«العشرين»: ارتفاع التضخم خطر .. يجب مراقبة التوترات ونقاط الضعف

أكد وزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظو البنوك المركزية، أن ارتفاع التضخم الناجم عن اضطراب الإمدادات يشكل خطرا محتملا على آفاق الاقتصاد العالمي، مشيرين إلى مواصلة مراقبة المخاطر العالمية، ومنها الناجمة عن التوتر الجيوسياسي الحالي ونقاط ضعف الاقتصاد الكلي.

وأعلن الوزراء أمام اجتماع المجموعة الذي انطلق في جاكرتا أمس، أن التعافي الاقتصادي العالمي مستمر، لكن وتيرته تعتمد على موجات كورونا مستقبلا وظهور سلالات جديدة.

من جانبه، أكد وزير المالية محمد الجدعان أهمية مراعاة التداعيات المتوسطة وطويلة المدى للجائحة على الاستدامة والاستقرار المالي.

وأضاف الجدعان، “علينا أيضا مراعاة النظر في العوامل الرئيسة للتضخم في أسعار السلع والأغذية على الصعيد العالمي كاضطرابات سلسلة التوريد، وزيادة تكاليف الشحن، والعواقب غير المقصودة لبعض السياسات المتخذة في سياق مواجهة التغير المناخي”.

في حين حذر الرئيس الإندونيسي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجموعة، من أن الأزمة في أوكرانيا تمثل تهديدا للتعافي الاقتصادي في مرحلة ما بعد وباء كوفيد – 19.

كما تطرق الرئيس جوكو ويدودو في افتتاح أعمال الاجتماع الذي يستمر يومين، من المخاطر المحدقة بالتعافي الاقتصادي الهش، من جراء الأزمة في أوكرانيا، حيث تتزايد المخاوف من غزو روسي.

وقال ويدودو “هذا ليس وقت الخصومات وإثارة توترات جديدة تعرقل التعافي، إضافة إلى تعريض سلامة العالم للخطر، كما يحدث في أوكرانيا، وعلى جميع الأطراف وقف التخاصم والتوتر”.

وحض المجموعة التي تضم روسيا، على التركيز على “التعاون” من أجل تعزيز الاقتصاد العالمي.

ويطرح التهديد بغزو روسيا لجارتها أوكرانيا، تحديا جديدا بالنسبة لعالم يبذل جهودا شاقة لإبقاء التعافي من وباء كوفيد – 19 على سكته وسط ارتفاع التضخم.

وعلى جدول أعمال الاجتماع الذي كان مقررا عقده في الأساس في جزيرة بالي السياحية قبل نقله بسبب موجة من المتحور أوميكرون، مناقشة إصلاح الأنظمة الصحية العالمية كي تكون أكثر استعدادا لمواجهة أوبئة مستقبلية.

بدورها، قالت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية في اتصال عبر الفيديو “يجب أن نتحرك بشكل عاجل لتقوية بنية النظام الصحي العالمي كي نمتلك الأدوات لمنع أزمات صحية جديدة والاستعداد والاستجابة لها”. وأضافت “كما علينا أن نركز على تحريك الأموال الضرورية لمعالجة الثغرات في النظام”.

وتتصاعد الدعوات المطالبة بآليات تمويل جديدة خصوصا في أعقاب تحديات برزت في إنتاج لقاحات كوفيد – 19 وتوزيعها.

وقالت يلين إن احتياجات التمويل “لا يمكن إنكارها”، فيما تشير التقديرات إلى أن المبلغ الضروري للأعوام الخمسة المقبلة يصل إلى 75 مليار دولار، بحسب يلين.

فيما قال سري مولياني إندراواتي وزير المال الإندونيسي إن مجموعة العشرين تناقش تأسيس صندوق لمكافحة أزمات صحية مستقبلية، سيتم التنسيق له من جانب منظمة الصحة العالمية.

وجهود تعزيز بنية النظام الصحي العالمي لا يمكن أن تنجح إلا إذا قامت بتعزيز دور منظمة الصحة العالمية، بحسب تيدروس أدهانوم جيبرييسوس المدير العام للمنظمة.

وقال تيدروس أمام المجتمعين “من الواضح أنه في جوهر هذه البنية لهيكل، يحتاج العالم لأن تكون منظمة الصحة العالمية قوية ومستدامة التمويل، مع تفويضها الفريد وخبرتها التقنية الفريدة وشرعيتها العالمية الفريدة”.

