لم تكن تعلم بوجودهم.. ما قصة 12 مليون طفل عثرت عليهم الصين؟

اكتشفت السلطات الصينية أن هناك 12 مليون طفل من رعاياها لم تكن تعلم إلى أمد قريب بوجودهم. الأمر الذي يعود إلى ما عُرف بسياسة “الطفل الوحيد”، التي حاولت من خلالها بيكين التحكم في النمو السكاني لشعبها.

كشف أحدث إحصاء سكاني للصين أن عدد أطفال البلاد سنة 2010 بلغ 172 مليون طفل، في تناقض مع الرقم الذي أعلنته الحكومة الصينية سابقاً في تلك السنة، والذي لم يتعدَ 160.9 مليون. أي أنّ هناك 12 مليون طفل صيني لم تكن تعرف الحكومة بوجودهم لحين صدور الإحصاء الأخير.

وقال تقرير لوكالة “بلومبورغ” الأمريكية إنّ “ذلك الفارق قد يكون ناتجاً عن فشل بعض الآباء في تسجيل المواليد لتجنّب العقوبة إذا انتهكوا سياسة الطفل الواحد”. كما أن هناك عاملاً آخر، وهو تحكم برنامج الولادة الصيني بجنس المواليد، حيث ولنقص عدد الإناث كان يسمح بإضافة ابن ثانٍ إذا كان جنس الأول ذكراً.

هكذا نجد أن “نحو 57% من الأطفال الذين سُجّلوا لاحقاً كانوا من الفتيات، مما يُشير إلى أنّ التناقض يمكن أن يكون مرتبطاً جزئياً بعدم إبلاغ الآباء عن الفتيات، حتى يتمكنوا من الاستمرار في محاولة الإنجاب” وفق ما جاء به التقرير.

موضحاً في ختامه أن “معدلات المواليد للأعوام من 2011 إلى 2017 عُدّلت بشكل تصاعدي في أحدث كتاب إحصائي سنوي، مما يشير إلى استمرار مشكلة تقليل عدد الأطفال على الأرجح بعد عام 2010”.

كارثة الطفل الواحد

منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، سنَّت الحكومة الصينية قوانين صارمة على شعبها من أجل تحديد النسل والتحكم في عدد المواليد وجنسها. حيث لم تسمح إلا بابن واحد للأسرة، ومَن خالف ذلك يُعاقب بغرامات قاسية ومنع حصول الابن على أوراق ثبوتية، والطرد من الوظيفة أو أن تجهض المرأة إذا كانت في المراحل الأولى من حملها.

وبحسب الحكومة الصينية فهذه السياسة، وإلى حدود سنة 2000، “جنَّبت البلاد نحو 400 مليون ولادة”. مبررة ذلك بضرورة التحكم في الكتلة السكانية بما يتماشى مع التخطيط الاقتصادي للبلاد، كما أرجعتها إلى رغبتها في تخفيف المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومشاكل البيئية.

وواصلت السلطات الصينية العمل بهذه السياسات إلى حدود سنة 2015، وأنهت العمل بها بشكل نهائي للخلل الذي بات جلياً في الميزان الديموغرافي. ومع ذلك لم يُحقق ذلك الميزان تحسناً، ولم يسجَل عدد المواليد سوى 17.86 مليون طفل في سنة 2016، أي بمعدل 12,95 مولود لكل 1000 شخص، وأقل منه بـ0.52 % سنة 2017، بحسب ما جاءت به أرقام مكتب الإحصاءات الوطني في الصين. إضافة إلى انخفاض معدلات الخصوبة، حيث سينخفض في السنوات العشر المقبلة عدد النساء الصينيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 23-30 عاماً بمعدل 40%.

هذا الخلل في النمو الديموغرافي يتعارض بشكل أساسي مع مخططات الدولة الصينية للنمو الاقتصادي، ويدقّ ناقوس الخطر بعجز مرتقب في اليد العاملة لدى أكبر اقتصادات العالم. إزاء ذلك عمدت الحكومة الصينية إلى تشجيع مواطنيها على الإنجاب، وتدارست في سبيل ذلك إجراءات كتمديد إجازة الأمومة، والتشجيع على إنجاب طفل ثانٍ من خلال تقديم حوافز نقدية مباشرة أو إعفاءات ضريبية لبعض الوقت.

أن تكون طفلاً سرياً في الصين

في مقال على مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تحكي كارولين كان، الكاتبة الصينية، عن حياتها كأحد الأطفال الذين وُلدوا عكس إرادة الحكومة في بيكين. وتقول إن جملة “سياسة تخطيط الولادات” كانت أكثر ما يرعبهم وهم أطفال، كجيل فُرض عليه أن يعيش في الخفاء.

وتذكر كارولين أنها كانت تشاهد في قريتها، حيث ولدت، قوات الشرطة وهم يصطحبون النساء الحوامل بطفل ثانٍ إلى المخافر، “مَن كانت في بداية حملها تجهض، ومن كانت في مرحلة متقدمة تُفرض عليها غرامة مالية قاسمة”. وتضيف أنها شاهدت في مرة رجال الشرطة ينهبون بيت أحد جيرانهم لأنه لم يكن لديهم المال لدفع الغرامة.

بالنسبة لها، تعيَّن على أمها أن تدفع 30 ألف دولار كغرامة، وأن تفقد عملها كمدرِّسة في مدرسة حكومية. ومع ذلك فُرض عليها أن تعيش التنمّر طوال طفولتها حيث كان أقرانها ينادونها بـ”الصغيرة رقم 2″ أو “المخالِفة للقانون”.

هذا ويُحرم الأطفال ضحايا ذلك القانون أوراقهم الثبوتية، وبالتالي يعيشون دون تعليم أو رعاية في أغلبهم إذا ما فشل الآباء في تسجيلهم.

Follow Us: 

Leave A Reply