أموال القمح تحوّل بعد إقرار المركزي اليوم صرف 12.5 ملايين دولار: لا تمويل من البنك الدولي قبل شهرين

موريس متى – النهار

عاد سعر صرف الدولار ليرتفع في السوق السوداء متخطياً حاجز الـ28 ألف ليرة بعد تراجعه مطلع الأسبوع الى ما يقارب 27 ألف ليرة للدولار في ظل استمرار تأمين المصرف المركزي الدولارات، من دون سقف محدّد عبر منصّة صيرفة وتلبية المصارف لكل الطلبات بعد أن وصل حجم التداول على المنصّة الى مستويات قياسية، فيما تتجه الانظار الى قدرة مصرف لبنان على الاستمرار في تأمين هذه الدولارات لحاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسّسات وتجار.

تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء انعكس تراجعاً على أسعار المحروقات وربطة الخبز، حيث تراجع سعر صفيحة المازوت مجدداً ووصل سعر الصفيحة أمس الى 574 ألف ليرة متراجعاً بـ66 ألف ليرة، فيما تراجع سعر صفيحة الغاز 40 ألف ليرة الى 358 ألف ليرة، فأسعار الغاز والمازوت رهن سعر دولار السوق السوداء الذي تراجع. فقد شهدت الأسواق ارتفاعاً بما يقارب 9 دولارات للكيلوليتر المستورد، وتراجعاً في سعر صرف الدولار في السوق الحرّة المعتمد لتحديد السعر بالليرة من 30000 الى 27487 ليرة لصفيحة المازوت. أما سعر صفيحة البنزين الذي زاد 4000 ليرة فهذا نتيجة ارتفاع سعر الكيلوليتر المستورد حوالي 11 دولاراً وتراجع سعر صرف الدولار وفقاً لـ”منصّة صيرفة” التي تعتمد لاستيراد البنزين من 24600 الى 24500.

تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء انعكس تراجعاً على سعر ربطة الخبز استنادا الى التسعيرة التي أصدرتها وزارة الاقتصاد والتجارة. ولكن، رغم إيجابية تراجع الأسعار، خرج أصحاب الأفران والمخابز للتحذير مجدّداً من أزمة “نقص” القمح المدعوم. فالقمح موجود في بعض المطاحن لكنها لا تستطيع طحنه لعدم تسديد الدولة ثمنه فيما تتجه الانظار الى تأمين الأموال اللازمة من مصرف لبنان لتغطية ثمن القمح المدعوم بعد قرار وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام رفع الدعم عن الطحين إلّا المخصّص للخبز العربي. فبسبب ارتفاع سعر القمح في الأسواق العالمية وعدم قدرة المصرف المركزي على الاستمرار بدعم كامل حاجة لبنان من مادة القمح، سبق لوزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام أن أصدر القرار رقم 24/ ح ش تاريخ 19 أيار 2022 الذي قضى بحصر إنتاج الطحين من مادة القمح المدعوم فئة 85 الخاصة بإنتاج الخبز العربي، وبناءً عليه، يمكن للمطاحن إنتاج فئات الطحين الأخرى باستخدام القمح غير المدعوم، الى جانب أن الاستيراد متاح لجميع التجار وأصحاب الأفران والمخابز. بالفعل، تنتظر المطاحن تحويل الأموال من مصرف لبنان لتغطية ثمن القمح المدعوم قبل طحنه وتوزيعه على الأفران والمخابز، وفي هذا السياق علمت “النهار” أن المجلس المركزي في مصرف لبنان، الذي يعقد اجتماعه ظهر اليوم سيوافق على تسديد ما يقارب 12.5 مليون دولار من أموال حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي لتغطية فواتير القمح المدعوم المخصص لإنتاج الخبز العربي استناداً الى موافقة مجلس الوزراء في 20 أيار على طلب وزارة الاقتصاد والتجارة من مصرف لبنان سداد حوالي 43.2 ملايين دولار لتأمين دعم الخبز لمدة شهرين. فالحكومة مستمرة بدعم الخبز العربي من خلال دعمها للقمح الذي تستورده المطاحن بواسطة مصرف لبنان. وتشير الارقام المحدثة لوزارة الاقتصاد إلى أن حاجة البلاد الشهرية من الطحين المعدّ لإنتاج الخبز اللبناني هي 28 ألف طن فتكون الحاجة للقمح شهرياً بحدود 36 ألف طن. وفي الاشهر الماضية، وانطلاقاً من إصرار مصرف لبنان على الحصول على موافقة الحكومة لصرف الأموال إن من الاحتياطي بالعملات الاجنبية الباقي لديه الذي لا يتخطى 11 مليار دولار أو من أموال حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان، فتم تحديد آلية للدعم تستند الى موافقة الحكومة على تأدية المبالغ المطلوبة ثمن القمح المستورد، التي يتولى مصرف لبنان تأديتها للجهات البائعة بالعملات الاجنبية.

أسعار القمح العالمية تشهد حالياً ارتفاعاً ملحوظاً بعد إعلان الهند وهي من الدول الأساسية المصدرة للقمح، التوقف عن تصديره، وبنتيجة هذا الإعلان من المتوقع أن يلامس سعر القمح 600 دولار للطن الواحد، وبالتالي المبلغ المطلوب للاستمرار بدعم القمح لصناعة الخبز اللبناني يقارب 21.6 مليون دولار لتغطية ثمن 36 ألف طن من القمح. أمّا المفاوضات التي أجرتها وزارة الاقتصاد مع البنك الدولي، فكانت قد أفضت الى موافقة المؤسّسة الدولية على إقراض لبنان مبلغ 150 مليون دولار لشراء القمح، وسيوضع المبلغ موضع التنفيذ بعد إقراره من الجهات المختصة وفقاً للأصول، على أن يقرّ هذا القرض مجلس النواب الجديد. وبالتالي لا يمكن توقع وصول هذه الأموال قبل أقل من شهرين في الحدّ الأدنى. وأمام هذا الواقع، طلبت وزارة الاقتصاد والتجارة موافقة الحكومة على صرف مبلغ 43.2 مليون دولار من الأموال الموجودة في مصرف لبنان وتحديداً من حقوق السحب الخاصة لتغطية شهرين من القمح المدعوم لصناعة الخبز ولكن ما كان من الحكومة إلا أن وافقت في نهاية المطاف على صرف 12.5 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة لزوم دعم الخبز لمدة شهرين ريثما تتمكن وزارة الاقتصاد والتجارة من اقتراض 150 مليون دولار من البنك الدولي بعد موافقة المجلس النيابي الجديد. ومن هنا، واستناداً الى القرار المرتقب من المجلس المركزي لدى مصرف لبنان، فالأموال تُحوَّل تباعاً للمطاحن ما يحلّ المشكلة في الأيام المقبلة، فيما تؤكّد مصادر المركزي أن استمرار الصرف من أموال حقوق السحب الخاصة بالوتيرة الحالية يسرّع من نفادها وبالتالي من المتوقع أن تنتهي هذه الأموال في الحدّ الأقصى في الربع الأخير من العام الحالي، ولكن مع دخول الحكومة مرحلة تصريف الأعمال وعدم قدرتها دستورياً على إصدار الموافقات التي يطلبها مصرف لبنان لصرف الأموال من الاحتياطي الأجنبي وحقوق السحب الخاصة لتغطية النفقات المطلوبة يبقى الخيار الوحيد هو إصدار المراسيم الموقعة من الوزراء المعنيين بالاضافة الى توقيع رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال.

Leave A Reply