صواريخ المقاومة الفلسطينية تفرض على الاحتلال معادلة الرعب والردع

عبد الباري عطوان – العالم

صواريخ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المصوبة باتجاه عمق الاستيطان الإسرائيلي، وتدفق أهل الرباط في القدس وأكناف بيت المقدس، في ظل إرادة صلبة للتصدي للاحتلال وحماية مقدساتهم وقبلتهم الأولى، كلها عوامل جسدت ملحمة المواجهة التي تجسدت فصولها يوم الجمعة في باحات المسجد الأقصى.

الاحتلال خسر هذه المعركة، مثلما خسر جميع معاركه الأخيرة، ولولا تدخل الوسطاء، وتنازلات الحكومة الإسرائيلية المهينة، واستجداءاتها للتهدئة، لجاءت النتائج مختلفة تماما، لسبب بسيط لأن منسوب التسابق نحو الشهادة، والتضحية، كان وسيظل في أعلى مستوياته في هذا الشهر المبارك.

كان مؤلمًا أنه في الوقت الذي يتصدى فيه أهل الرباط للمستوطنين اليهود الذين يريدون ممارسة طقوس ذبح القرابين في زوايا الأقصى المبارك، وفي حماية أكثر من ثلاثة آلاف من عناصر الجيش الإسرائيلي المدجج بالسلاح، يهرول خمسة سفراء إلى مأدبة رئيس الدولة العبرية احتفالا بعيد الفصح اليهودي، بدون أي اعتبار لدماء الشهداء والجرحى، الذين يتصدون لمخطط التهويد دفاعا عن قيم وكرامة ومقدسات ملياري مسلم.

غرفة العمليات العسكرية المشتركة التي أقامتها فصائل المقاومة في قطاع غزة، بحضور يحيى السنوار، وعقدت اجتماعاتها في مكتبه في وضح النهار، اتخذت قرارها بالرد صاروخيا على أي انتهاك إسرائيلي لحرمة المسجد الأقصى، في هذا الشهر المبارك، وكان هذا القرار رادعا لما أثاره من رعب في صفوف القيادة والمستوطنين معا.

تهديدات المقاومة بالرد هي التي دفعت نفتالي بينيت ورئيس هيئة أركان جيشه أفيف كوخافي، إلى التراجع، لأنهم يعرفون جيدا أن المقاومة إذا هددت نفذت، وإذا وعدت أوفت، دون أي تردد، ولهم ولنا في معركة “سيف القدس” قبل ما يقرب من العام، الدليل، فالقدس خط شديد الاحمرار، وإرسال ستة ملايين مستوطن إسرائيلي إلى الملاجئ، وإغلاق جميع المطارات، وعزلة دولة الاحتلال عن العالم بات مسألة ضغط زر، وإطلاق الصاروخ الأول من قبل قادة الأجنحة العسكرية وعلى رأسهم “الجنرال” محمد الضيف، زعيم كتائب القسام الحمساوية.

اقتحام قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى، واعتدائهم بالضرب على المصلين المؤمنين المعتكفين، وبعضهم من كبار السن، وإصابة 220 منهم على الأقل، وفقدان بعضهم عيونه بالرصاص الفولاذي المطاطي، جريمة لا يجب أن تمر، فماذا تفعل هذه القوات التي تمثل نظاما إرهابيا عنصريا في هذه الباحات، وفي هذا الشهر الفضيل؟ ولماذا تتجرأ وتضرب المعتكفين العزل، بالهراوات، والصور الحية لا تكذب، إنها قمة الاستفزاز وأبشع أنواع العنصرية والعدوان.

تدفق عشرات الآلاف من المصلين إلى بيت المقدس، والاعتكاف في باحاته وأكنافه، حق مشروع لشعبنا الفلسطيني، وأي محاولة لإجهاض هذا الحق سيتم الرد عليها بقوة، تماما على غرار ما حدث في مخيم جنين ونابلس والخليل وكل المدن العربية الفلسطينية المحتلة.

الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، وأثبت أهل الرباط وكل أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع ومناطق عام 48 المحتلة إتقان هذه اللغة وترجمتها عمليا ليس في القدس فقط، وإنما في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بدون أي استثناء، ابتداء من جنين، ومرورا بنابلس وانتهاء بغزة والخضيرة وتل أبيب وبئر السبع واللد وأم الفحم والقائمة تطول.

انتهى الزمن الذي كانت تحسم فيه القيادة العسكرية الإسرائيلية حروبها ضد الحكومات العربية في ساعات معدودة، فعندما يقترح مسؤول في الصندوق القومي اليهودي شراء جزر مهجورة، وغير مأهولة في بحر اليونان، وتهيئتها كملاجئ هربا من صواريخ المقاومة في المستقبل المنظور، وهي قادمة حتما في ظل الإرهاب الإسرائيلي المستمر، فهذا الدليل الأبرز على ما نقول.

الإسرائيليون أعماهم الغرور والغطرسة عن رؤية الحقائق المتغيرة بشكل متسارع على الأرض، فخانوا العهود وتغولوا في القتل والاستيطان والعنصرية، وانتهكوا المعاهدات الدولية والاتفاقات، وتحدوا جميع القرارات الدولية، ومارسوا أبشع أنواع الإرهاب والإذلال اعتقادا منهم أن الشعب الفلسطيني ركع واستسلم، فجاءت الانتفاضة المسلحة، وهبة القدس الأخيرة لتقلب كل المعادلات، وتنبئ بنصر قريب جدا.

أهل الرباط سيحمون الأقصى، ويثبتون عروبته بدمائهم وأرواحهم، في ظل وحدة وطنية غير مسبوقة وعلى أرضية المقاومة، فعودة كتائب شهداء الأقصى الفتحاوية بقوة، إلى الساحة في نابلس وجنين وغزة والخليل جنبا إلى جنب مع الأذرع العسكرية الأخرى في حماس والجهاد والجبهة الشعبية ولجان المقاومة، كلها مؤشرات على بدء مرحلة جديدة، وعودة أقوى إلى الينابيع الأولى والميثاق الوطني الفلسطيني الأول.. والأيام بيننا.

Leave A Reply