ميقاتي: لا نحمل عصا سحريّة

أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي “اننا لا نحمل عصا سحرية لمعالجة المشاكل التربوية دفعة واحدة، لكننا بالتأكيد نملك الإرادة والعزم والتصميم على المحاولة، ونتطلع الى تفهم الجسم التعليمي من أساتذة واداريين لوضع الحكومة والامكانات المحدودة وعلى صبرهم وصبر أهالي الطلاب، خاصة وأن الازمة الاقتصادية الخانقة التي نعاني منها ترافقت مع انتشار جائحة كورونا التي زادت من تعميق الازمة في قطاع التربية والتعليم”.

وشدد على أن “الحكومة في أول إنطلاقتها عمدت الى تثبيت العطاءات الخارجية، ثم في أول اجتماع لها بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر بادرت الى تقديم المساعدة المالية للمعلمين شأنهم في ذلك شأن كل موظفي القطاع العام، وسنتشاور في سبل تعزيز هذه التقديمات المؤقتة في انتظار وضع البلد والقطاع التربوي من ضمنه على سكة التعافي”.

ورأى ان “المطلوب من الاساتذة والمعلمين التعاون معنا لتمرير هذه المرحلة الصعبة باقل الاضرار وعدم رمي المطالب دفعة واحدة في وجه الحكومة والطلاب والاهالي، لا سيما وان حال الخزينة العامة لا يحتمل اي انفاق خارج القضايا الاكثر الحاحا”.

وشدد ميقاتي على انه “في موضوع التعليم الخاص من الضروري التعاون بين ادارات المدارس والاساتذة والاهل لايجاد حلول مقبولة من الجميع وعدم ترك التلامذة رهينة الخلافات التي تترك انعكاسات جسيمة على القطاع التربوي ككل”.

وكان ميقاتي يتحدث في افتتاح “اللقاء التشاوري الوطني لإنقاذ وتعافي قطاع التربية والتعليم العالي في لبنان” الذي تنظمه وزارة التربية اليوم في السراي الحكومي.

شارك في اللقاء وزير التربية والتعليم العالي ووزير الاعلام بالوكالة عباس الحلبي، رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري، وزير السياحة وليد نصار، وزير الشباب والرياضة جورج كلاس،النواب نقولا صحناوي،علي خريس، علي فياض، اسعد درغام، ايوب حميد، فريد البستاني، هاكوب بقرادونيان، محمد الحجار، إدوار طرابلسي.

كما حضرت سفيرة فرنسا ان غريو، سفير النروج مارتن يترفيك، سفير هولندا هانز بيتر فاندر وود، المنسقة المقيمة الامم المتحدة في لبنان نحاة رشدي، ممثل منظمة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين ايامي اكو، ممثل منظمة العمل الدولية عبدالله الوردات، ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان ايمان شنقيطي ،مدير اليونيسكو كوستانزا فارينا، الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي، رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، مدير عام التربية فادي يرق، مدير التعليم المهني والتقني هنادي بري، مدير عام المؤسسة الوطنية للاستخدام ايلي برباري، رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران، رئيس الجامعة اليسوعية الاب سليم دكاش، رئيس الجامعة العربية عمرو العدوي، رئيس جامعة البلمند الياس وراق، رئيسة جامعة Aust هيام الصقر نقيب المدارس الخاصة رودولف عبود، الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر، نقيب الأطباء شرف أبو شرف، مدير الوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، وممثلون عن جامعات: القديس يوسف، ،العزم، اللبنانية الاميركية، والاميركية. وقدّم الحفل الصحافي البير شمعون.

والقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كلمة قال فيها: “تشكل التربية والتعليم أحد أهم اركان بناء الدولة، ولأنهما كذلك فهما يتأثران بكل العوامل التي تتأثر بها الدولة. وفي وضعنا الراهن فان التربية والتعليم هما أكثر ضحايا الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف ببلادنا منذ قرابة السنتين.

