من يتحمّل المسؤولية في الخلاف القائم بين المصارف والمودعين؟

 

المحامي أسامة العرب – اللواء

لم يكن المناضل والمظلوم عبد سوبرة هو الأول الذي يقتحم المصرف لإستعادة وديعته. وبطبيعة الحال ليس هو الأول ولن يكون هو الأخير، لأن الظلم لم يعد باستطاعة أي أحد من المواطنين اللبنانيين أن يتحمّله لأن الجوع والفقر اجتاحا كل بيوتات اللبنانيين ليس فقط بسبب انقطاع المياه والكهرباء عن كافة المناطق اللبنانية وبيروت وأبناء طريق الجديدة بشكل خاص، بل ان هناك بعض الجهات ممن يكرهون بيروت وأهاليها الوطنيين يشعرون أنه بات الآن الوضع ممتازاً للانتقام منهم ومن عروبيتهم ونضالهم منذ استقلال لبنان حتى الآن. فمنذ اقتحام المودع المظلوم بسام الشيخ حسين في آب الماضي بسلاح حربي بلاستيكي وحيازته على البعض من ماله لدوافع إنسانية بسبب مرض والده، توقّعت أن تكثر اقتحامات البنوك في كل الأراضي اللبنانية وهذا ما حدث. هناك جهتان اثنتان تتحمّلان مسؤولية المواجهة الأمنية بين المصارف والمودعين. الجهة الأولى وهي قطاع المصارف الذي اغتنى طيلة العقود الماضية على حساب المواطنين من الطبقة الفقيرة والمتوسطة وهناك الدولة عبر الهندسات المالية التي جنت منها عشرات مليارات الدولارات وكانت إحدى أركان المؤامرة الاقتصادية عام 2019 بإقفال المصارف على المودعين مما تسبّب في حالة من الهلع والفوضى ومن ثم بتهريب وتحويل مئات ملايين الدولارات الى خارج الوطن قبل وبعد أزمة تشرين 2019 وبطريقة مدروسة وبتعميم لا يزال مجهولاً إلى الآن، فضلاً عن تهريب أموال المصارف الخاصة إلى فروعها في الخارج.

أما الجهة الثانية وهي الدولة المتمثلة ببعض أعضاء مجلس الوزراء وبعض النواب الذين ماطلوا بسبب خلافاتهم السياسية على توزيع الخسائر المالية في تطبيق خطة التعافي المالي والنهوض الاقتصادي الذي يتضمّن الكثير من البنود الإصلاحية، لا سيما إصلاح القطاع المصرفي ومصرف لبنان والكابيتال كونترول وإستعادة الودائع تدريجياً. حاولت هاتان الجهتان أن ترمي عجزهما على القضاء تحت شعار ان الموضوع يعالج عن طريق القضاء، ودائماً بعض أعضاء من في السلطة يتهرّبون عن طريق تبيان عجزهم وسرقاتهم برمي المعالجة على القضاء وهذا ما نرفضه رفضاً باتاً لأن القضاء وبكل صراحة حتى الآن غير مستقلّ كما نريده، أو كما يريده كل الباحثين القانونيين. فلو كان هناك استقلالية للقضاء لكان القضاء مباشرة وضع يده على هذا الأمر وعلى غيره وكنا ما وصلنا إلى هنا وإلى هذه الفوضى التي تكاد تقضي على البشر والحجر. كفى مزايدة ورمي الموضوع على السلطة القضائية فالامور واضحة وضوح الشمس. هناك البعض من الذين تآمروا على الوضع ونهبوا المال العام واخرجوه الى الخارج وهم الآن يتكلمون عن القضاء أنه مقصّر وانه لم يفعل كذا وكذا وهذا كله هرطقة. أمّنوا لنا استقلالية القضاء وأمّنوا لنا حقوق المحامي في الدعاوى الجزائية وسترون كيف تُبنى الدولة. ولا بد هنا أن نسجل احترامنا الكبير لكل القوى الأمنية في لبنان التي تقوم بواجبها وعلى رأسها الجيش وقوى الأمن الداخلي ومتفرعات قوى الأمن الداخلي والأمن العام، لأنه لولا هذه القوى الأمنية التى تتحمّل ما لم تتحمّله أي قوى أمنية في العالم لانهارت. ولكن صلابة جيشنا وصلابة قوانا الأمنية هي التي تطمئننا، ونتمنى بأن تتشكل حكومة جديدة وينتخب رئيساً لجمهورية للبلاد، لننتهي من هذا الأمر المزري بسرعة، وإن لم نتمكن من ذلك عندها لا نعرف الى أين نحن ذاهبون.

Leave A Reply