كي لا تكون زيادة الأجور وهمية تُضعف الإنتاج والقدرة الشرائية!

ذو الفقار قبيسي – اللواء

المطالبة بزيادة الأجور بشكلها الإرتجالي الحالي تكرار لخطيئة زيادة سلسلة الرواتب التي إنتهت بخسارة للموظف والعامل. والسبب تجاهل عنصرين أساسيين في الحالتين هما أولا: ضرورة زيادة الإنتاج للحدّ من التضخم الناتج عن إرتفاع كمية النقد المتداول بسبب الزيادة. وثانيا: ضرورة التركيز على القوة الشرائية لدى الموظف والعامل بدلا من التركيز على زيادة إسمية للرواتب والأجور تتآكل تدريجيا مع إرتفاع الأسعار.

والحالة الأولى أو زيادة الإنتاج تحتاج إلى إنعاش قطاع خاص أقفل نحو ٥٠% من مؤسساته حتى الآن ، والـ٥٠ % الباقية تعاني أزمة الاستمرار والبقاء، ومعالجة قطاع عام هرم متضخم ومتمورم بنحو ٥٠٠ ألف موظف وعامل ومياوم ومتعاقد ومتقاعد يستهلك إلى جانب فوائد الدين العام، كل واردات الموازنة العامة.

والحالة الثانية أو القوة الشرائية التي هي الأساس بديلا عن أجور إسمية مهما إزدادت لا تستطيع اللحاق بإرتفاع متواصل في الأسعار لا يمكن مواجهته إلا بشبكة أمان اجتماعية تشتمل على كل الضمانات الأساسية من بطاقات صحية وتمويلية وتموينية ثابتة، ومصادر كافية بأسعار معتدلة للطاقة من كهرباء وماء ومحروقات، ووسائل حديثة للنقل العام تشمل كل مناطق لبنان، وتعليم رسمي مجاني لكل المراحل وعلى مستوى عالٍ يزيد في قدرة لبنان التنافسية العالمية في مختلف القطاعات الاقتصادية والعلمية.

ولكي يمكن تحقيق المطلب الأول في زيادة الانتاج ولجم التضخم والمطلب الثاني في تعزيز القوة الشرائية، لا بد أن تتكاتف جميع القوى الشعبية في مختلف القطاعات والمهن، وفي طليعتها الاتحادات والنقابات العمالية، في العمل المشترك لوقف نظام الفساد والهدر والسلب والنهب والتبذير وسوء التدبير، وإحلال نظام الحوكمة الإدارية والمساءلة القضائية بما يحمي الثروة العامة ويحفّز قوى الانتاج بما يؤمّن ليس فقط حقوق العاملين وإنما أيضا فرص العمل للعاطلين عن العمل الذين باتوا يشكلون أكثر من ٦٠% من مجموع القوى العاملة في لبنان.

ودون إعطاء الأولوية لتحقيق هذين المطلبين والعودة إلى التركيز على زيادة الرواتب والأجور فيما الإنتاج يتقلص بدليل إنخفاض حجم الناتج الإجمالي من ٥٥ مليار دولار إلى ١٨ مليار دولار في أقل من عامين، وفيما القوة الشرائية تنهار تحت ضربات الدولار، سوف لن ينال العامل في لبنان ما يكفي مؤونته وحاجاته من قطاع خاص يرزح تحت ضغط أزمات والتزامات في اقتصاد شعب يعاني المزيد من الكوارث والويلات.

ففي توصيف مؤشر BLOM PMI عن وضع القطاع الخاص انه «في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية المستمرة، لا تزال شركات القطاع الخاص تواجه مشاكل تتعلق بنقص السيولة وضعف القوة الشرائية للعملاء المحليين، ولم يسهم تشكيل الحكومة الجديدة في وقف المزيد من التدهور في الظروف الاقتصادية.. ولا تزال هذه الشركات مرتابة بشأن الأوضاع السياسية في البلاد والضغوط الإضافية التي يمكن أن تفرضها على أعمالها التجارية. وخلال أيلول ٢٠٢١ انخفض انتاج القطاع الخاص لا سيما النشاط التجاري بوجه عام وبشكل ملحوظ. وأدّى ضعف القوة الشرائية للعملاء إلى أضعاف الطلب. كما ان انعدام الاستقرار السياسي حال دون حصول شركات القطاع الخاص على أعمال مستجدة من الأسواق الدولية ما أدّى إلى انخفاض طلبات التصدير الجديدة وإلى انخفاض حجم الأعمال غير المنجزة بدرجة كبيرة وبأسرع وتيرة».

Leave A Reply