ومن هذا المنطلق كان لقاؤنا التشاوري الوطني اليوم كخطوة أساسية لإنقاذ قطاع التربية والتعليم العالي في لبنان وتعافيه. وفي هذا السياق لا بد من ان احيي جهود معالي وزير التربية عباس الحلبي وطاقم الوزارة، كما أتوجه بتحية تقدير خاصة لرئيسة لجنة التربية النيابية السيدة بهية الحريري التي تواظب منذ سنوات طويلة على متابعة الشؤون التربوية وايجاد الحلول المناسبة لها.

منذ اليوم الاول لعملنا الحكومي ونحن نواجه معضلة حل الازمات التربوية المتراكمة ونسعى مجتمعين لحلها بالشراكة والتعاون بين الجميع رسميين وادارات مدارس وهيئات تعليمية محلية ودولية ولجان اهل”.

أضاف: “صحيح أننا لا نحمل عصا سحرية لمعالجة هذه المشكلة دفعة واحدة ، لكننا بالتاكيد نملك الإرادة والعزم والتصميم على المحاولة، ونتطلع الى تفهم الجسم التعليمي من أساتذة واداريين لوضع الحكومة والامكانات المحدودة وعلى صبرهم وصبر أهالي الطلاب، خاصة وأن الازمة الاقتصادية الخانقة التي نعاني منها ترافقت مع انتشار جائحة كورونا التي زادت من تعميق الازمة في قطاع التربية والتعليم.

لقد عاجلت الحكومة في أول إنطلاقتها الى تثبيت العطاءات الخارجية، ثم في أول اجتماع لها بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر بادرت الى تقديم المساعدة المالية للمعلمين شأنهم في ذلك شأن كل موظفي القطاع العام، وانا أعرف ان هذه المساعدة غير كافية في وضعنا الراهن ولا تفيهم حقهم، ولكن وكما كان أهلنا يقولون لنا “البحصة بتسند خابية” فان هذه المساعدة في وقتنا الراهن هي البحصة التي نريدها ان تسند خابية حياتهم اليومية مع عائلاتهم.

وفي هذا اللقاء سنتشاور في سبل تعزيز هذه التقديمات المؤقتة في انتظار وضع البلد والقطاع التربوي من ضمنه على سكة التعافي.

وفي المقابل فان المطلوب من الاساتذة والمعلمين التعاون معنا لتمرير هذه المرحلة الصعبة باقل الاضرار وعدم رمي المطالب دفعة واحدة في وجه الحكومة والطلاب والاهالي،لا سيما وان حال الخزينة العامة لا يحتمل اي انفاق خارج القضايا الاكثر الحاحا. الاولوية لدى الجميع في الوقت الراهن بجب أن تكون للمواءمة بين تأمين مقومات العيش الكريم للجميع والمحافظة على رسالة التعليم التي يحملها المعّلم منذ اليوم الاول لدخوله سلك التعليم”.

وقال ميقاتي: “في هذا اللقاء التربوي الجامع ، اعرب عن فخري واعتزازي بالجامعة اللبنانية وبكادرها التعليمي الذي يعتبر من بين ارقى الكوادر التعليمية في المنطقة العربية وأكثرها معرفة وكفاءة، وان كانت الازمة الاقتصادية الراهنة قد ضربت الكثير من المكتسبات المادية لهذا الكادر التعليمي واجبرت الكثير منهم على الهجرة فاني أؤكد لكم اننا في الحكومة نعمل جاهدين على أوسع عملية اصلاح اقتصادي واداري لإعادة البلد الى سكة السلامة، وفي حال نجاحنا في ذلك، وان شاء الله سننجح، فان أوضاعهم ستعود ليس فقط كما كانت عليه بل ستكون افضل. ولكن ذلك لا يمنع ان نعيد النظر في انتشار فروع الجامعة اللبنانية وإعادة توزيعها وفق الحاجة وليس وفق محاصصات اثبتت انها بعيدة كل البعد عن حاجة المواطنين.

