إجتماع اليوم بين اللجنة الوزاريّة ومُمثلي الموظفين… هل تُحلّ أزمة القطاع العام؟

تعقد اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المولجة معالجة قضية إضراب القطاع العام اجتماعا لها اليوم مع ممثلي موظفي القطاع العام في السراي الحكومي، وعلى جدول أعمالها بحث خطة الحكومة لحل مشكلة الإضراب المفتوح في القطاع العام. وبحسب المعلومات المتوافرة، تنص الخطة على إعطاء الموظف مساعدة مالية توازي راتب شهري، على أن لا تقلّ عن مليوني ليرة لبنانية ولا تزيد على ستة ملايين ليرة لبنانية، بالإضافة إلى بدل نقل بقيمة خمسة وتسعين ألف ليرة لبنانية عن كل يوم حضور.

وبحسب الخطة هناك طرح جديد يُعرف بـ «حوافز الحضور»، والتي حددتها الخطة بـ واحد على عشرين (1/20) عن كل يوم حضور، لتُصبح الحوافز كاملة عن عشرين يوم عمل في الشهر. وبالتحديد، فإن الموظّف الذي يتقاضى أجرا شهريا يوازي مثلًا مليون ليرة (أساس الراتب)، سيتقاضى بحسب الخطة 1/20 عن كل يوم عمل مع حدّ أدّنى يوازي 100 ألف ليرة ، وحد أقصى يوازي 300 ألف ليرة لبنانية.

وبالتالي، فإن الموظّف في القطاع العام من الفئة الرابعة والخامسة بمعاش شهري يبلغ مليوني ليرة لبنانية، سيحصل على حوافز بقيمة أربعة ملايين ليرة لبنانية، بالإضافة إلى راتب إضافي (على شكل مساعدة) يوازي مليوني ليرة لبنانية مع بدل النقل الذي يوازي 95 ألف ليرة على عشرين يوما أي ما مجموعه 9 مليون وتسع مئة ألف ليرة لبنانية شهريًا.

الجدير ذكره، أن موظفي القطاع العام، يطالبون الدولة باحتساب رواتبهم على أساس سعر صرف منصة صيرفة، وهو ما يجعل المعاش الشهري للموظف فئة أولى بقيمة عشرين مليون ليرة لبنانية على أساس آلية الحكومة، وثلاثين مليون ليرة لبنانية على أساس منصة صيرفة، أي بفارق عشرة ملايين ليرة لبنانية لا يمكن للحكومة تأمينها، نظرًا إلى أن كل هذه الزيادات هي زيادات لا تمويل حقيقي لها، وبالتالي ستطلب الحكومة من المصرف المركزي تمويلها من طبع العملة.

في الواقع، تمويل هذه الخطة هو نقطة ضعفها! فزيادة الدولار الجمركي ما دونه عقبات من ناحية إلزامية رفع الضريبة على القيمة المضافة، مع صعوبة وضع سعري صرف مختلفين في نصوص قانونية أو من ناحية الغلاء الفاحش الذي سينتج من مثل هذه الزيادة (16% إضافية على سعر السلعة مسعّر على سعر منصة صيرفة أي ما يوازي سبعة عشر ضعفًا!!!). الاحتمالات الأكثر ترجيحا هي أن يقوم مصرف لبنان بتمويل هذه الزيادة من خلال طبع العملة، وهو ما سينعكس حكما ارتفاعا في سعر الدولار، مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء وعلى منصة صيرفة. وبالتالي، فإن هذه الزيادة – المقبولة نظريًا – ستختفي مفاعيلها في غضون عدّة أشهر لتُعاود الأزمة بلوغ مستويات حادّة مع ارتفاع جنوني لأسعار السلع والمواد الغذائية.

الصعوبة الكبرى، هي أنه حتى ولو قامت الحكومة بتمويل هذه الزيادة من خزينتها، هناك طبع إلزامي لهذه الأموال بحكم أن التجار لا يقبلون الدفع إلا نقدا، وهو ما يحتمّ على المصرف المركزي طباعة هذه الزيادة التي ستزيد الكتلة النقدية بخمسة أضعاف!!!

من هذا المنطلق، نرى أن هذه الزيادة حتى ولو حصلت، هي ضربة إضافية من السلطة السياسية للّيرة اللبنانية ، ودليل عجز واضح عن القيام بسياسات حكيمة.

جلسة نيابية

على صعيدٍ موازٍ، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة عامة في تمام الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم غد الثلاثاء وعلى جدول أعملها انتخاب سبعة نواب لعضوية المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والنواب والوزراء، ودرس وإقرار مشاريع واقتراحات قوانين مدرجة على جدول الأعمال نذكر منها:

طلب الموافقة على اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار أميركي لتنفيذ مشروع الإستجابة الطارئة لتامين إمدادات القمح.

إعادة القانون المتعلق بتعديل قانون سرية المصارف.

تعديل بعض مواد القانون الصادر بتاريخ 3/9/1956 المتعلق بالسرية المصرفية، و المادة 105 من القانون رقم 328/2001 (أصول المحاكمات الجزائية) والمادة 150 من القانون المنفّذ بالمرسوم رقم 13513/1963 (قانون النقد والتسليف) والمادة 15 من القانون رقم 28/1967 (تعديل وإكمال التشريع المتعلق بالمصارف وإنشاء مؤسسة مختلطة لضمان الودائع) وبعض مواد القانون رقم 44/2008 (قانون الإجراءات الضريبية).

