ماذا بقي من التفاهمات في زمن التعطيل؟

نون – اللواء

كلما تعقدت الأوضاع في البلد، وإستمرت الإنهيارات في مختلف القطاعات، كلما تسارعت خطى أهل الحكم في الهروب إلى الأمام، لتغطية واقع العجز والفشل الذي تتخبط به السلطة في لبنان.

فيما الإرتفاعات المطردة للدولار تُشعل جنون الأسعار في الغذاء والدواء، كما في البنزين والمازوت والغاز، وصولاً إلى رغيف الخبز، يتلهى أهل القرار بالدعوة إلى طاولة حوار في بعبدا، وكأن البلد مازال يتحمل ترف تضييع المزيد من الوقت في مناقشات سفسطائية، لا تُسمن ولا تُغني من جوع، والقرارات تبقى حبراً على ورق، هذا إذا لم ينبرِ أحد من المتحاورين ويدعو إلى وضع ورقة القرارات في كوب ماء وشرب مياهه، على نحو ما فعل نائب حزب الله محمد رعد غداة التوقيع على إعلان بعبدا عام ٢٠١٢ !

لبنان، يا سادة، ليس بحاجة إلى مزيد من المزايدات والخلافات على طاولات الحوار، أو حتى خارجها، بقدر ما هو بأمسّ الحاجة لعودة مجلس الوزراء إلى الإجتماعات الحكومية الدورية، ووضع قطار الإصلاح والإنقاذ على السكة الصحيحة، بما يساعد على بدء إستعادة الثقة الداخلية والخارجية، والتوصل إلى الإتفاقات اللازمة مع صندوق النقد الدولي.

المفارقة المحزنة أن أسلوب تعطيل المؤسسات الدستورية، والتسبب بالشلل الكامل في مواقع القرار، تحوَّلان إلى نهج سياسي، شارك العماد ميشال عون وتياره السياسي فيه، عبر تعطيل تشكيل الحكومات بعد إنتخابات ٢٠٠٥، إلى تعطيل الإنتخابات الرئاسية مرتين، الأولى لسنة وبضعة أشهر إثر إنتهاء ولاية الرئيس إميل لحود عام ٢٠٠٧، والثانية لسنتين وستة أشهر بعد إنتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في أيار ٢٠١٤.

فهل انقلب السحر على الساحر اليوم، حيث يواجه الرئيس عون تعطيل حليفه حزب الله جلسات الحكومة، بالدعوة لعقد إجتماع لمجلس الوزراء بمن حضر، ولو غاب الوزراء الشيعة عن الجلسة، رغم ما يمثلون لمكون أساسي في المعادلة الوطنية، وما يؤدي غيابهم من إخلال بالقواعد الميثاقية التي طالما رددها النائب جبران باسيل في خطاباته الشعبوية.

ماذا تعني التحالفات والتفاهمات إذا كان الحليف لا يمون على حليفه لإنقاذ الأشهر الأخيرة من عهده، وماذا يبقى من التفاهمات إذا كان الحليف يُصرُّ على تعطيل آلية القرار لحليفه؟

Leave A Reply