اما في القطاع الخاص، فقد شكلت الجامعات العريقة على مدى سنوات طويلة رافعة للسمعة الطيبة للتعليم في لبنان، لكننا وللأسف بدأنا في السنوات القليلة الماضية نشهد تراجعا ملحوظا في أداء بعض هذه الجامعات الخاصة، بسبب ابتعاد البعض من أصحابها عن الرسالة التربوية للجامعة والجنوح نحو ابتغاء الربح غير المشروع والطرق الملتوية في تحقيق هذا الربح، لذلك فان المسؤولية تقع أولا على أصحاب هذه الجامعات لاستعادة سمعة جامعاتهم وثانيا علينا لملاحقة هذه الجامعات ومراقبة التزامها بالقوانين المرعية الاجراء من اجل حماية سمعة التعليم في لبنان ومن اجل رفع مستوى الخريجين”.

وتابع: “أما في التعليم الخاص فلا بد ان أؤكد ضرورة التعاون بين ادارات المدارس والاساتذة والاهل لايجاد حلول مقبولة من الجميع وعدم ترك التلامذة رهينة الخلافات التي تترك انعكاسات جسيمة على القطاع التربوي ككل.

ويجب أن يكون التكامل بين القطاع الخاص والرسمي محور نقاشاتكم اليوم وفي الأيام المقبلة من اجل الخروج بتوصيات واضحة في هذا المجال. وانا اتعهد لكم بان حكومتنا ستولي كل الاهتمام لهذه التوصيات والحرص على تنفيذ ما يمكن منها.

ونحن هنا اليوم لأن أولادنا هم على رأس أولوياتنا ومحط اهتمامنا الأول والأخير، ولبنان سيتعافى من خلالهم ومن خلال التربية والتعليم، واذا استطعنا اليوم معكم انقاذ التعليم نكون قد وضعنا حجر الاساس لانقاذ لبنان وبناء الانسان”.

في الجلسة الافتتاحية تحدثت رئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري فقالت: “منذ بداية تشكيل حكومة دولة الرئيس نجيب ميقاتي وتكليف فضيلة الصديق الأستاذ عباس الحلبي وزيراً للتربية والتعليم، وبناء على رغبة دولة الرئيس ميقاتي أصبحنا نلتقي دورياً مع دولته بشكل منتظم لمتابعة التّحديات التربوية التي تتعاظم يوماً بعد يوم نتيجة عدم التّعامل بالجدية المطلوبة مع مخاطر العملية التربوية الكبيرة والواضحة منذ بداية الأزمة الوبائية العالمية قبل عامين ونيف والتي استدعت في كلّ العالم تغييراً في الأولويات التعليمية مما أدّى إلى إستحداث سياسات تربوية إستثنائية لحماية العملية التربوية من الانهيار نتيجة الظّروف الوبائية التي حتّمت على كلّ العالم سلوكيات وقائية إلزامية”.

وأضافت: “أمّا في لبنان فلقد تقاطعت الظّروف التربوية ومخاطرها الوبائية مع الإنهيارات الكارثية الإقتصادية والنقدية والتي أتت على كلّ أسباب المداخيل والمدخرات وبذلك تكون العملية التربوية في لبنان تواجه العطالة الوبائية وتحولاتها النمطية بين التّعليم عن بعد والتّعليم الاندماجي مع تباين القدرات الإلكترونية والمنهجية بين مدرسة وأخرى ومنطقة وأخرى، ناهيك عن ظروف الضرورات اللوجستية الألكترونية والكهربائية وتحديات النقل والإندماج وغيرها من المستجدات التقنية والمعرفية على صعيد المناهج والخبرات الغير متوفرة بشكل عادل يسمح باعتماد سياسات واحدة تطال كلّ مراحل وقطاعات التّعليم في لبنان.