اقتراح القانون الرامي إلى تجميد العمل بالمادة الثانية من القانون رقم 515 (قانون تنظيم الموازنة المدرسية ووضع أصول تحديد الأقساط المدرسية في المدارس الخاصة غير المجانية) ورفع سقوف الإنفاق في المدارس الرسمية.

إقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى إنشاء صندوق مالي خاص بأفراد الأجهزة العسكرية والأمنية.

إقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى تمديد المهل القانونية والقضائية والعقدية والضريبية.

إقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى دعم العائلات الفقيرة المنتشرة على كافة الأراضي اللبنانية بمبلغ إجمالي قدره 300 دولار أميركي نقدًا.

إقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى تعديل المادة 17 من القانون رقم 163/2011 لتضمينه خريطة وإحداثيات ترسم حدود المياه الإقليمية الجنوبية والمنطقة الاقتصادية الخالصة جنوبا» وفقا للخط الذي رسمته مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني والمعروف بالخط 29.

إقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى تعديل المادة 6 من القانون رقم 163/2011 (تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للجمهورية).

إقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى تعديل المادة الوحيدة من القانون رقم 42/86 تاريخ الذي يمنع بيع الموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان إلا بنص تشريعي يصدر عن مجلس النواب.

إقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى إعطاء تعويض لذوي الضحايا والمتضررين جسديًا بسبب العنف المفرط الأمني الحاصل خلال الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ 17تشرين الأول 2019.

في الواقع، قراءة جدول الأعمال تٌشير إلى تخبّط كبير وعدم تعاون واضح بين النواب، حيث نرى أن هناك اقتراحات قوانين على المواضيع نفسها، مثل اقتراح يتناول إهراءات بيروت، أو اقتراح تعديل قانون الموظفين، أو اقتراح قانون حول المنطقة الاقتصادية الخالصة… أيضا ومن خلال قراءة هذا الجدول، نلحظ غياب لاقتراح قانون «الكابيتال كونترول» وقانون موازنة 2022 وقانون إعادة هيكلة المصارف…

وفي ما يخص قانون السرّية المصرفية، نرى أنه تمّ وضع عنوان في البند السادس: «إعادة القانون المتعلق بتعديل سرية المصارف»، حيث من المفروض أن تقوم الهيئة العامة بمناقشة التعديلات التي قامت بوضعها لجنة المال والموازنة. في الواقع، هناك شكوك كبيرة حول إمكان إقرار تعديلات على قانون السرية المصرفية نظرا إلى ما تحمله مثل هذه التعديلات من تداعيات على السياسيين بالدرجة الأولى وعلى بيئة رجال الأعمال بالدرجة الثانية. فالتهرب الضريبي الذي يُعتبر من الأموال غير المشروعة يسمح لهيئة التحقيق الخاصة عملًا بالقانون 44/2015 بتجميد أموال المعنيين، وبالتالي ونظرًا إلى حجم التهرب الضريبي في لبنان، من الصعب تخيّل إقرار تعديل هذا القانون وحتى إذا أقرّ، لن يكون هناك تطبيق له.

على هذا الصعيد، يقول أحد المراجع الإقتصادية، ان «ضرب القطاع المصرفي الذي يقوده نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، قد يكون من أحد أسبابه الرئيسية طمس البيانات التاريخية للتهرّب الضريبي»! وهذا إن صح يفرض على الرأي العام الانتفاض بهدف حفظ حقه والمال العام.

أيضا، هناك اقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى تمديد المهل القانونية والقضائية والعقدية والضريبية والمقدم من النائب غازي زعيتر، وهو اقتراح من المتوقّع عدم قبوله نظرا إلى الخسائر المالية الباهظة على الخزينة العامة نتيجة تمديد هذه المهل. ومن الاقتراحات التي من المتوقّع أن تواجه إعتراضات البند 26 اقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى منح الأجراء العاملين في القطاع الصحي مساعدة اجتماعية، والمقدم من النائب بلال عبد الله، حيث ان الاعتراضات ستشمل بالدرجة الأولى الكلفة المالية.

مرحلة صعبة معيشياً

لبنان الذي يعيش على وتيرة ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي، ينتظر عودة هوكشتاين إلى لبنان مطلع الشهر المقبل، حيث تتحدّث المعلومات عن إمكان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان العبري. في هذا الوقت، تزداد التعقيدات الاجتماعية للمواطن اللبناني الذي يعيش في ظل غلاء فاحش جعلت من بيروت تحتل المراتب الأولى من ناحية الغلاء، في بلد منهار اقتصاديًا وماليًا ونقديًا، وهو ما يعني أن هناك عصابات مافيوية تتحكم برقاب اللبنانيين ومحمية من أصحاب النفوذ. وإذا كان مجيء المغتربين اللبنانيين قد سهّل من معاناة اللبنانيين عبر تنشطيه القطاع السياحي والقطاع العقاري، إلا ان مرحلة ما بعد انتهاء موسم الصيف ستكون أصعب على اللبنانيين الذي سيعانون الأمرّين خصوصًا مع غياب أفق لتشكيل حكومة وترجيح حصول فراغ رئاسي.

الديار

Leave A Reply