ألغام البحر الأسود.. قصتها وخطورتها على الأمن والاقتصاد العالميَّين

شغلت الألغام البحرية الشاردة في البحر الأسود حديث الصحافة العالمية طوال الأسبوع الماضي، بعد سماع دويّ انفجار ضخم شمالي مدينة إسطنبول، بعدما أبطل الجيش التركي مفعول لغم بحري كان انجرف من السواحل الأوكرانية.

شغلت الألغام البحرية الشاردة في البحر الأسود حديث الصحافة العالمية طوال الأسبوع الماضي. في صباح السبت سُمع دوي انفجار ضخم شمالي مدينة إسطنبول، بعدما أبطل الجيش التركي مفعول لغم بحري انجرف من السواحل الأوكرانية، كان اكتشفه أولاً صيادون أتراك في مضيق البوسفور.

لتعود وتعلن وزارة الدفاع التركية الاثنين اكتشاف لغم بحري آخَر قبالة سواحل بلدة إيغنه أدا شمال غربي البلاد، بالقرب من الحدود مع بلغاريا، وأن وحدات خاصة تدخلت لتفكيك اللغم.

تأتي هذه الظواهر بعد أيام من تحذير روسيا من أن عديداً من الألغام انجرف بعيداً عن موانٍ أوكرانية باتجاه البحر الأسود بسبب العواصف، ومن المحتمَل أن تجرفها المياه نحو البحر المتوسط، مما يهدّد الملاحة الدولية.

مَن المسؤول عن فوضى الألغام؟

حمّلَت الخارجية الأوكرانية روسيا المسؤولية عن عواقب الألغام البحرية المنجرفة في البحر الأسود. وأكّدَت في بيان أصدرته الأربعاء، أن الألغام البحرية المنجرفة إلى المياه التركية والرومانية مؤخراً غير مسجَّلة لدى قواتها البحرية الأوكرانية حتى مطلع 2022.

وأضافت الوزارة أن روسيا تحاول استفزاز أوكرانيا وتشويه سمعتها لدى الشركاء الدوليين عبر استخدام الألغام البحرية التي استولت عليها قواتها خلال احتلالها مدينة سيفاستوبول الأوكرانية عام 2014، وذلك من خلال استخدام الألغام البحرية كـ”أسلوب قرصنة” جديد.

في المقابل اتهمت هيئة الأمن الفيدرالية الروسية العسكريين الأوكرانيين بزرع نحو 420 لغماً بحرياً قديماً في مياه ​البحر الأسود​ بمحيط مواني أوديسا وأوتشاكوف وتشيرنومورسك ويوجني، على خلفية الحرب، محذّرة من أن هذه ​الألغام​ إذا أفلتت من مراسيها فقد تصل إلى البوسفور ثم إلى حوض البحر المتوسط.

420 لغماً بحرياً

على الرغم من النفي الأوكراني، فإن روسيا تصرّ على تصدير روايتها التي تقول إن البحرية الأوكرانية زرعت حقول ألغام قُدّر عددها بـ420 لغماً قرب مواني أوديسا شمال البحر الأسود، وإن العواصف تسببت في انقطاع الكابلات التي تربطها بالمراسي السفلية، وساهمت الرياح في انجرافها باتجاه الساحل الغربي للبحر الأسود.

وتشير التقارير الروسية إلى أن هذه الألغام صُنعت في العهد السوفييتي في النصف الأول من القرن العشرين، وزرعتها أوكرانيا مع بداية الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي. والألغام من طرازي “YM” بوزن 172 كيلوجراماً و”YRM” بوزن 30 كيلوجراماً، تُزرَع على عمق من متر إلى مترين، وتنفجر بالتلامس.

وفي ظل التهديد المحدق الذي سبّبه هذا الكمّ الكبير من الألغام الشاردة في البحر الأسود، يجادل الخبراء بضرورة إشراك جميع الدول المشاطئة في العملية والتعاون في تنفيذ العمل المشترك الرامي إلى حل المسألة التي تثير قلق العالم أجمع، نظراً إلى خطورتها على قطاع الملاحة البحرية.

وتُعَدّ تركيا من أكثر الدول استعداداً لهذه الألغام بين دول الناتو، فضمن أسطول البحرية التركية 11 كاسحة ألغام جاهزة للعمل دائماً، لكن حتى أكثر الطواقم احترافاً قد يواجه صعوبة في العثور على الألغام بسبب الظروف الجوية.

كارثة ملاحية

وفقاً لصحيفة صحيفة “حرييت” التركية، وصلت “الألغام الضالة” إلى مشارف مضيق البوسفور من خلال التيار الناتج عن نهر الدانوب الذي يصبّ في البحر الأسود، مما دفع البحرية التركية إلى أصدار إعلام بحري “نافتكس” (Navtex) حذرت فيه السفن من خطر الألغام.

من جانبه قال الخبير العسكري إسماعيل حقي إن “الألغام تشكّل تهديداً كبيراً لإسطنبول، وإن أي خطر يهدّد التجارة أو الأرواح تتحمل مسؤوليته البلدان المتحاربة ويلزمها التعويض”، مشيراً إلى البحر الأسود وبحر آزوف يحتلّان المرتبة الأولى من حيث خطر انفجارها، يليهما مياه مضيق البوسفور، ثم بحر مرمرة، فمضيق الدردنيل، ثم بحر إيجة، وأخيراً مياه البحر المتوسط.

إلى جانب خطورة الألغام البحرية الشاردة على حركة الملاحة وأعمال التنقيب التركية عن الغاز الطبيعي في البحر الأسود، فمن شأن وصولها إلى البحر الأبيض المتوسط أن يتسبب في كارثة ملاحية تؤثّر لفترة طويلة في التجارة العالمية.

Follow Us: 

TRT

Leave A Reply