تأتي هذه الإنطلاقة الموضوعية التّشاورية بناء على رغبة دولة الرئيس نجيب ميقاتي خلال لقائنا الأخير مع دولته حيث بادر معالي وزير التربية الأستاذ عباس الحلبي ومعه الفريق الإداري في الوزارة وفي مقدمتهم المدير العام لوزارة التربية ومديرو الإدارات المختصة ومعهم الفريق الإستشاري في رئاسة الحكومة بالإعداد لهذه العملية التشاورية بين كافة المكونات التربوية الوطنية والشركاء الدوليين الذين يحاولون خلال السنوات الماضية المساهمة في إخراج الطفل اللبناني من بئر الأزمات العميقة التي باتت تهدد إستقراره حيث تنتظر الأجيال اللبنانية منذ ما يقارب الثلاث سنوات أن تزاح عن صدرها جبال العطالة والإستهتار وما نتج عنها من مخاطر وانهيارات وتلك الأجيال تتطلع إلى خشبة الخلاص الدولية على أمل أن تتلاقى مع الإرادات الطيبة التي لا تزال تؤمن بحق أجيال لبنان بالخروج سالمين من بئر الإهمال والاستهتار بمستقبل الأجيال، من دون ننسى أهوال إنفجار ٤ آب ودماره الإجتماعي والإقتصادي والعمراني والتربوي،بالتزامن مع المخاطر الوبائية والاقتصادية مما حفّز على هجرة أفضل الطّاقات البشرية والخبرات المميزة.وكان أول ضحايا تلك الهجرات قطاعا الصحة والتعليم حيث غادر لبنان إلى بلاد الإنتشار والجوار أفضل الكفاءات بحثاً عن القليل من الأمن المعيشي والإجتماعي الذي أصبح صعب المنال في لبنان. إنّنا نتطلّع إلى أن يتحوّل هذا اللقاء التّشاوري إلى إطار فاعل وجدي للتّعاون المكثّف بين كافة المكونات التربوية الوطنية ومع الاصدقاء من الدول المانحة والمنظمات الدولية.. والتي أصبح لها الكثير من التّقدير والثّقة لدى عموم اللبنانيين وهؤلاء الأصدقاء أصبحوا بمثابة فرق الانقاذ التي تقاطرت حول بئر أجيال لبنان لرفع جبال الإهمال والسياسات العشوائية والإنتقائية”.

وتابعت: “إنّنا نمرّ في ظروف تربوية بالغة الصعوبة والخطورة رغم كلّ الجهود التي بذلت بشكل متقطّع من خلال محاكاة العناوين التي تراكمت واستجدت خلال السنوات الماضية والتي حاولتُ والزملاء في لجنة التربية مواكبتها بما استطعنا من محاولات إلاّ أنّ الظّروف التي تعيشها العملية التربوية اليوم هي أشبه بالأيام الخمسة التي واجهها ملاك الطفولة المغربية والعربية والعالمية ريان حيث يريد كلّ الأهل في لبنان تأمين التّعليم الجيد لأولادهم ويريدون أيضاً تأمين الدواء والغذاء وشيء من الأمان مما يجعلهم في حيرة بين تأمين مستلزمات التّعليم وتأمين مستلزمات الحياة وهناك أيضاً تلك الشريحة التي تحفر في الجبال حول البئر من أجل إنقاذ التّعليم في لبنان بكل الطاقات والأدوات من مدرّسات ومدرّسين والذين يقاومون مغريات مغادرة البلاد بكل حزم وإصرار من إجل إنقاذ التّعليم في لبنان لكنّهم في الوقت عينه يقفون عاجزين أمام متطلبات أولادهم الذين يريدون منهم تأمين مستلزمات الحياة التي لم تعد تؤمّنها مداخيل المعلّمات والمعلّمين في القطاع العام والقطاع الخاص والمتعاقدين وكافة مراحل التعليم في لبنان من دون أن ننسى الدّور الريادي للقيادات التربوية من مديرات ومديرين ونظّار.. إنّ محنة العملية التربوية في لبنان لا تختلف عن محنة الطفل الملاك ريان.. والتّعليم في لبنان يحتاج إلى إرادة بالإنقاذ قبل فوات الأوان وموت التّعليم إحدى أهم خصائص لبنان”.

Leave A Reply