ومن موضوعات النقاش الأخرى التضخم العالمي المرتفع وسبل قيام بنوك مركزية في دول متطورة برفع معدلات الفائدة وإلغاء إجراءات تحفيز ضخمة لمواجهة تداعيات الفيروس، من دون التسبب في صدمة في دول نامية.

من جانبه، قال بيري وارجيو حاكم البنك المركزي الإندونيسي إن إلغاء إجراءات التحفيز “سيفرض على الأرجح ظروفا مالية عالمية أكثر صرامة وربما يتسبب في خروج رؤوس أموال من أسواق ناشئة”.

إلى ذلك، طالبت واشنطن الصين ببذل جهد أكبر لتسريع الجهود العالمية الهادفة إلى تخفيف ديون الدول الفقيرة التي لجأت إلى مزيد من الاقتراض خلال أزمة وباء كوفيد – 19.

وفي تصريحات صحافية، أقرت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية بأن مبادرة مجموعة العشرين لمساعدة الدول التي ترزح تحت أعباء الديون “لا تتقدم بسرعة كبيرة”، وأن الولايات المتحدة “تأمل في رؤية مشاركة أكثر فاعلية” من قبل الصين.

وتعقد مجموعة العشرين، التي تضم أكبر اقتصادات العالم خصوصا الولايات المتحدة والصين وبعض الدول الأوروبية، محادثات حضوريا وعبر الإنترنت في العاصمة الإندونيسية جاكرتا.

وتشارك يلين عبر الفيديو في الاجتماع ومن المتوقع أن تكون المخاوف المتصاعدة بشأن الآفاق الاقتصادية للدول النامية قضية محورية على طاولة البحث.

وتبنت مجموعة العشرين العام الماضي إطارا مشتركا لخطة تهدف إلى إعادة هيكلة الديون الكبيرة للدول الفقيرة، لكن الغموض لا يزال يحيط بهذا المشروع، حيث لم تطلب سوى ثلاث دول هي تشاد، إثيوبيا، وزامبيا التفاوض حول ديونها بموجب هذه الخطة.

وحذر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من عواقب وخيمة في حال لم يتم تخفيف أعباء ديون كثير من الدول.

والعقبة الرئيسة تكمن في الافتقار إلى معلومات خاصة بحجم الديون المستحقة للصين وبعض المقرضين الآخرين من قبل شركات خاصة وحكومات على حد سواء.

وقالت يلين إنه في حين أن دولا مثل الصين “وافقت على المشاركة” في المبادرة، “إلا أننا بالتأكيد نحتاج أن نتحرك بسرعة أكبر مما نحن عليه الآن “…”لتسهيل عملية تخفيف الديون من خلال الإطار المشترك بطريقة أسرع وأكثر فاعلية”.

وأضافت أن المسؤولين الماليين في مجموعة العشرين هذا الأسبوع سيواصلون أيضا العمل على استراتيجيات لمساعدة الدول على التعامل مع الوباء “الذي لا يزال يمثل مشكلة كبيرة في أجزاء كثيرة من العالم”.

وأكدت يلين، أنهم سيركزون بالتأكيد “على الحاجة إلى مساعدة الاقتصادات ذات الدخل المنخفض وتلك المثقلة بالديون التي تتعرض لضغوط خاصة بسبب الوباء”.

وكشفت أن مجموعة العشرين تعمل أيضا على تعزيز آليات تمويل من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتأمين الموارد للصناديق الاستئمانية لتلبية الاحتياجات العاجلة مثل توزيع اللقاحات وجهود منع الأوبئة في المستقبل، فضلا عن معالجة قضايا المناخ.

وقالت يلين إن المسؤولين سيواصلون مناقشة تطبيق الحد الأدنى للضريبة العالمية على الشركات البالغة 15 في المائة “في محاولة للإبقاء على الزخم”.

وأشارت إلى أن دول مجموعة العشرين بحاجة إلى إحراز مزيد من التقدم في الخطوات المحلية اللازمة لتطبيق الضريبة على “الشركات متعددة الجنسيات ذات الربحية العالية”.

وفي الولايات المتحدة تم إدراج هذه الخطوات ضمن الحزمة التشريعية للرئيس جو بايدن لإعادة البناء التي أسقطها الجمهوريون في مجلس الشيوخ.

Leave A Reply