرسل فإن انفجار مرفأ بيروت ادة الى اقفال 50% من المؤسسات بشكل نهائي، فضلاً عن ان الكباش السياسي هو سيد الموقف خصوصًا مع فشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وعدم تطابق الارقام بين المصارف والحكومة عدا عن تعليق سداد الديون وعجز الحكومة عن القيام باصلاحات تؤدي الى دعم دولي سواء عبر مؤتمر سيدر او عبر برنامج صندوق النقد الدولي.

تؤكد مرسل أن النفق مظلم ، ولن نتجاوزه الا من خلال القيام باصلاحات لنمضي قدمًا نحو برنامج صندوق النقد الدولي ومؤتمر سيدر الذي سيؤدي الى خلق استثمارات اضافة الى القيام بتدقيق جنائي لمعرفة كيف تبخرت اموال الناس، اضافة الى محاربة الفساد الذي نخر مفاصل الدولة ومؤسساتها وأدى الى مديونية تساوي 92 ميليار دولار كرقم اولي وحكمًا تزايدت المديونية بعد انفجار مرفأ بيروت وسلسلة من الامور التي ضغطت على الاقتصاد اللبناني واوصلتنا الى هذه الازمة وتبعاتها.

لا شك أن مسلسل الانهيار الاقتصادي لم تكتب نهايته بعد في بلد بات المواطن فيه يشكر القدر على قدرته على شراء ربطة خبز قد تصبح هي والدواء والوقود وغيرها من الاساسيات صعبة المنال مع انخفاض الدعم المتوقع عنها.

فهل سنمكث اكثر في هذا النفق الاسود وتشهد مدينة صور وسواها حلقات اخرى من مسلسل السوداوية النقدي؟ ام سنستيقظ على وقع اقبال نسمات الأمل والاصلاح الجذري؟

الاجوبة تحملها ما تبقى لنا من ايام تصون حقنا بأن نحلم …

 

Comments are closed.