لبنان مقبل على مرحلة أصعب.. والأوضاع إلى مزيد من التردّي!

 

كتبت جريدة الانباء الالكترونية

لم تنته عاصفة الاستشارات النيابية لتسمية رئيس للحكومة رغم تكليف نجيب ميقاتي تشكيل مجلس الوزراء المقبل، فالانتقادات حول مواقف بعض النواب التغييريين والمستقلين والسياديين استمرت مع فشل هذا الفريق بالاتفاق على اسم واحد لتكليفه، وتراجع البعض تحت ضغوط الشعبوية عن تسمية السفير نواف سلام، رغم وجود إجماع حوله، ولو اتفق هؤلاء على الأخير، لكان هو الرئيس المكلف، بدل ميقاتي.

ويثير فشل هذا الفريق على الاتفاق مخاوف المواطنين المنادين بالسيادة والاصلاح في البلد، الذين صوّتوا في الانتخابات على أساس إيصال تكتل سيادي وازن إلى مجلس النواب يتفوق على تكتل فريق 8 آذار، خصوصاً وأن الانجرار وراء الشعبوية لن يأتي بأي نتيجة، سوى إمساك فريق السلطة الحالي بمفاصل الدولة والاستحقاقات المقبلة.

وفي سياق متصل، من المرتقب أن يُجري ميقاتي استشارات نيابية غير ملزمة لاستمزاج آراء الكتل النيابية، ومن ثم بدء مشوار التشكيل الصعب، وتقديم تشكيلة حكومية لرئيس الجمهورية ميشال عون، لكن التجارب في هذا السياق غير مشجعة، ومن غير المنتظر أن تكون العملية سريعة، خصوصاً وأن كتلاً نيابيةً وأطرافاً سياسية بدّلت وجهات نظرها من عملية تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، كالتيار الوطني الحر، الذي عبّر عن رفضه صراحة على لسان رئيسه جبران باسيل لحكومات التكنوقراط، وسُمعت داخل أوساطه أحاديث عن حصص وحقائق معينة يريدها التيار لصالحه.

ومع تسمية ميقاتي، وفي ظل الصعوبات التي تعتري عملية التشكيل وضيق الوقت، برزت فكرة تعويم الحكومة الحالية نفسها عبر تقديم تشكيلة تضم أسماء الوزراء الحاليين، لكن مصادر المكتب الإعلامي لميقاتي نفت أن يكون ثمّة طرح لإعادة تعويم الحكومة الحالية، خصوصاً وأن هذه الخطوة غير دستورية، كما نفت وجود نيّة لتقديم تشكيلة تضم أسماء الوزراء في حكومة تصريف الأعمال الحالية.

وفي حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفتت المصادر إلى أن “شكل الحكومة يتحدّد بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة، وصحيح أنها غير ملزمة، لكن ميقاتي يتطلّع للاطلاع إلى أراء الكتل والنواب والسماع لمطالبهم للبناء على الشيء مقتضاه”، لكنّها ذكّرت بأن الرئيس المكلّف كان واضحاً عندما أشار إلى ان المرحلة تقتضي حكومة عمل، تعمل على معالجة الملفات الطارئة، لا سيما الاقتصادية منها.

انسداد الأفق السياسي سينعكس حتماً تردياً في الأحوال الاقتصادية والمعيشية، في ظل غياب الحلول والخطط الإصلاحية والانقاذية، وبدأ ذلك يتجلى بارتفاع سعر صرف الدولار وتفاقم الأزمات، لا سيما انقطاع مياه الشفة عن بيروت، التي تحتاج الى الطاقة الكهربائية لتعود.

المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، زياد عبد الصمد أشار إلى أن ما من مستجد حصل على صعيد الانفراج السياسي أو التدخل النقدي من قبل مصرف لبنان لينخفض سعر صرف الدولار، بل على العكس، الأمور تتأزّم واللبنانيون لم يلحظوا أي جديد على صعيد الاستشارات، واحتياطي مصرف لبنان يتضاءل مع الوقت، وهو لن يكون قادراً في المدى القريب على الاستمرار بالتدخل.

وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، رأى عبد الصمد أن المرحلة المقبلة ستكون أصعب مع تراجع تدخل مصرف لبنان حتى على صعيد الدعم الجزئي الذي يقدمه لاستيراد بعض المواد على سعر منصة صيرفة، وهذا الدعم مهدّد بالتوقف، ما سيؤدي إلى تحرير السوق والاستيراد على سعر الأسواق السوداء، وعندها، سترتفع أسعار المنتجات الأساسية، كالخبز والمحروقات، أكثر.

ولفت إلى أن حكومة تصريف الأعمال قادرة، في حال توفّر القرار السياسي، على الشروع ببعض الخطوات التي قد تلجم الانهيار بشكل جزئي، لكن السياسات والاستراتيجية الاقتصادية والمالية تغيب، ولا حلول مستدامة دونها.

فأي مصير ينتظر اللبنانيين في الأشهر المقبلة قبل نضوج تسوية ما تعيد المؤسسات الدستورية الى انتظامها وعملها؟

Leave A Reply